صعود روبوتات المحادثة
كيف تجعل التطورات في الذكاء الاصطناعي بوتات المحادثة اليومية أذكى من أي وقت مضى
كان أول ذكاء اصطناعي هو برنامج
حاسوبي يمكنه لعب لعبة الدامة Checkers.
بوتات المحادثة هي برمجيات حاسوبية تستجيب لنا بالطريقة التي يستجيب بها إنسان عندما نتحدث إليه، إما عن طريق الكتابة أو الكلام. يمكن لبوتات المحادثة أن تجيب عن أسئلتنا، وتساعد في تنظيم مواعيدنا، وتشغيل موسيقانا المفضلة، وكتابة الشعر، وتصميم الصور، والتحكم في منازلنا الذكية وحتى تقديم النصائح. فكّر فيها كوجه ودود يغطي جميع التعليمات البرمجية الباردة والمرقمنة التي تؤلف قواعد البيانات والخوادم التي تشكل التكنولوجيا التي بني عليها عالمنا الحديث. فمثلاً، يمكن لبوت المحادثة أن يعمل كمسؤول خدمة عملاء في الشركة المزودة لخدمات هاتفك النقال. بدلاً من الاضطرار إلى البحث في الكثير من قواعد البيانات وجداول البيانات المختلفة لمعرفة ما تحتاج إلى معرفته – مثل قيمة فاتورة الهاتف في الشهر الماضي – ما عليك سوى أن تسأل بوت المحادثة.
يحلّل بوت المحادثة سؤالك ويضعه في السياق باستخدام الذكاء الاصطناعي Artificial intelligence (اختصارا: الذكاء AI) لمعرفة ما تريده، وبعد ذلك ينفذ بوت المحادثة كل عمليات الغربلة هذه نيابة عنك. يمر بوت المحادثة عبر جميع أنظمة المكاتب الخلفية في شركة الهواتف النقالة ليزودك بإجابة بسيطة – تماماً كما لو كنت تتحدث إلى إنسان، ولكن بوتيرة أسرع. الأمر الذي تغير هو مدى التطور الذي بلغته بوتات المحادثة هذه. من المؤكد أن طرح سؤال بسيط حول فاتورتك يتطلب إجابة بسيطة، لكن ماذا لو طلبت منها تصميم نوع جديد من السيارات، أو كتابة رواية كاملة نيابة عنك، أو حتى الخضوع لامتحان في كلية الحقوق بدلاً منك أثناء ذهابك إلى المقهى؟ في الوقت الحالي، يمكنها القيام بكل هذه الأمور أيضا، وأكثر من ذلك بكثير.
شهد دمج التطورات في معالجة اللغة الطبيعية Natural language processing (اختصاراً: المعالجة NLP) بالذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة Machine learning (اختصاراً: التعلم ML) ففزات هائلة إلى الأمام في العام الماضي وحده. هذه التطورات تجعل الناس يتساءلون عن المدى الذي يمكن أن تتقدم فيه بوتات المحادثة، وما الأدوار التي يمكن أن تؤديها في المجتمع الأوسع وكيف يمكن أن يؤثر ذلك فينا جميعاً. ربما سمعت عن آلان تورينغ Alan Turing، من مركز الاستخبارات الشهير في بلتشلي بارك ،Bletchley Park فهو أحد أبطال الحرب وواحد من مؤسسي علوم الحاسوب الحديثة. صمم تورينغ حواسيب مبكرة لفك الشيفرة الألمانية في الحرب العالمية الثانية، مما ساعد على انتصار الحلفاء في الحرب. وضع تورينغ الأساس لكيفية فهمنا لبرامج المحادثة الحديثة. في خمسينات القرن العشرين، تساءل عما إذا كانت الحواسيب ستتمكن من التفكير في يوم ما، فابتكر ما عرف بـ”اختبار تورينغ“ ،Turing test وهي طريقة لاختبار ذكاء الحاسوب عن طريق معرفة ما إن كان بإمكان إنسان التمييز بين استجاباته واستجابات إنسان آخر. استهل ذلك فرعاً جديداً من علوم الحاسوب يعتمد على الآلات التي يمكن أن تحاكي استجابات البشر.
