ما الذي يجعل الفلفل الحار حاراً؟
تعرّف على المركبات الكيميائية اللذيذة التي تسحب العرق من الجبين وتجبر العينين على البكاء وتجعل الألسنة تحس وكأنها مشتعلة
”في حين تعلم البشر كيفية تحوير صفات الفلفل، فقد تطورت حرارتها أولاً طبيعياً كآلية دفاعية“
ظلت التوابل جزءاً من طعام البشر لآلاف السنين، والفلفل الحار Chilli peppers هو الآن من المكونات الأساسية للطعام في أجزاء كثيرة من العالم. الفلفل الحار ثمار تنتمي إلى فصيلة الباذنجانيات ،Nightshade family التي تضم أعضاء مثل الطماطم والأفوكادو والبطاطس. ضمن هذه فصيلة يكمن جنس الفليفلة الذي يضم الفلفل، وهي مجموعة من الأنواع الوثيقة الصلة والتي تُزرع بعناية لإنتاج ثمار ذات طيف من النكهات والحرارة. من الفلفل الحلو وفلفل الهلابينو الحار Jalapeño النابض بالحياة إلى الوحشية التي لا هوادة فيها لفلفل منطقة موروغا في ترينيداد الملقب بالعقرب Trinidad Moruga scorpion وحصادة كارولينا ،Carolina Reaper تنطوي أنواع الفلفل على درجات متباينة من التتبيل .Spiciness إن حرارة، أو لذع ،Pungency الفلفل الحار هي نتاج حمضه النووي DNA والبيئة التي ينمو فيها ودرجة نضجه. يمكن تغيير الحمض النووي DNA عن طريق تهجين Cross-breeding نوعين، يليه التكاثر الانتخابي Selective breeding للنسل حيث تستزرع السلالة ذات السمات المرغوبة بشكل أكبر. يمكن أن تؤثر الضغوط الواقعة على الفلفل، مثل درجة حرارته وكمية المياه المتاحة له، أيضاً على لذعه. يصبح الفلفل أيضاً أكثر حرارة عندما ينضج من الأخضر إلى الأحمر.
في حين تعلم البشر كيفية تحوير صفات الفلفل وإثرائها، فقد تطورت حرارتها أولاً طبيعياً كآلية دفاعية. القوارض والثدييات مزودة بمستقبلات في أفواهها تتعرف على مركب الكابسايسين -Capsaicin والمركبات الأخرى المعروفة مجتمعة باسم الكابسايسينويدات Capsaicinoids – المُنتجة بداخل الفلفل الحار. يحيط الكابسايسين بالبذور، والتي يحتاجها النبات لإنبات نسله، ويثير هذا المركب شعوراً حارقاً عندتناوله. يساعد هذا على ثني القوارض والثدييات عن الإفراط في أكله، إذ تشكل الأخيرة تهديداً خاصاً للنبات فهي تطحن البذور وتدمرها أثناء تناولها للثمار. لكن الطيور، التي لا تطحن البذور، لكنها تساعد في نثرها، ليست حساسة للكابسايسين ومن ثمَّ لا تثبّط عن تناولها. يمنع الكابسايسين أيضاً المكروبات من غزو المادة النباتية وتحللها من الداخل.
إذا كان إنتاج الكابسايسين وحرارته اللاذعة قد تطورا لردع الثدييات الجائعة من التهام ثمار الفلفل، فلماذا يأكلها كثير من البشر بشراهة؟ للتوابل دورٌ عملي في الطعام إذ تساعد على منع تلفه، لكن الكثير منا ممن يستمتعون بالتوابل يحبون أيضاً الحرارة الشديدة. في حين يتسبب الكابسايسين في الإحساس بالحرقان وجميع الأعراض المصاحبة له، مثل التعرق والتنفس من الفم، فقد يحفز أيضاً إفراز الإندورفينات Endorphins التي توفر المتعة كوسيلة لمكافحة الألم.
لكن متعة تناول التوابل لا تتوفر لنا جميعاً. لا يحدث إطلاق الإندورفينات لدى الجميع على قدم المساواة، وبالنسبة إلى أولئك الذين لديهم حساسية من التوابل- أو لعشاق التوابل الذين يفرطون في تناولها- قد تنحسر المتعة بسرعة في حين يزداد الألم. مع الأسف، لا ينتهي الضرر الناتج عن الإفراط في تناول التوابل في أفواهنا، حيث يمكن أن يرتبط الكابسايسين بمستقبلات في المعدة والأمعاء. قد يؤدي ذلك إلى حدوث الإسهال لأن أجسادنا تعمل على حماية نفسها بتمرير المركب المهيّج بسرعة عبر الأمعاء بأسرع ما يمكن. وفي حالة التماثل القطبي Polar symmetry الحقيقي، فإن المستقبلات التي تفسر الكابسايسين كحرارة في بداية الجهاز الهضمي توجد أيضاً عند نهايته، ولهذا السبب نشعر أيضاً بالحرقة أثناء التبرز. أخيراً، نظراً لأن الكابسايسين مادة مهيجة تؤثر أيضاً على أعضائنا الخارجية، يمكن للمركبات الوفيرة في الفلفل الحار أن تثير إحساساً بالحرقان عند ملامستها لبشرتنا وأعيننا. قد يكون الفلفل الحار لذيذاً بقدر ما يمكن أن يكون ضاراً؛ تتحدد التجربة التي نمر بها عند تناوله بقدرتنا على تحمله- وعلى كمية الكابسايسين التي تضع مستقبلاتنا في مواجهة التحدي.
مقياس سكوفيل
في عام ،1912 ابتكر ويلبر سكوفيل Wilbur Scoville اختبار سكوفيل المذاقي Scoville Organoleptic Test كوسيلة لقياس كمية الحرارة في الفلفل. تألفت الطريقة التي طورها من جزء كمي وجزء شخصي. جمع سكوفيل اختصاصيين في اختبار التذوق وطلب منهم تذوق محتوى الكابسايسين في الفلفل- المذاب. خفف محلول الكابسايسين باستمرار بماء السكر حتى يتعذر اكتشاف الحرارة، والذي يعبر عنه بوحدات حرارة سكوفيل.Scoville heat units (SHU) يجب تخفيف حبة الفلفل التي تولد 5,000 وحدة حرارة سكوفيل بمقدار 5,000 قبل أن يتعذر اكتشاف أي حرارة. تتراوح حرارة فلفل الهلابينو ما بين 3,000 و10,000 وحدة حرارة سكوفيل، في حين تبلغ حرارة الكابسايسين النقي 16,000,000.
