نواة الأرض تنمو بنمط “لا متناسب”
بقلم: براندون سبيكتور
هناك لغز يختمر في مركز الأرض، ولا يستطيع العلماء رؤيته إلا عند دراسة الموجات الزلزالية Seismic waves- الهزات الجوفية الناتجة عن الزلازل- التي تمر عبر اللب الداخلي Inner core الحديدي الصلب للكوكب. لسببٍ ما تتحرك الموجات عبر اللب بوتيرة أسرع عندما تنتقل بين القطبين الشمالي والجنوبي مقارنة بتحركها عبر خط الاستواء.
لقد علم الباحثون بهذا التناقض المعروف باسم التباين الزلزالي Seismic anisotropy منذ عقود، غيرَ أنهم لم يتوصلوا إلى تفسير يتوافق مع البيانات المتاحة. حاليّاً، باستخدام المحاكاة الحاسوبية لنمو النواة على مدى البليون سنة الماضية، طرحت دراسة حديثة حلاً يبدو مناسباً أخيراً: في كل عام، وبالتدريج، ينمو اللب الداخلي للأرض بنمط “لا متناسب” lopsided، إذ تتشكل بلورات الحديد الجديدة بوتيرة أسرع على الجانب الشرقي من اللب مقارنة بجانبه الغربي.
يقول دانييل فروست Daniel Frost، عالم الزلازل بجامعة كاليفورنيا في بيركلي: “تنقل حركة الحديد السائل في اللب الخارجي الحرارة بعيداً عن اللب الداخلي، مما يؤدي إلى تجمده. أي أن اللب الخارجي يتلقى حرارة من الجانب الشرقي [أسفل إندونيسيا] أكثر مما يتلقى من الغرب [أسفل البرازيل]”.
لتصور هذا النمو اللا متناسب في اللب، تخيلْ جذعَ شجرة به حلقات نمو تُشع من نقطة مركزية. وكما يضيف فروست، لكن “مركز الحلقات ينحرف عن مركز الشجرة” بحيث تتباعد الحلقات بعضها عن بعض على الجانب الشرقي من الشجرة وتقترب بعضها من بعض على الجانب الغربي. قد يبدو المقطع العرضي للب الداخلي للأرض مشابهاً لذلك.
ومع ذلك فإن هذا النمو اللا متناسب لا يعني أن النواة الداخلية نفسها مشوهة أو معرضة لخطر الاختلال. في المتوسط ينمو نصف قطر اللب الداخلي بصورة متسقة بنحو 1مم سنوياً. تصحح الجاذبية النمو اللا متناسب في الشرق بدفع بلورات جديدة نحو الغرب. وهناك تتكتل البلورات في بنى شبكية تمتد بطول المحور الشمالي-الجنوبي للنواة. هذه البنى البلورية، التي تصطف بالتوازي مع قطبي الأرض، هي طرق زلزالية فائقة السرعة تمكن الموجات الزلزالية من التحرك بسرعة أكبر في هذا الاتجاه.
لكن ما الذي يسبب هذا الاضطراب في اللب الداخلي؟ من الصعب معرفة ذلك من دون تفحص جميع طبقات كوكبنا الأخرى. وكما قال فروست: “كل طبقة في الأرض محكومة بما فوقها، وتؤثر فيما تحتها. يتجمد اللب الداخلي ببطء بفعل اللب الخارجي السائل، مثل كرة ثلجية تضيف مزيداً من الطبقات. وبعد ذلك يبرّد اللب الخارجي بفعل الوشاح Mantle الموجود فوقه، لذا فإن طرح السؤال عن سبب نمو اللب الداخلي بوتيرة أسرع من الجانب الآخر قد يطرح سؤالاً عن السبب في أن أحد جانبي الوشاح أبرد من الآخر”.
يمكن إلقاء اللوم جزئياً على الصفائح التكتونية Tectonic plates. عندما تغوص الصفائح التكتونية الباردة عميقاً تحت سطح الأرض في مناطق الاندساس Subduction zones- وهي الأماكن التي تغوص فيها إحدى الصفيحتين تحت الأخرى- فإنها تُبرد الوشاح أسفلها. ومع ذلك، فكونُ تبرُّد الوشاح يمكنه أن يؤثر في اللب الداخلي لا يزال محلَّ خلاف.