أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
صحة

قد ينتج مرض كرون عن خلل في الميتوكوندريا

بقلم: إيميلي كوك

تشير دراسة جديدة أُجريت على الفئران إلى أن الميتوكوندريا Mitochondria المَعيبة قد تعطِّل ميكروبيوم الأمعاء، مما يحفِّز تطور مرض كرون Crohn’s disease. إذا انطبقت هذه النتائج على البشر، فقد تؤدي في النهاية إلى تطوير علاجات مستهدفة تصل إلى السبب الجذري لتلك الحالة المرضية. مرض كرون هو اضطراب التهابي مزمن يصيب الجهاز الهضمي، ويسبب أعراضًا مثل آلام أسفل البطن والإسهال الدموي والحمى. السبب الدقيق للحالة غير معروف، لكن يُعتقد أنه ناتج عن خلل في الجهاز المناعي، وربما عوامل وراثية. وتشمل العلاجات الحالية مثبطات المناعة والأدوية المضادة للالتهابات، والتي تستهدف الأعراض الالتهابية العامة للمرض.
تشير الأبحاث التي أجريت على المرضى إلى أن مرض كرون قد ينجم جزئيًا عن تغيرات في بنية ووظيفة ميكروبيوم الأمعاء Gut microbiome، وهي مجموعة الميكروبات التي تعيش داخل الجهاز الهضمي. قد تؤثر هذه الميكروبات في الخلايا الالتهابية في الجهاز المناعي، ومن ثم عندما تتبدل، يتغير الجهاز المناعي بدوره. قد تشرح دراسة نُشرت في مجلة سل هوست آند ميكروب Cell Host & Microbe سبب حدوث هذه التغيرات الميكروبية. واتضح أن اضطرابات الميتوكوندريا في الأمعاء، وهي «محطات توليد الطاقة» لدى الخلايا، قد تُسبب تلف الأنسجة الذي يغير بدوره من بنية ميكروبيوم الأمعاء.
توصل مؤلفو الدراسة إلى هذا الاكتشاف بعد تربية فئران معدلة وراثيًا لا يمكنها إنتاج بروتين رئيسي في الميتوكوندريا يُعرف باسم HSP60. تفتقر الخلايا المبطنة للجزء الداخلي من الأمعاء إلى هذا البروتين على وجه التحديد. ركّز الفريق على الميتوكوندريا لأن الأبحاث السابقة أشارت إلى أن محطات القوى هذه قد تكون مرتبطة بمرض كرون. عندما أخذ الباحثون عينات نسيجية من أمعاء الفئران وحللوها تحت المجهر، وجدوا علامات على التهاب وإصابة الأنسجة تشبه مرض كرون لدى البشر. فمثلًا، لاحظوا انخفاضًا في كمية المخاط الذي تُنتجه الأنسجة المعوية، والتي تحمي البطانة الداخلية للمعدة طبيعيًا.
في تجارب منفصلة ربى الفريق فئرانًا تفتقر إلى كل من البروتين HSP60 والبكتيريا المعوية، فلاحظوا أن هذه الفئران لم تصب بأي تلف في أنسجة أمعائها. يشير هذا إلى أن العملية الالتهابية المرتبطة بمرض كرون قد تتم بوساطة الميكروبات المعوية، لأن هذا الضرر يختفي في غياب هذه الميكروبات. لتضييق نطاق البكتيريا المُسببة المحتملة، حلَّل الباحثون الحمض النووي DNA باستخدام عينات أنسجة من الفئران ذات الميكروبات السليمة مع ميتوكوندريا غير وظيفية. أشارت هذه التجربة إلى أن مجموعة شائعة من البكتيريا المعوية، والمعروفة باسم العصوانية Bacteroides، تبدأ تهيمن على الأمعاء بعد تلف الأنسجة الناجم عن الميتوكوندريا.
تعيش العصوانية عادة في أمعاء الثدييات، بما في ذلك البشر، من دون أن تسبب أي مشكلة. لكنها قد تتحول إلى مسببات انتهازية للأمراض، بمعنى أنها قد تغتنم الفرصة لإحداث العدوى إذا ما تعرضت جدران الأمعاء للضرر مثلًا. وتدعو الحاجة إلى مزيد من الأبحاث لمعرفة السبب وراء ازدهار هذه البكتيريا بعد إصابة الأنسجة وكيفية مساهمتها المحتملة في الالتهاب الذي نراه في مرض كرون. كما نحتاج أيضًا إلى أبحاث مستقبلية لفك رموز الأسباب التي تؤدي إلى تلف الميتوكوندريا في المقام الأول، فضلًا عن معرفة ما إن كان التفاعل المتسلسل نفسه يحدث لدى البشر. وإن كان الأمر كذلك فقد تُلهم هذه النتائج التي توصلنا إليها في الفئران ذات يوم علاجاتٍ مستهدفة لمرض كرون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى