كيف سيغير الذكاء الاصطناعي مستقبلك؟
لم يعد الذكاء الاصطناعي مادة للخيال العلمي. تعرّف على الطرق العديدة لتغيير عالمنا
استخدم عالم الحاسوب الأمريكي جون مكارثي John McCarthy مصطلح ”الذكاء الاصطناعي“ Artificial Intelligence لأول مرة في عام1955 ويتعلق بعلم جعل الآلات ”ذكية“. لكن الذكاء الاصطناعي ليس تكنولوجيا حديثة – فقد وجد هذا المفهوم منذ أوائل القرن العشرين كبرامج أساسية لحل المعادلات الرياضياتية. فقد اشتهر عالم المنطق البريطاني آلان تورينغ Alan Turing باختراق الشيفرة العسكرية الألمانية خلال الحرب العالمية الثانية، لكنه صمم أيضاً واحدة من أولى الآلات ”الذكية“، والمعروفة الآن بآلة تورينغ Turing machine. صُنع هذا الجهاز الذي تحركه أشرطة لحل العمليات الحسابية البسيطة مثل تحديد الجذر التربيعي للأرقام الكبيرة، ويمكنه أيضاً حل أحجية سودوكو.
بيعت 82 مليون وحدة
من جهاز أمازون إيكو
Amazon Echo
في عام 2022
آلة التفكير
قد يبدو مفهوم الذكاء الاصطناعي وكأنه مشروع تكنولوجي حديث، ولكن أول جهاز تقني شُبّه بالذكاء البشري صنعه في عام 1956 رائدا علوم الحاسوب هربرت أيه. سايمون Herbert A. Simon وألين نيويل .Allen Newell والمعروف أيضاً بـ”آلة التفكير“، كان المنظّر المنطقي Logic Theorist عبارة عن برنامج حاسوبي لحل الفرضيات الرياضياتية المدرجة في مجموعة من كتب الرياضيات التأسيسية بعنوان مبادئ الرياضيات Principia Mathematica، والتي ألّفها ألفريد نورث وايتهيد Alfred North Whitehead وبرتراند راسل .Bertrand Russell من بين 52 فرضية أو نظرية تضمنتها الكتب، أثبت المُنظِّر المنطقي صحة 38 منها، بل قدم إجابة عن إحدى النظريات بصورة أعمق مما طرح مبتكروها.
الذكاء الاصطناعي المحدود ARTIFICIAL NARROW INTELLIGENCE (ANI)
قدرة الذكاء الاصطناعي على أداء مهمة واحدة وإكمالها. يمكن أن تشمل هذه المهام التعرف على الوجوه أو تصفح الإنترنت أو لعب ألعاب مثل الشطرنج. على الرغم من تصنيفها على أنها ذكية، إلا أن أنظمة الذكاء الاصطناعي هذه تقتصر على مهمتها المبرمجة.
الذكاء الاصطناعي العام ARTIFICIAL GENERAL INTELLIGENCE (AGI)
الغرض من الذكاء الاصطناعي العام هو أداء مهمة ما بطريقة مماثلة لما يفعل البشر. نظرياً، يستنسخ هذا الذكاء الدماغ البشري وقدرته على تحليل المنبهات المتعددة والاستجابة لها في الوقت نفسه. فلا يزال هذا نوعاً ناشئاً من الذكاء الاصطناعي ولم يتحقق بالكامل بعد.
الذكاء الاصطناعي الخارق ARTIFICIAL SUPER INTELLIGENCE (ASI)
عند النقطة التي يحل فيها برنامج الذكاء الاصطناعي محل القدرة الإدراكية البشرية ويمكنه أن ”يفكر بنفسه“، سيصبح ذكاء اصطناعياً خارقاً. قد يفكر نظام الذكاء الاصطناعي الخارق نظرياً بشكل غير اعتيادي ويحقق أشياء ربما لا يحققها إنسان فرد.
