فيلهلم كونراد رونتغن Wilhelm Conrad Röntgen هو الولد الوحيد لعائلة من باعة الأقمشة والتجار، لكنه اتبع مهنة مختلفة عن الحرفة التي تناقلها أجيال من عائلته. فعلى الرغم من الاعتراف العالمي به في نهاية المطاف باعتباره عقلية علمية فذة، لم يكن هذا بالضرورة هو الانطباع الذي تركه خلال فترة دراسته. وكان رونتغن معروفاً بتغيبه عن الفصول الدراسية، فكان يفضل الاستكشاف بالخارج على الدراسة الداخلية معظم وقته في الجامعة. لحسن الحظ، ساعده أستاذه على فهم أهمية التزامه بالامتحانات، وحصل رونتغن على الدرجة العلمية التي اعتقد المقربون منه أنه لن يتمكن من الحصول عليها.
شغلت اهتماماته العلمية وقته الخاص- فبعد ترك المدرسة صار مهتماً بدراسة عدد من الموضوعات، ومنها خصائص الغازات وانضغاطية الماء والتأثيرات المغناطيسية للمواد العازلة. وتعتبر هذه المواد موصلات رديئة للتيار الكهربائي، ولذلك لا يتدفق عبرها أي تيار تقريباً عند وضعها في مجال كهربائي. وبدلاً من ذلك، تُزاح شحناتها الموجبة والسالبة.
ومع ذلك، فإن الدراسة الحاسمة التي سطرت اسمه في كتب التاريخ، إضافة إلى تغيير مستقبل التكنولوجيا الطبية، كانت النتائج التي توصل إليها في مجال الأشعة.
كنتيجة غير متوقعة لتجربة أخرى ركزت على تمرير تيار كهربي عبر الغازات، صادف رونتغن الأشعة السينية. وجذبت هذه الموجات الكهرومغناطيسية التي لم تكن موثقة سابقاً انتباه العالِم. كيف يمكن أن يظهر هذا الإشعاع التفاصيل الداخلية لأجسام معينة؟
بعد هذا، بدأ رونتغن باستكشاف مجموعة متنوعة من المواد التي يمكن أن يمر عبرها هذا الشكل غير المألوف من الإشعاع. وبالنظر إلى نشاطها القوي، اكتشف أن الأشعة السينية يمكن أن تمر عبر معظم المواد الصلبة، من الأنسجة البشرية الرخوة إلى البلاستيك والجلد، ولكن تحجبها المواد الأكثر صلابة مثل المعادن والعظام البشرية.
غيرت تطبيقات اكتشافه على الفور الطريقة التي يفحص بها الأطباء الأجسام. ففي غضون عام واحد من نشر رونتغن لورقة بحثية حول النتائج التي توصل إليها، بعنوان “حول نوع جديد من الأشعة”، أُنشئ أول قسم للأشعة في مستشفى غلاسكو Glasgow Hospital. سرعان ما التقط هذا القسم الجديد صوراً بالأشعة السينية لأجسام مثل حصوات الكلى وحتى عملة معدنية عالقة في حلق مريض. فقد منح رونتغن الأطباء ‘رؤية’ أفضل لمرضاهم بطريقة جديدة وسمح لهم بتشخيص أسرع.