يمكن أن تفسر الثقوب السوداء أصول الكون
قد تحمل المجرات القريبة وثقوبها السوداء إجابات للأسئلة الوجودية التي لا تزال من دون إجابة حول بداية الكون. فقد اكتشف باحثون من جامعة أيوا مؤخراً أن هناك ثقباً أسود داخل مجرة قريبة تُدعى تول 0440-381 (Tol 0440-381)، والذي يسطع أكثر من الشمس بمليون مرة. ويشير هذا الجرم إلى أن الثقوب السوداء القوية يمكن أن تؤدي دوراً رئيسياً في التطور الكوني. بعد مئات الآلاف من السنين من الانفجار الكبير، كان الكون شفافاً لبعض الوقت ولم تكن به نجوم. انتهت هذه العصور المظلمة بعد نحو 400,000 سنة من الانفجار الكبير، عندما بدأت النجوم الأولى بالتكون وغمر الضوء الكون الفتي.
كانت هذه النجوم الأولى عملاقة، فكانت كتلتها أكبر بنحو 30 إلى 300 مرة من شمسنا وأسطع منها بملايين المرات. احترقت هذه الأفران النجمية القوية لبضعة ملايين من السنين قبل أن تنفجر على شكل سوبرنوفا (مستعرات أعظمية).
على الرغم من أن حياتها كانت قصيرة ومتطرفة، فكان لهذه النجوم المبكرة تأثير هائل في كوننا الحديث. وقد أطلقت الانفجارات عالية الطاقة كميات هائلة من الطاقة في الفضاء- وهي طاقة قوية بما يكفي لشطر ذرات الهيدروجين إلى إلكترونات وبروتونات، مما أنشأ فترة جديدة في تاريخ الكون أطلق عليها اسم حقبة إعادة التأين Epoch of Reionization، والتي نشأت مع النجوم والمجرات الأولى في الكون واستمرت حتى بعد نحو بليون سنة من الانفجار الكبير.
يرجح أن يكون الضوء القوي المنبعث من هذه النجوم وتحولاتها المتكررة إلى ثقوب سوداء بعد تحولها إلى سوبرنوفا قد أدى دوراً كبيراً في تشكيل المجرات المستقبلية التي ستملأ الكون قريباً. ولكن تفاصيل كيفية حدوث كل هذا لا تزال غير واضحة.
وصل تلسكوب جيمس ويب الفضائي إلى مستقره الأخير في يناير 2022، ويهدف العلماء إلى استخدام أدواته من الجيل التالي للمساعدة على الإجابة عن مثل هذه الأسئلة حول مرحلة مراهقة الكون. وفي الوقت نفسه، يحاول الباحثون حلّ هذا السؤال عن طريق دراسة المجرات القريبة بأدوات تعمل بأقصى طاقتها بالفعل. باستخدام البيانات التي جمعها مرصد شاندرا للأشعة السينية Chandra X-Ray Observatory لوكالة ناسا في فبراير 2021، تعرف الفريق على الثقب الأسود القوي بداخل المجرة
Tol 0440-381، فوجد أوجهاً للتشابه مع النجوم المبكرة التي احترقت في حقبة إعادة التأين.
قال فيليب كاريت Philip Kaaret، أستاذ ورئيس قسم الفيزياء وعلم الفلك في جامعة أيوا: “يشير هذا إلى أن التدفقات الخارجة من الثقوب السوداء قد تكون مهمة لتمكين هروب الأشعة فوق البنفسجية من المجرات التي أعادت تأيين الوسط بين المجرات. لا يمكننا حتى الآن رؤية المصادر التي دعمت بالفعل إعادة تأين الكون لأنها بعيدة جداً”.