يُستخدم الذكاء الاصطناعي أيضاً في السيارات الذاتية القيادة وللتحكم في حركة المرور. في سيارات تيسلا، يستخدم الذكاء الاصطناعي لتوقع حركة الأشياء حول المركبات، مثل المشاة وراكبي الدراجات. وكذلك صنعت شركات السيارات، بما في ذلك تيسلا، آلاف المركبات ذاتية القيادة باستخدام برمجيات الذكاء الاصطناعي، والتي دربتها حواسيب تيسلا الفائقة. وقد طُوّرت برمجيات تيسلا للذكاء الاصطناعي لتصفح اللقطات الأولية أثناء القيادة واكتشاف عوائق الطرق المحتملة، ومخططات الطرق، وغير ذلك الكثير. يستغرق بناء واحدة من الشبكات العصبية الكاملة لنظام القيادة الآلية من تيسلا 70,000 ساعة من تدريب وحدة معالجة الرسوميات GPU.
حالياً، ينقسم الذكاء الاصطناعي إلى مستويات مختلفة من القدرة. يعد إكمال مهمة واحدة هو المستوى الأساسي، والذي قد يتراوح بين التعرف على الصوت إلى العثور على المعلومات عبر الإنترنت أو الإعلانات المخصصة أو حتى التنبؤ بالطقس. يختلف الذكاء الاصطناعي عن الدماغ في مدى تعقيد كل منهما. في حين أن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي قد تكون ”أكثر ذكاءً“ من الإنسان بفضل ثروة المعلومات المتوفرة لها – الإنترنت في الأساس – إلا أنها بعيدة تماماً عن محاكاة التفكير المتشعب للدماغ البشري. في الوقت الحاضر، يُطلق على واحدة من أكثر الأجزاء تقدماً في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي العام اسم غاتو .Gatoأنشئ غاتو من قبل ديب مايند ،DeepMindوهو نموذج للذكاء الاصطناعي أنشئ لحل العديد من المشكلات غير ذات الصلة وأداء مئات المهام المختلفة، مثل المعالجة اللغوية وممارسة ألعاب الفيديو والتعرف على الصور.
يرتبط الذكاء الاصطناعي العام في الثقافة الشعبية بصعود إمبراطورية من الروبوتات أو تحوّل مساعد محبوب يعمل بالذكاء اصطناعي إلى آخر سيئ. في الواقع، يظل الذكاء الاصطناعي أداة برمجية مفيدة في كل من عالم التجارة وعالم الأعمال، مع عدد قليل فقط من الأمثلة على التكنولوجيا التي تدمج في الروبوتات البشرية، مثل أميكا.Ameca ويعمل أميكا بواسطة عدة برمجيات لمنحه القدرة على التفاعل مع البشر. واحدة من هذه التقنيات هي ”تن مان“ TinMan، وهي تكنولوجيا للوجود عن بُعد تمنح أميكا القدرة على التعرف على الوجوه وإدراك المسافة النسبية وإجراء محادثات مع البشر.
يتسم أميكا بتصميم مؤلف من وحدات نموذجية ،Modular design ومن ثمَّ يمكن تخصيص وظائف وقدرات الذكاء الاصطناعي التي يتميز بها وفقاً لاحتياجات الشركات التي تشتريه. حتى الآن، استُخدم أميكا للترفيه والتواصل الاجتماعي، على الرغم من وجود الكثير من الفرص للتفاعل البشري. في الوقت الحالي، يقتصر أميكا على التواصل، والتعبيرات الوجهية وحركات الذراعين. لكن واحدة من المراحل التالية لتطوره ستشمل تضمين القدرة على استخدام ساقيه للمشي.
وبالمثل، فإن أحد أحدث مشروعات إيلون ماسك Elon Musk التقنية هو روبوت بشري يسمى أوبتيموس Optimus. على الرغم من أن أوبتيموس يتشارك بعض برمجيات الذكاء الاصطناعي مع مركبات تيسلا، إلا أن ماسك يقول إن الروبوتات الموجودة حالياً ”تفتقر إلى دماغ“ ولا يمكنها التنقل في العالم مثل البشر. وخارج نطاق الذكاء العام، عندما يتجاوز جزء من الذكاء الاصطناعي قدرته على اتخاذ القرارات عموماً والتفاعل مع بيئته، يأمل العديد من مهندسي الذكاء الاصطناعي بأنه قد يحل محل الذكاء البشري في أحد الأيام، على الرغم من أن العلماء بعيدون عن صنع الذكاء الاصطناعي يمكنها التفوق على الوظائف المعقدة للدماغ البشري.
إلى جانب المهام اليومية المتمثلة في تفقّد حالة الطقس بمساعدة جهاز مساعد منزلي أو تصفح وسائل التواصل الاجتماعي، يمتلك الذكاء الاصطناعي القدرة على التقدم بسرعة في المجالات الحيوية في المجتمع، بما في ذلك الرعاية الصحية. ويتمثل الدور الأساسي للطبيب بتشخيص وعلاج عدد لا يُحصى من أمراض وعلل البشر في العالم. تعتمد قدرتهم على القيام بذلك على سنوات من التعليم والتدريب للتعرف على علامات وأعراض هذه الأمراض. ولكن ماذا لو كان بإمكانك تعليم برنامج يعمل بالذكاء الاصطناعي أن يفعل الشيء نفسه؟
وضع العلماء في المعهد الوطني للسرطانNational Cancer Institute خوارزمية ذكاء اصطناعي لتشخيص السرطان دون تدخل بشري قيد الاختبار. باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي Magnetic resonance imaging (اختصاراً: التصويرMRI )، حلل برنامج الذكاء الاصطناعي آلاف الصور الشعاعية لأعضاء سليمة، مثل الدماغ والبروستاتا، إلى جانب صور أعضاء مصابة بالسرطان. بمرور الوقت، تطور البرنامج للتعرف على السرطانات في الأشعة وتزويد الأطباء بعينين إضافيتين، ليكون بمثابة ”خبير افتراضي“ يُرشد تدريب أطباء الأشعة. واستخدم الباحثون في إمبريال كوليدج لندنImperial College London أيضاً الذكاء الاصطناعي لتطوير وتجريب منظومة برين وير BrainWear، وهو نظام يراقب تقدم أورام الدماغ. للتشخيص بالذكاء الاصطناعي تأثيرات بالغة الأهمية، لكن عالم الرعاية الصحية الذي يديره الذكاء الاصطناعي لا يزال ضرباً من الخيال في الوقت الحالي. على الرغم من أن اتساع قدرتها التشخيصية يمكن أن يتجاوز قدرات تخزين ذاكرة الدماغ البشري، فإن القرارات المتعلقة بالعلاج تظل في أيدي الأطباء البشريين.
تمتد استخدامات الذكاء الاصطناعي أيضاً إلى ما وراء جدران المستشفيات وإلى ساحة المعركة. حالياً، تستكشف القوات المسلحة حول العالم إمكانية استخدام الذكاء الاصطناعي بطريقتين. أولاً، للمهام الاستطلاعية مثل تحديد هدف عن طريق درون أو كاميرات آلية. والثاني هو دورها في الحركة المستقلة وتجنب العوائق، مثل روبوتات التخلص من القنابل والدرونات الهجومية. ويظل الاستخدام الحديث للذكاء الاصطناعي في الجيوش أداة تعمل جنباً إلى جنب مع الجنود البشريين لتنفيذ العمليات والمهام. لا توجد أمثلة حالية على روبوتات أو درونات ذاتية التحكم تماماً يتحكم فيها الذكاء الاصطناعي وتمتلك قدرات مميتة – فلا تزال بحاجة إلى وحدة تحكم بشرية.
1 المعلومات الاستخباراتية
يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لاكتشاف التهديدات المحتملة عبر البر والبحر والسماء.
2 التخلص من القنابل
يستطيع الذكاء الاصطناعي والروبوتات المستقلة في القوات المسلحة دخول المناطق الخطرة ونزع فتيل التهديدات دون المخاطرة بحياة البشر.
3 الدرونات
يعمل الذكاء الاصطناعي وطيارو الدرونات معاً لتحديد الأهداف بدقة لأغراض المراقبة أو الضربات الجوية.
4 الأفراد
يقدم الذكاء الاصطناعي أيضاً يد المساعدة في الموارد الإدارية العسكرية، مثل حساب العدد الصحيح من أفراد الطاقم الطبي اللازمين.
5 التدريب
يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي والمحاكاة الافتراضية في التدريب القتالي لعرض سيناريوهات واقعية وتفاعلية يتعلم الجنود منها.
الذكاء الاصطناعي في الفضاء
كيف يمد ”سيمون“ يد المساعدة لمحطة الفضاء الدولية
استكشاف الفضاء
تعرف على “سيمون” CIMON، وهو اختصار “الرفيق التفاعلي النقال لأفراد الطاقم” Crew Interactive Mobile Companion، والذي يتحرك حالياً حول محطة الفضاء الدولية International Space Station (اختصاراً: المحطة ISS)، وهو أول ذكاء اصطناعي يعمل خارج الغلاف الجوي للأرض وينتقل إلى الفضاء. فقد صنعت “سيمون” CIMON وكالة الفضاء الألمانية German Space Agency وشركتا إيرباص Airbus وآي بي إم IBM للمساعدة على البحث والتجريب على متن المحطة. “سيمون” CIMON هو حاسوب كروي حر التحليق، وانضم إلى رواد فضاء المحطة ISS في أبريل 2020. وتمكنه برامج الذكاء الاصطناعي من تنفيذ مهام مثل قراءة التعليمات والبحث عن المعلومات وتدوين الملاحظات حول تجارب المحطة ISS. كما يقلل وجود “سيمون” CIMON من ضغوط العمل في ظروف الانعزال عن طريق تقديم الدعم الاجتماعي. يعتمد الروبوت على مركز بيانات أرضي. في تطوراته المستقبلية، يأمل العلماء بجعله مستقلاً للاستخدام في البعثات إلى القمر والمريخ وما وراءهما.
أنواع الذكاء الاصطناعي
موسيقى تتعلمها الآلات
يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لإتقان النوتات الموسيقية والمساعدة على تأليف الأغاني. وتستخدم شركات مثل أمبر للموسيقى Amper Music مؤلفي الذكاء الاصطناعي لإنشاء أصوات فريدة في ثوانٍ. نوتة وراء نوتة، يمكن تغذية “أمبر” بالمراجع الموسيقية من جميع الأنواع لمساعدة المستخدم على تأليف أغنية جديدة أو تزويده بلحن لتحرير مقاطع الفيديو.
رقصات صممتها الحواسيب
استكشفت غوغل Google إمكانية تعليم الذكاء الاصطناعي الرقص وتصميم الرقصات الجديدة. وبعد تحليل مئات الساعات من مقاطع الرقص، أنتجت أداة الذكاء الاصطناعي تسلسلات مختلفة لتصميم الرقصات للاختيار من بينها. وبالمثل، طوّرت برامج التدريب على الباليه المدعومة بالذكاء الاصطناعي لمراقبة وضعية الراقصين وتصحيحها في الزمن الحقيقي.
الرسم بالخوارزميات
غزا الذكاء الاصطناعي عالم الفن عن طريق برامج توليد الصور وحتى رسام بشري يُدعى “أيدا” Ai-Da. وصنع “أيدا” في عام 2019، ويستخدم الخوارزميات وكاميرات بمثابة عيون وأذرع روبوتية لإنتاج أعمال فنية جميلة. فعلى الرغم من أن الفن عملية شخصية وملهَمة، إلا أن “أيدا” يستلهم تأثيراته من آلاف الصور عبر الإنترنت لإنشاء عمل فني أصلي.
بقلم: سكوت داتفيلد