ظهر أول مثال حقيقي على ذلك في عام 1966 مع ”إليزا“ ELIZAالذي طوره جوزيف وايزنباوم Joseph Weizenbaum ، العالم بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، والمصمّم لمحاكاة استجابات معالج نفسي. عندما يكتب المستخدم شيئاً ما، تكتشف إليزا كلمات مفتاحية بعينها وتكتب ردوداً مبرمجة مسبقاً. بعد مضي بضعة عقود ظهرت شبكة الإنترنت، فوجدتها الشركات فرصة لتطوير بوتات محادثة حديثة يمكنها تنفيذ مهام مثل الرد على استفسارات العملاء.
1 الذكاء الاصطناعي ARTIFICIAL INTELLIGENCEالذكاء الاصطناعي هو مصطلح شامل، لكن تندرج تحته الكثير من التقنيات المختلفة التي تعمل معاً لجعله ذكياً.
2 التعلم العميق DEEP LEARNING
يستخدم التعلم العميق الشبكات العصبية الاصطناعية التي تمكّن الذكاء الاصطناعي من التعلم بطريقة مشابهة للدماغ البشري.
3 تعلم الآلة MACHINE LEARNING
يستخدم الخوارزميات لفحص البيانات وتحديد الأنماط واتخاذ القرارات بأقل قدر من المدخلات البشرية.
4 البرمجة اللغوية العصبية NLP
إحدى مكونات دماغ بوت المحادثة، والتي تمكّنه من تحليل وتوليف اللغة البشرية.
5 تحليلات المشاعر SENTIMENT ANALYTICS
يمكن للذكاء الاصطناعي المتطور معرفة المعنى الكامن وراء السؤال وفي أي سياق طرحته.
أواخر التسعينات أن يتعرف على المشاعر.
في السنوات الأخيرة، تبارت الشركات الكبرى في تطوير روبوتات المحادثة. طرحت شركة أبل ”سيري“ Siri، وهو مساعد افتراضي يفعّل صوتياً من هواتف أيفون iPhone في حين طورت غوغل أسيستانت Google Assistant شركة غوغل، وهو مساعد بالذكاء الاصطناعي للمحادثة. يمكن لهذه البرامج المساعدة أن تجيب عن الأسئلة وتنظيم يومك وتشغيل الموسيقى ومساعدتك على العثور على طريقك في مدينة غير مألوفة بالنسبة إليك. لا يمكن لكثير منا الاستغناء عنها.
لكن برامج المحادثة الآلية كانت دائماً محدودة من حيث دقة ما يمكنها فعله، فهي ليست بشراً ولا يمكنها فهم السياق والمعنى وراء السؤال، ولا يمكنها أن تكون مبدعة على وجه الخصوص. لكن جيلاً جديداً من بوتات المحادثة غيّر كل ذلك. يعد شات جي بي تي ChatGPT، الذي صممته شركة أوبن إيه آي OpenAI الناشئة للتكنولوجيا، أحد برامج المحادثة الحديثة هذه. أطلق ChatGPT في نوفمبر 2022، وفي غضون شهرين فقط، استقطب أكثر من 100 مليون مستخدم نشط وصار خدمة الإنترنت الأسرع نمواً على الإطلاق.
إنشاء بوت دردشة بالذكاء الاصطناعي
كيف كانت تجربة ولادة ذكاء اصطناعي جديد ورائد؟ يخبرنا أندرو ماين Andrew Mayne، خبير التواصل العلمي في شركة أوبن إيه آي
كيف كان شعورك عندما أدركت ما حققته مع ChatGPT؟
لقد عيّنت في أوائل عام 2020 للتجريب مع GPT-3. لقد شعرت بالذهول بسبب تفوق قدراته على GPT-2. كان كل يوم شيئاً مميزاً. أتذكر تجاربي على تنفيذ أمر ”اشرح هذا لطفل عمره عشر سنوات“، والتفكير في نوع التأثير الذي يمكن أن يحدثه هذا في فهم جميع المعلومات التي تغمرنا. وضعت العديد من الأوامر وأجريت محادثات طويلة، وظللت أفكر، إذا كان هذا هو ما نحن عليه الآن، فكيف سيكون الحال في غضون خمس سنوات؟ إن مجرد رؤية مدى تقدم الأمور يذهلني.
ماذا تقول للأشخاص الذين يخشون الذكاء الاصطناعي؟
ليس هناك شك في أن الذكاء الاصطناعي سيكون له تأثير هائل، ولن يكون كل ذلك إيجابياً. أعتقد أن أفضل نهج هو أن يعرف الناس المزيد عن الوضع الحالي للذكاء الاصطناعي، وما يمكن أن يفعله، وحدوده وكيف سيؤثر في الأشياء. نحن نفتقر إلى المعلمين والاختصاصيين الطبيين وغيرهم من الخبراء. يمتلك الذكاء الاصطناعي القدرة على منح الناس في معظم أنحاء العالم الأشياء التي نعتبرها من المسلمات.
ماذا تحمل السنوات الخمس المقبلة؟
كلما تعلم المزيد من الأشخاص كيفية استخدام هذه الأدوات وصارت أكثر قدرة، سنراها في كل مكان. تماماً مثلما صار البحث على الإنترنت الطريقة العادية للتفاعل مع أي شيء عبر الإنترنت، أعتقد أن ChatGPT والأنظمة المشابهة لها ستكون لا غنى عنها فحسب.
لكن كيف يعمل؟ هناك تلميح في الاسم؛ فاختصار GPT يعني المحول التوليدي المدرب مسبقاً .Generative pre-trained transformerيعني ”توليدي“ أنه يتعلم من البيانات الموجودة لإنشاء محتوى جديد، ويعني التدريب المسبق أنه زوّد بالكثير من البيانات من مصادر مختلفة، مثل القواعد اللغوية، والحقائق، والأرقام، والأنماط اللغوية والمزيد، إضافة إلى الكثير من الحقائق الأخرى من الإنترنت. أما شق ”المحول“ فيتعلق بشيء يسمى البنية المعمارية القائمة على المحولات Transformer-based architecture، والتي تمكنه من معالجة كميات هائلة من البيانات.
1950
طور آلان تورينغ ”اختبار تورينغ“ لمعرفة ما إن كان بإمكان البشر التمييز بين استجابات الآلات والبشر.
1966
استخدم برنامج ”إليزا“، الذي صممه البروفيسور جوزيف ويزنباوم، الأستاذ في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، مطابقة الأنماط لإجراء مناقشات علاجية مع إنسان.
1972
أنشأ الطبيب النفسي الأمريكي كينيث كولبي Kenneth Colby وصمّم الروبوت ”باري“ PARRY لمحاكاة مريض مصاب بالفصام.
1988
أنشأ المطور البريطاني رولو كاربنتر Rollo Carpenter الروبوت ”جابرواكي“ Jabberwacky، بهدف محاكاة المحادثة البشرية بطريقة مسلية.
1995
أليس A.L.I.C.E. طوّر ريتشارد والاس Richard Wallace”أليس“، وهي اختصار ”كيان حاسوب الإنترنت اللغوي الاصطناعي“ ،Artificial Linguistic Internet Computer Entity لمحاكاة المحادثة مع شخص حقيقي عبر الإنترنت.
2001
يعتبر سمارتر تشايلدSmarterChild على نطاق واسع بمثابة سلف لسيري، وكان متاحاً على خدمتي AIM وإم إس إن مسنجر MSN Messengerويمكنه أن يوفر وصولاً سريعاً للبيانات وإجراء محادثات مع المستخدمين.
2010
ابتكرت شركة أبل ”سيري“ لنظام التشغيل .iOS كان سيري مساعداً شخصياً ذكياً يستخدم اللغة الطبيعية، وساعد على إطلاق جيل جديد من بوتات المحادثة بالذكاء الاصطناعي.
2012
أطلق غوغل ناو Google Now في هذه السنة، والذي يمكنه الإجابة عن الأسئلة وتنفيذ الإجراءات استجابة لطلبات المستخدمين. استُبدل النظام بغوغل أسيستانت في عام .2017
2014
عرض ”كورتانا“ Cortanaلأول مرة في مؤتمر للمطورين، ودُمج بشكل مباشر في هواتف ويندوز والحواسيب التي تعمل بنظام ويندوز تن Windows 10، وأطلقت شركة أمازون ”أليكسا“ Alexa في العام نفسه.
2022
كشفت شركة أوبن إيه آي OpenAIالنقاب عنChatGPT ، المصمّم لإنشاء نص يشبه النصوص البشرية استجابة لمدخلات المستخدمين.
خلاصة القول هي أن ChatGPT يمكنه أن يجيب بمستوى من الدقة وحتى الإبداع لم يسبق له مثيل من قبل؛ فبإمكانه كتابة مقالات في ثوانٍ، وإنشاء كود حاسوبي، والإجابة عن أسئلة الامتحانات، وتأليف كلمات الأغاني، وإنشاء تطبيقات وظيفية، وحلّ المسائل العلمية المعقدة، وتقديم المشورة، من بين أشياء أخرى كثيرة.
1 التكنولوجيا
يمكن لعمال مثل واضعي كودات ومبرمجي الحاسوب أن يفقدوا وظائفهم لأن الذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT يمكن أن ينتج الكودات بوتيرة أسرع من البشر وبدقة متزايدة.
2 الكتاب والصحافيون
يتمتع ChatGPT بمهارة في الكتابة تمكّنه من التكيف مع الأنماط المختلفة، ومن ثمَّ فقد يحل محل الكتاب والصحافيين في وقت قريب.
3 الموظفون الإداريون
هناك مجموعة كاملة من أعمال المكاتب الخلفية، والتي يمكن للذكاء الاصطناعي تنفيذها، من جدولة المواعيد وإجراء الحجوزات وإنشاء المستندات وكتابة محاضر الاجتماعات. قد يؤدي هذا إلى استبدال الموظفين الإداريين والمساعدين في عدد كبير من الصناعات.
4 المعلمون
يمكن لـChatGPT الإجابة عن طيف واسع من الأسئلة وشرحها للناس، مع تعديل الإجابات وفقاً لأعمارهم وقدراتهم، وهي مجموعة مثالية من المهارات لمعلم اصطناعي.
5 المصممون
صار الذكاء الاصطناعي ماهراً بصورة متزايدة في إنشاء الصور الثابتة ومقاطع الفيديو. يمكنك أن تطلب إلى بوت المحادثة إنشاء أشياء مثل ”صورة ميكي ماوس بأسلوب رامبرانت“ ويمكنه القيام بعمل جيد جداً.
لا يمكن تمييز معظم هذه المهام فعلياً عن كيفية قيام البشر بها، بل إنها في كثير من الحالات تكون أفضل وأسرع مما نستطيع.
لا تعمل جميع بوتات المحادثة بالطريقة نفسها تماماً، وهناك الكثير من الأساليب المختلفة التي تُستخدم لجعلها أكثر ذكاءً وأسهل على الأشخاص للتفاعل معها. تتمتع بوتات المحادثة التوليدية مثل ChatGPT بإمكانية الوصول إلى الكثير من البيانات والمعلومات النصية المستمدة من مصادر مختلفة، بما في ذلك الإنترنت كما كان في عام 2021، وبعدها يستخدم الذكاء الاصطناعي لمعرفة ما تطلبه ثم يجمع المعلومات معاً من أجلك. تدمج بوتات المحادثة المتعددة الأنماط النص مع الأنواع الأخرى من الوسائط، مثل مقاطع الفيديو والصور.
وهي تستخدم في التجارة الإلكترونية ويمكنها الإجابة عن أسئلة العملاء حول أمور مثل صور المنتجات. تستخدم بوتات المحادثة التخاطبية Conversational chatbots الذكاء الاصطناعي لمحاولة اكتشاف ما تقوله في سياق ما حديثك، مما يمكّنها من تقديم إجابات شخصية على أسئلتك، والتي تبدو جميعها طبيعية وبشرية.
هل يجب أن نخاف من بوتات المحادثة؟ تحدث رئيس شركة أوبن إيه آي، سام ألتمان Sam Altman، وهو الرجل الذي يقف وراء ChatGPT، عن مخاوفه بشأن كيفية إساءة استخدام هذه التكنولوجيا، فذكر لمجلس الشيوخ الأمريكي: ”إن أسوأ مخاوفي هو أننا، في هذا المجال، وفي قطاع التكنولوجيا، والصناعة، نتسبب في ضرر كبير للعالم. إذا انحرف سبي
لهذه التكنولوجيا، فقد تسوء الأمور تماماً. نود العمل مع الحكومة لمنع حدوث ذلك“. فهناك الكثير من القصص المرعبة، المبنية على أفلام مثل: ”2001 أوديسة الفضاء“ 2001:A Space Odyssey والمُبيد The Terminator، حيث يصبح الذكاء الاصطناعي مجنوناً بعض الشيء ويبدأ في القيام ببعض الأمور السيئة جداً. لكن هذا ليس هو ما يشعر به الأشخاص العالمين ببواطن الأمور؛ فما يقلقهم حقاً هو أمور مثل تأليف معلومات مضللة. وفي هذه الحالة، يمكن استخدام بوت المحادثة بالذكاء الاصطناعي لتأليف ونشر أخبار مزيفة يمكن تصديقها، أو يمكنه توليد رسائل بريد إلكتروني واقعية تدعي أنها من صديق أو أحد أفراد أسرته يطلب المساعدة أو المال. وهناك أيضاً مخاوف بشأن مقدار المعلومات الشخصية والحساسة التي يمكن لبوتات المحادثة جمعها.
الشيء الآخر الذي يقلق بعض الناس هو التأثير في الوظائف، فكما أتاحت الطاقة البخارية حقبة جديدة من الإنتاج الصناعي والسفر حول العالم، فقد أدت أيضاً إلى توقف الكثير من الناس عن العمل. يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحل نظرياً محل الصحافيين والكتاب والمحامين وموظفي الإدارة والمصممين – وهم أشخاص لم تتعرض وظائفهم للتهديد من قبل. وقد يأتي وقت يضطلع فيه الذكاء الاصطناعي حتى بتعليم الأطفال بدلاً من المعلمين. هناك أمر واحد واضح، نحن نعيش في عصر تجعل فيه التطورات المتلاحقة بوتات المحادثة أكثر ذكاءً من أي وقت مضى، ولن تتباطأ وتيرة التغيير في أي وقت قريب.
عندما يلتقي الذكاء الاصطناعي بالحوسبة الكمية
ماذا سيحدث إذا دمجنا بين نوعين رائدين من التكنولوجيا المستقبلية؟ تسخر الحوسبة الكمية Quantum computing الخصائص المميزة لكيفية عمل الفيزياء على المستوى تحت الذري Subatomic، حيث القوانين مختلفة تماماً عن بقية الطبيعة. يعني هذا أنها يمكن أن تحل في لحظة مسائل قد يستغرق الحاسوب التقليدي مئات السنين لاكتشافها. يتعين على الحوسبة التقليدية – حتى الذكاء الاصطناعي – أن تؤدي المهام بالتسلسل؛ فهي تطرق باباً واحداً، وإذا لم تفتحه تجرب باباً آخر. أما الحاسوب الكمي؛ فبوسعه أن يجرب جميع الأبواب في الوقت نفسه. كل هذا يقلل الوقت وسرعات المعالجة وعدم الكفاءة. من الناحية النظرية، قد يتميز الحاسوب الكمي بقدرة حسابية هائلة مقارنة بما لدينا الآن.
يستخدم الذكاء الاصطناعي طيفاً من الأجهزة الحديث والمتطور
وحدات معالجة الرسومات
وحدة معالجة الرسومات Graphics Processing Unit (اختصاراً: الوحدة GPU) هي معالج متخصص له ذاكرة مخصصة، واللازمة لعرض الرسومات. لكن نظراً لأن خوارزميات الذكاء الاصطناعي تعتمد على مُعالجات Processors يمكنها إجراء العمليات الحسابية على التوازي، فإنها تُستخدم أيضاً للذكاء الاصطناعي.
وحدات معالجة الموتر
صممت غوغل وحدات معالجة الموتر TPU للاستخدام في جميع خدماتها التي تدعم تعلم الآلة، بما في ذلك تلك المستخدمة في خط هواتف بيكسل Pixel الذكية. تنفذ وحدات المعالجة هذه مهام مثل التعرف على الكلام والترجمة الحية ومعالجة الصور.
أجهزة التشكيل العصبي
باعتباره أحدث التقنيات بالفعل، يحاكي هذا الجهاز العصبي البشري ببنية تحتية مؤلفة من شبكات عصبية. تتألف الشبكة من معالجات مترابطة، يشار إليها بالعصبونات Neurons. وستكون هذه واحدة من التقنيات الأساسية للجيل القادم من الذكاء الاصطناعي.
هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون واعياً حقاً؟
يعمل توم ماكليلاند Tom McClelland محاضراً في قسم تاريخ وفلسفة العلوم بجامعة كيمبريدج، وهو يتأمل هنا بأعمق الأسئلة حول الذكاء الاصطناعي
ما الفرق بين بوتات المحادثة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي والكيفية التي يتعلم بها البشر؟
هناك اختلافات كبيرة بين كيفية تحديث الأدمغة والشبكات الاصطناعية لمحتوياتها. تتعلم الآلة من خلال عملية هائلة من التجربة والخطأ، وتحاول استخدام أوزان Weightings عصبية مختلفة بطريقة شبه عشوائية. إذا كان أداؤها أفضل في مهمة ما، فإنها تحتفظ بهذه الأوزان، وإذا لم يكن الأمر كذلك، فستجرب شيئاً آخر. يعمل التعلم في الدماغ البشري بكفاءة أكبر؛ فعندما أتعلم أن القطط السوداء الكبيرة هي فهود وليست نموراً، يمكنني أن أفهم موضع خطئي، ويمكن أن يحدث التحول المطلوب في الروابط العصبية على الفور. أما الشبكة الاصطناعية؛ فيتعين عليها تجربة الكثير من الأوزان المختلفة حتى تعثر على الشبكة الصحيحة.
هل سيكون الذكاء الاصطناعي واعياً في يوم ما؟
دون فهم ما يجعلنا واعين، لا يمكننا تقييم احتمالات الوعي الاصطناعي. فمثلاً، هل نحن واعون بسبب أجهزتنا البيولوجية أم بسبب العمليات المعلوماتية التي تدور في هذا الأجهزة؟ إذا كان الوعي مرتبطاً بالبيولوجيا، فاحتمالات وجود وعي اصطناعي ستكون ضعيفة. ولكن إذا كان الوعي ينشأ كلما وجد النوع الصحيح من المعلومات، فهناك احتمال مفتوح لأن يتمكن الذكاء الاصطناعي من تحقيق الوعي.
“من غير المرجح أن يكون الذكاء الاصطناعي مبدعاً”
ما مدى مساهمة أشياء مثل الإبداع والإلهام في الذكاء الاصطناعي؟
إذا كنت تفكر في الإبداع باعتباره القدرة على صنع شيء أصلي تماماً دون أن تتأثر بعمل موجود، فمن غير المرجح أن يكون الذكاء الاصطناعي مبدعاً على الإطلاق. يجب تزويد الذكاء الاصطناعي بإرشادات وبيانات، ولا يمكن أبداً تجاوز هذه الأمور لإنشاء شيء من العدم. ولكن إذا اعتمدنا هذا المعيار العالي حقاً لما يعتبر إبداعاً، فلن يكون البشر بدورهم مؤهلين للإبداع. حتى أكثر الفنانين إبداعاً لا يبتكر شيئاً من العدم – فهم متأثرون بشدة بما يتعرضون له؛ فبيكاسو Picasso، مثلاً، أبدع أعمالاً فنية مميزة جداً، لكن أسلوبه تشكّل بفعل طيف من الأعمال الفنية الموجودة بالفعل.
بقلم: مارك سميث
