أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
عين على العالمفضاء

مولد نجم مغناطيسي يشاهد لأول مرة

بقلم: رافي ليتزتر

اصطدم نجمان نيوترونيان Neutron stars معاً بعيداً عن الأرض. فقد أضاءت طاقة اصطدامهما موقعهما من السماء بوميض قصير من أشعة غاما Gamma radiation، تلاه توهج أخفت وأطول أمداً عبر الطيف الكهرومغناطيسي. وبالنظر إلى هذا الضوء المتلاشي، اكتشف الباحثون إشارة غير عادية للأشعة تحت الحمراء، ربما تكون أول توقيع مسجل على الإطلاق لعملاق كوني حديث الولادة، نجم مغناطيسي Magnetar.

النجم المغناطيسي هو نجم نيوتروني ذو مجال مغناطيسي قوي بشكل غير عادي. واكتشف علماء الفلك النجوم المغناطيسية في أماكن أخرى من الكون، لكنهم لم يروا من قبل مولد أحدها. ويشتبه الباحثون في هذا عند ظهور نمط غير معتاد من الضوء الوامض. في البداية، وقع تدفق فائق السطوع من أشعة غاما Burst of gamma radiation (GRB). ثم ظهرت “كيلونوفا” Kilonova المتوهجة التي دامت لفترة أطول، وهي علامة دالة على تصادم النجوم النيوترونية. وكان هذا التوهج أكثر سطوعاً من المعتاد، مما يشير إلى ظاهرة لم يشهدها علماء الفلك من قبل.

لاكتشاف تصادم النجوم النيوترونية، يبحث العلماء عن تدفقات قصيرة فائقة السطوع لأشعة غاما وعن مصادر الضوء المنبعث عن الاصطدام التي تدوم لفترة أطول. وقال وين- فاي فونغ Wen-fai Fong، عالم الفيزياء الفلكية من جامعة نورث وسترن، إنه في ظل الظروف العادية، فإن التوهج المتبقي من اصطدام نجمين نيوترونيين يتكون من جزأين: هناك “توهج لاحق” قصير العمر، والذي يستمر لبضعة أيام وينتج من تسارع المادة مبتعدة عن الاصطدام وعن الارتطام بسرعة عالية بالغبار والغاز بين النجوم. وهناك وهج “كيلونوفا” المنبعث عن الجسيمات المُستثارة التي تدور حول موقع الاصطدام.

اشتمل الحدث الأخير، المسمى الانفجار GRB 200522A، على كيلونوفا مرئي، لكنه كان هناك أمر مختلف. ويعرف العلماء من خلال نماذجهم وملاحظاتهم السابقة مدى سطوع الكيلونوفا. وكان GRB 200522A أشد سطوعاً، خاصة في جزء الأشعة تحت الحمراء من الطيف الكهرومغناطيسي.

قال فونغ: “يمكنني أن أعدّ على يدي عدد الكيلونوفات التي اكتُشفت من تدفقات أشعة غاما القصيرة. لكن هذا كان أشد سطوعاً بعشر مرات من أي منها”. لشرح سبب السطوع الفائق للكيلونوفا، احتاج الباحثون إلى معرفة المكون الجديد الذي وجد في أعقاب اصطدام النجم النيوتروني. وقال فونغ: “لقد عثرنا على نجم مغناطيسي ضخم جداً”. مثل متزلج على الجليد يدور وهو يضم ذراعيه قريباً من جسده، اجتمع النجمان النيوترونيان الدوّاران لتشكيل نجم مغناطيسي سريع الدوران. وتعمل حقوله المغناطيسية القوية كشفرات الخلاط، فتثير جسيمات الكيلونوفا النشطة بالفعل وتجعلها تتوهج أكثر. ولكن هناك تفسيرات أخرى أيضاً.
أحد الاحتمالات هو “الصدمة العكسية” Reverse shock. ربما اصطدمت موجتان من الجسيمات السريعة الحركة من التوهج اللاحق ببعضهما البعض. وإذا كانت الظروف مناسبة تماماً، فقد يحاكي هذا الاصطدام نجماً مغناطيسياً حديث التشكّل. وبالمثل، ربما أدت بعض الجسيمات المشعة المتحللة غير المتوقعة في الكيلونوفا إلى جعل GRB 200522A أكثر سطوعاً. ولكن فونغ قال إن هذين السيناريوهين بعيدا الاحتمال.

قال فونغ إنه بافتراض أن ذلك نجم مغناطيسي، فلابد أن تكشف الملاحظات المستقبلية عن انبعاثات راديوية من الموقع البعيد. ففي يوم ما، يُفترض أن يتمكن تلسكوب جيمس ويب الفضائي من التعمق أكثر في مواقع انفجارات GRB القصيرة، ليكشف عن التفاصيل التي لا تزال غير مرئية لهذه التصادمات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى