لمطابقة الانضباط التنظيمي للقوى العاملة، يجب أن تكون هناك مهارة ودقة في التخطيط والحسابات المطلوبة لمثل هذا المشروع الضخم. وتدور العديد من الأسئلة التي لا تزال محلاً للجدل حتى اليوم حول تفاصيل البناء. على الرغم من وجود أرضية مشتركة مقبولة، فلا تزال هناك خلافات. بالنسبة إلى من حاولوا حل اللغز، كان عليهم أن يفكروا مثل أولئك المصممين والمهندسين المعماريين القدامى ومن ثم طرح بعض الأسئلة الأساسية، مثل ما الذي نحاول تحقيقه وما المعرفة التي لدينا لتنفيذه؟
نحن نعلم أنه في وقت بناء الهرم الأكبر، لم تكن لدى المصريين عجلات، ولم تكن لديهم بكرات أو أدوات حديدية. ولكنهم امتلكوا المعرفة والأدوات اللازمة لقياس مستوى الأسطح والزوايا، وكلاهما ضروري للدقة على نطاق مذهل، حتى بالمعايير الحديثة. أما بالنسبة إلى الأدوات، فقد كانت لديهم الدراية باستخدام الرمل والمواد الكاشطة الأخرى لتحويل منشار نحاسي إلى أداة أكثر فاعلية يمكنها قطع الحجر الجيري اللين نسبياً، وحتى كتل الغرانيت الضخمة بنجاح مدهش.
”كيف حركوا مثل هذه الكتل الضخمة؟“
يتعلق الجدل حول بناء هرم خوفو ببعض الأسئلة البسيطة: كيف حركوا مثل هذه الكتل الضخمة؟ من دون عجلات، من المقبول عموماً أنه كان بإمكانهم بناء مزالج Sleds يمكن سَحْب الكتل الحجرية فوقها، وكانت الأرض تزلّق بالماء لتقليل الاحتكاك. تُعرض مزلجة منها بحالة ممتازة في المتحف المصري بالقاهرة، وهناك أمثلة في زخارف المقابر تُظهر تماثيل سُحبت إلى مكانها على إحداها. فقد كان الأخشاب سلعة نادرة في مصر، حيث كان معظمها يُجلب من لبنان، ومن ثمَّ كانت المزالج تُصان جيداً ويمكن إعادة تدويرها لاستخدامها في عوارض الأسقف أو حتى صنع الأسِرَّة أو الأثاث عندما تنتفي الحاجة إليها.
ربما كان السؤال الأكثر إثارة للجدل على الإطلاق هو كيف نُقلت الكتل الضخمة من الحجر الجيري، وبعد ذلك حتى الكتل الأكبر من الغرانيت، إلى مكانها بدقة مذهلة، مع مفاصل بحجم نصف مم فقط، على صرح يتزايد ارتفاعه عن الأرض أكثر فأكثر. وكانت نقطة البداية الأصلية للبناء هي المستوى الأساسي. في ثمانينات القرن التاسع عشر، مسح السير فليندرز بيتري Flinders Petrie الموقع وخلص إلى أن المنطقة قد حُفرت بقنوات ضحلة وغمرتها المياه بحيث حددت المياه المستوى الحقيقي وأدخلت الأحجار إلى سطح مستو بينهما. طور لينر هذه الفكرة بعد 100 سنة، مع فرضية تقول إن المنطقة المناسبة سوّيت لصنع الأساسات اللازمة. أياً كانت الطريقة التي استخدمت، فإن قاعدة الهرم مسطحة بدقة مذهلة تقع ضمن 15 مم.
يتفق العديد من الخبراء على أنه من أجل وضع مثل هذه الكتل الحجرية الضخمة في مكانها، لابد أنهم استخدموا منحدراً. لكن السؤال الملح هو ما نوعه؟ صار مفهوماً على نطاق واسع الآن أن منحدراً مستقيماً يُقام بزوايا قائمة على الهيكل هو أقل الإجابات احتمالا لحل اللغز. والسبب الرئيسي لذلك هو الحجم الهائل للمنحدر المطلوب – الذي ناهز في ضخامته الهرم نفسه تقريباً – وشدة انحدار الزاوية المطلوبة للوصول إلى النقاط الأعلى، والتي ستكون أبعد من قدرات مزلجة يمكن أن يرسمها البشر.
ربما كان الأقرب احتمالاً هو استخدام منحدر متعرج، والذي يلتف على أحد جانبي الهيكل بأطوال أقصر بزاوية أقل انحداراً. تتمثل المشكلة الرئيسية بإبقائه مثبتاً على السطح الخارجي للهيكل أثناء تزايده في الحجم. عن طريق إدخال منحدر حلزوني، مدعوم بجسم الهيكل نفسه، تغلب المهندسون المعماريون على عدد من العقبات اللوجستية.
في البداية، كانت الزاوية ضحلة بدرجة كافية لسحب الكتل بشكل فعال. ثانياً، لم يكن من الضروري تثبيت المنحدر على السطح الخارجي المائل للهرم، ولكنه سيرتفع فوق كل طبقة مع تزايد الارتفاع. ثالثاً، وضع الجزء العلوي الأخير من الهرم في مكانه باستخدام الرافعات بالطريقة التي وصفها هيرودوت. من أجل إصلاح الطبقة الخارجية النهائية، تمت العملية بكاملها بالعكس، مع تفكيك المنحدر أثناء العمل.
ربما كان الجانب الأكثر إحباطاً حول بناء الأهرامات هو عدم وجود أي سجلات تكشف عن تقنيات البناء المستخدمة فيها. لكن أحدث الأبحاث الجارية تدفع معرفتنا قدماً، وتقربنا من حل اللغز إلى الأبد.
نظريات البناء الكبير
تمثل طرق البناء البديلة موضوعاً ساخناً بين علماء المصريات
الخطوات والرافعات
لو صدقنا كتابات هيرودوت، فإن بناء الأهرامات استند إلى طريقة متدرجة أو، على حد قوله، ”سلالم“. بمجرد وضع أساس الهيكل، وضعت كل طبقة متتالية في مكانها، حيث وضعت كل منها إلى الخلف قليلاً من الحافة لإنشاء حافة ناتئة Ledge يمكن للعمال استخدام الروافع عليها لتحريك الحجر إلى المستوى التالي. بمجرد الوصول إلى القمة، وضعت الطبقة الخارجية من الحجر الجيري الأبيض اللامع في مكانها بترتيب تنازلي لتكوين سطح خارجي أملس. ولكن الزاوية المطلقة التي يجب أن ترفع بها الكتل والوقت الذي ستستغرقه يجعل هذه الطريقة أقل معقولية.
الكتل الخرسانية
يدعي العالم جوزيف دافيدوفيتس Joseph Davidovits أن غالبية الكتل المستخدمة في الهرم الأكبر لم تُستخرج من محاجر على الإطلاق ولكنها شُكّلت باستخدام نوع من خرسانة الحجر الجيري التي بدت لاحقاً ككتلة من الحجر الجيري. عمل ذلك على تقليل أي نقل للكتل الثقيلة حيث كانت تُصنع في الموقع ويُعاد استخدام القوالب. لكن فرضيته لم تلق قبولاً لدى التيار السائد من علماء المصريات. لو أتيحت هذه الفرصة للعمال، فلابد أنهم كانوا سيجعلون الحواف مستقيمة، لكن معظم الكتل غير منتظمة الشكل والحجم، كما تظهر عليها علامات الحفر بالإزميل وأدوات البناء.
منحدر داخلي
طرح المهندس المعماري الفرنسي جان-بيير هودانJean-Pierre Houdin فرضية مفادها أن المنحدر المستخدم كان داخلياً. بطريقة المنحدر الحلزوني نفسها، بزاوية 7 درجات، يدّعي هودان أن الكتل الخارجية قد وضعت في مكانها أولاً لضمان دقة التشطيب السلس الزاوية للهرم، مع دوران المنحدر حول الهرم بداخل جداره الخارجي، مما سمح للبناة بالتشييد على كلا الجانبين. سمحت الفجوات الموجودة على كل من الزوايا بقَلْب الكتل بزوايا قائمة وحملها صعوداً عبر المنحدر. لم يُعثر على منحدر داخلي، على الرغم من وجود فجوة غير عادية وغير مفسرة في أحد أركان الهرم لم تُستكشف بعد.
سر الملك المقدس
الكشف عن مثوى خوفو الأخير
يختلف الهرم المكتمل ومكان الراحة الأخير للفرعون خوفو من نواحٍ عديدة عن الأمثلة الأخرى للمباني التي استُخدمت كغرف دفن، مما أدى إلى تكهنات بشأن الغرض الفعلي من استخدامه. فقد حرمتنا آلاف السنين من النهب وسرقة القبور من دراسة المومياء والممتلكات الجنائزية التي كانت بداخله، مما قلّص معرفتنا بما استُخدمت الغرف الفردية فيه.
”يظل الغرض منها لغزا“