أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
أبطال العلوم

هاري هوديني

اكتشف كيف لم يستطع الوسطاء الروحانيون المحتالون الإفلات من أستاذ الهروب

احتشدت الجماهير لمشاهدة هاري هوديني، وجسده معلق رأسا على عقب وكاحلاه مقيدان في عمود التشهير، ومن ثم إنزاله في خزان مملوء بالماء. وبمجرد تثبيت عمود التشهير على طرف الخزان، تنزل ستارة ويتساءل الجمهور بأسره عن كيفية خروجه حياً. وبعد دقائق، سيظهر هوديني المبلل وغير المقيد سالماً من خلف الستارة ليتنفس الجهور الصعداء وينخرط في نوبة من التصفيق الحار. وكانت هذه مجرد واحدة من عمليات الهروب المذهلة لهاري هوديني، والتي ثبت أنها أكثر إثارة للحشود منها لأستاذ الهروب الماهر نفسه. وبعد أن عمل في تصليح الأقفال في سن مبكرة، تعلّم هوديني كيفية فتح أي قفل، وهكذا، بمساعدة من خفة اليد، وبعض المعدات وقدراته الجمبازية، استطاع أن يحرر نفسه من أصعب المواقف دون مشكلات تقريبا.

كان هوديني واحداً من سبعة أطفال، وولد في بودابست، النمسا- المجر، في عام 1874. وقد افتتن بالسحر من سن مبكرة وعمل في عروض السيرك والمسرحيات الهزلية Vaudeville طوال سنوات مراهقته، لكن مهنته لم تصل إلى آفاق جديدة حتى التقى بمارتن بيك في سن الخامسة والعشرين. وقد بدأ جولة في أمريكا وأوروبا، وصار التحرر من مختلف الأصفاد يمثل الجزء الرئيسي من عروضه. وللترويج لعروضه، كثيراً ما كان يعلق نفسه من روافع فوق شوارع المدينة، ويحرّر نفسه من سترة التكتيف على مرأى آلاف الأشخاص في الأسفل. وحقق هوديني شهرة كبيرة بفضل عمليات هروبه الجريئة، لكنه في أواخر حياته صار أكثر اهتماما بتحطيم الأوهام منه بصنعها.

وبعد أن توفيت أمه المحبوبة سيسيليا في عام 1913، تحطّم هوديني واعتقد أنه يستطيع التواصل معها خارج القبر بزيارة الوسطاء الروحانيين. ومع ذلك، فعلى الرغم من معرفته الشخصية بفنون الخداع، فقد غضب من اكتشاف أن جميع من زارهم ممن يطلق عليهم اسم الوسطاء الروحانيين Psychics كانوا مجرد محتالين يستغلون الثكالى بالباطل.

وصار هوديني عضواً في لجنة مجلة ساينتيفيك أمريكان Scientific American وعرض جائزة نقدية لأي شخص يمكنه إظهار قدرات خارقة فعلية. وقد حضر العديد من جلسات استحضار الأرواح لفضح طرقها. وبفضل جهوده، لم يُمنح أحد الجائزة على الإطلاق، لكنه استمر بالاعتقاد بأنه يمكن التحدث إلى الموتى. وحتى وفاته، كان يزور الوسطاء بانتظام على أمل العثور على واحد صادق منهم، حتى أنه أخبر زوجته فيلهلمينا بياتريس راهنر (التي اشتهرت باسم بيس هوديني Bess Houdini) أنه سيحاول الاتصال بها بعد وفاته. ومن المحزن أن ذلك اليوم جاء في وقت مبكر، فقد مات بسبب التهاب الصفاق Peritonitis عندما ناهز عمره 52 سنة فقط. وطوال العقد التالي، ظلت زوجته تنتظر باهتمام رسالته السرية في ذكرى وفاته، لكنها من دون نجاح استسلمت في نهاية المطاف، قائلة: «عشر سنوات هي فترة طويلة بما فيه الكفاية لانتظار أي رجل.»

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى