انفجار فائق السرعة والسخونة يحيِّر علماء الفلك
في أكتوبر 2020 اكتشف علماء الفلك انفجاراً قديماً هائلاً يمزق مجرة تبعد عن الأرض عدة بلايين السنوات الضوئية. ظهر الانفجار من العدم، ووصل إلى ذروة سطوعه في غضون أيام قليلة ثم اختفى بسرعة مرة أخرى في غضون شهر، مما يشير إلى أن حدثاً كونياً متطرفاً، مثل تشكُّل ثقب أسود أو نجم نيوتروني، قد حدث فوراً. يطلق الفلكيون على الانفجارات الساطعة المفاجئة مثل هذه اسم العابرات الضوئية الزرقاء السريعة Fast blue optical transients ((اختصاراً :العابرات FBOTs)، والتي سميت كذلك بسبب حرارتها المفرطة ”الزرقاء“ وتطورها بسرعة مذهلة. لكن يمكنك تسميتها ”الجمل“ .The Camel قد يبدو هذا اللقب- وهو تحريف للاسم التقني للجِرم، ZTF20acigmel- غير مناسب لانفجار بمثل هذه السرعة والقوة، لكن هذه هي طريقة العابرات FBOTs. اكتُشف انفجار مشابه في العام2018 ، على بُعد 200 مليون سنة ضوئية تقريباً من الأرض، وأُطلق عليه اسم غير متوقع أيضاً- ”البقرة“ The Cow- نتيجة لاسم علمي اختير إجرائياً- في حين أطلق على العابر الضوئي الأزرق السريع للعام 2020 اسم ”دب الكوالا“ ،The Koala وهو أيضاً تحريف لاسمه التقني.
تنتمي هذه العابرات FBOTs الثلاث إلى فئة خاصة من الانفجارات النجمية. على عكس السوبرنوفا (المستعرات العظمى) Supernovae النموذجية، وهي الانفجارات الملحمية التي تحدث عندما ينفد وقود النجوم وتنهار، يبدو أن العابرات FBOTs تظهر وتختفي في غضون أسابيع، وليس سنوات.
لكن حتى بعد تلاشي ضوئها المرئي، تظل العابرات الضوئية الزرقاء السريعة بمنزلة محطات لتوليد للإشعاع. درس علماء الفلك أخيراً انفجار ”الجمل“ باستخدام الأطوال للطيف الكهرومغناطيسي، وأخذوا لمحة عن المذبحة غير المرئية التي وقعت بعد الانفجار الأولي.
وجد الفريق البحثي أن انفجار الجمل الأولي ظهر أيضاً بشكل ساطع في الترددات الراديوية، مما يشير إلى أن الانفجار مزق جواره الكوني بسرعة كبيرة، التي ربما بلغت بضعة أعشار سرعة الضوء.
عادة ما تأتي هذه الانبعاثات الراديوية الساطعة من الإشعاع السنكروتروني ،Synchrotron radiation والذي يحدث عندما تنطلق الجسيمات المشحونة عبر مجال مغناطيسي بجزء من سرعة الضوء. وخلف الانفجار يغلي مرجل قوي عدة أشهر. وجد الباحثون أن الانفجار توهج بانبعاثات الأشعة السينية بعد فترة طويلة من تلاشي ضوئه المرئي. كما هي الحال مع انفجار ”البقرة“، يشير تيار الأشعة السينية هذا إلى أن شيئاً قوياً- مثل ثقب أسود أو نجم نيوتروني- هو ما وجَّه انبعاثات ”الجمل“ القوية.
يمكن أن تمثل العابرات FBOTs لحظة نادرة من التخليق الكوني، أي الانفجارات التي تندلع في اللحظة التي ينهار فيها نجم قديم، أو ينهار مكوناً ثقباً أسود هائلاً أو نجماً نيوترونياً سريع الدوران أمام أعيننا. لم ير علماء الفلك مطلقاً هذه العمليات تحدث بالفعل- على الأقل بقدر علمهم- لذلك من الصعب أن نعرف على وجه اليقين كيف سيبدو الفيضان الناتج من الإشعاع. لكن هناك شيئاً واحداً واضحاً :البقرة، والكوالا، والجمل ليست هي الثدييات العادية التي تعرفها، فلا شيء عاديا بخصوصها.