معدلات ضربات القلب لممارسي الغوص الحر تنخفض إلى 11 نبضة في الدقيقة
يمكن لممارسي الغوص الحر Free divers، الذين لا يستخدمون معدات التنفس، حبس أنفاسهم أكثر من أربع دقائق والنزول إلى أعماق تزيد على 100م. لكن هذا التحمل الفذ يؤثر سلبًا في قدرة الجسم على ضخ الأكسجين إلى الدماغ عبر الدم. إذا لم يصل الأكسجين الكافي إلى الدماغ، فإن ممارسي الغوص الحر معرَّضون لخطر فقدان الوعي.
قالت إريكا شاغاتاي Erika Schagatay، أستاذة فسيولوجيا الحيوان في جامعة منتصف السويد Mid Sweden University: ”قبل الآن لم يكن من الممكن فهم التأثير في الأدمغة والأجهزة القلبية الوعائية لهؤلاء الغواصين الاستثنائيين في أثناء الغوص العميق، ومدى دفع أولئك البشر لأجسادهم إلى الحدود القصوى إذ أجريت معظم الأبحاث في أثناء محاكاة ظروف الغطس في المختبر”. يمكن أن يصل الغواص إلى نقطة يفقد فيها الوعي بسبب نقص الأكسجين Hypoxic blackout، وسيحتاج الغواص حينئذ إلى الإنقاذ.
ومن الفوائد الرئيسة لهذه الأبحاث تحذير الغطاس وأفراد السلامة من حدوث ”فقدان وشيك للوعي“. لفهم كيفية تأثير هذا العمل الفذ في جسم الإنسان، عدلت شاغاتاي وفريقها جهازًا طبي حيويًا طورته سابقًا شركة أرتينلز الهولندية للأنظمة الطبية Artinls Medical Systems، لتحمُّل الضغط الشديد للمحيطات. الجهاز الطبي الحيوي ،الذي يُستخدم عادة لقياس الوظائف الدماغية، يبث طولين موجيين مختلفَين من الضوء من مصابيح ”ليد“ LED إلى جباه الغواصين لقياس معدل ضربات القلب ومستويات الأكسجين في الدم والدماغ. ونجح الجهاز في العمل في أعماق لتقل عن 107م.
وجد الباحثون أن ممارسي الغوص الحر الذين وصلوا إلى تلك الأعماق قد انخفضت مستويات الأكسجين في أدمغتهم إلى مستويات أقل من تلك الموجودة في الفقمات -فانخفض بعضها بنسبة 25%. قال كريس ماكنايت McKnight ،وهو زميل بحثي في وحدة أبحاث الثدييات البحرية بجامعة سانت أندروز، إن هذا ”يعادل بعضًا من أدنى القيم التي قيست على قمة جبل إيفرست“.
عادة ما تبلغ مستويات الأكسجين في الدماغ نحو 98%، وإذا انخفضت إلى أقل من 50%، فمن المرجح أن يفقد الشخص وعيه. وجد الباح ثون أيضًا أن معدل ضربات قلب الغواصين قد انخفض إلى 11 نبضة/دقيقة. فمع نزول الغواصين تنخفض معدلات ضربات قلوبهم للمساعدة في الحفاظ على مستويات الHكسجين في الدم. وقد انخفضت معدلات ضربات قلب الغواصين إلى نفس معدلات الفقمات والحيتان والدلافين. تُعد هذه المخلوقات البحرية من أفضل الرياضيين في العالم. فمثلًا يمكن أن تحبس الفقمات أنفاسها مدة ساعتين تحت الماء خلال بحثها عن الطعام.
قال ماكنايت : ”إلى جانب الاستجابات الفسيولوجية الاستثنائية التي يظهرها ممارسو الغوص الحر والظروف القصوى التي يمكنهم تحملها، فقد يكونون مجموعة فسيولوجية مفيدة جدًا، فاستجاباتهم الفسيولوجية فريدة من نوعها والظروف التي يتعرضون لها لا يمكن تكرارها بسهولة، ومن ثم فإنهم يزودوننا بطريقة فريدة لفهم كيفية استجابة الجسم لانخفاض الأكسجين في الدم وانخفاض أكسجة الدماغ والتثبيط القلبي الوعائي الحاد“.
ومن ثم يمكن للنتائج أيضًا أن تُطلع الباحثين على كيفية حماية قلوب وأدمغة المرضى الذين يخضعون لعمليات جراحية أو يتعرضون لنوبات قلبية.