أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
صحة

حدّد العلماء الميكروبات التي تجعل جبن موتزاريلا الجاموس لذيذاً جداً

إذا‭ ‬شاهدت‭ ‬فقاعات‭ ‬من‭ ‬جبن‭ ‬موتزاريلا‭ ‬الجاموس‭ ‬Buffalo‭ ‬mozzarella‭ ‬وهي‭ ‬تتصاعد‭ ‬فوق‭ ‬البيتزا‭ ‬أثناء‭ ‬خروجها‭ ‬من‭ ‬الفرن‭ – ‬ستجد‭ ‬أنه‭ ‬مشهد‭ ‬مثير‭ ‬بما‭ ‬يكفي‭ ‬لإسالة‭ ‬لعاب‭ ‬أي‭ ‬شخص‭ ‬تقريباً. ‬لكن‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬يجعل‭ ‬هذا‭ ‬الجبن‭ ‬الأبيض‭ ‬القشدي‭ ‬لذيذاً؟‭ ‬بعد‭ ‬دراسة‭ ‬عينات‭ ‬من‭ ‬جبن‭ ‬موتزاريلا‭ ‬الجاموس‭ ‬من‭ ‬مصنعين‭ ‬للألبان‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬كامبانيا‭ ‬الإيطالية،‭ ‬حيث‭ ‬نشأ‭ ‬جبن‭ ‬حليب‭ ‬الجاموس‭ ‬المائي‭ ‬المحبوب،‭ ‬كشف‭ ‬العلماء‭ ‬أنه‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الاختلافات‭ ‬الطفيفة‭ ‬في‭ ‬طريقة‭ ‬صنع‭ ‬نوعي‭ ‬الجبن،‭ ‬فقد‭ ‬هيمنت‭ ‬عليهما‭ ‬مجموعتي‭ ‬الميكروبات‭ ‬نفسها: ‬جنس‭ ‬من‭ ‬البكتيريا‭ ‬الكروية‭ ‬المكونة‭ ‬للسلاسل،‭ ‬والمعروفة‭ ‬بالمكورات‭ ‬العقدية‭ ‬Streptococcus‭ ‬وجنس‭ ‬من‭ ‬البكتيريا‭ ‬العصوية‭ ‬الشكل‭ ‬تسمى‭ ‬العصيات‭ ‬اللبنية ‬Lactobacillus‭‬. وضمن‭ ‬هاتين‭ ‬المجموعتين‭ ‬الواسعتين‭ ‬من‭ ‬البكتيريا،‭ ‬كانت‭ ‬بعض‭ ‬الأنواع‭ ‬محددة‭ ‬لكل‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الجبن‭.‬

في‭ ‬دراسة‭ ‬حديثة،‭ ‬وجد‭ ‬الباحثون‭ ‬أن‭ ‬معالجة‭ ‬الأجبان‭ ‬ومكوناتها‭ ‬الخام‭ ‬تمنحها‭ ‬خصائصها‭ ‬الميكروبية‭ ‬المميزة،‭ ‬مما‭ ‬يساعد‭ ‬على‭ ‬الأرجح‭ ‬على‭ ‬اكتساب‭ ‬مذاقها‭ ‬المشهور‭ ‬عالمياً. ‬وقالت‭ ‬أليسيا‭ ‬ليفانتي ‬Alessia‭ ‬Levante‬، الباحثة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الميكروبيولوجيا‭ ‬الصناعية‭ ‬بجامعة‭ ‬بارما‭ ‬في‭ ‬إيطاليا: ‬”تلقي‭ ‬هذه‭ ‬الدراسة‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬التفاعلات‭ ‬المعقدة‭ ‬للمكروبات‭ ‬خلال‭ ‬عملية‭ ‬التصنيع،‭ ‬وتعزز‭ ‬فهماً‭ ‬أعمق‭ ‬للحرفية‭ ‬وراء‭ ‬هذا‭ ‬الجبن‭ ‬الإيطالي‭ ‬العالي‭ ‬القيمة“‭.‬

درس‭ ‬فريق‭ ‬ليفانتي‭ ‬مصنعين‭ ‬للألبان‭ ‬يصنعان‭ ‬جبن‭ ‬الموتزاريلا‭ ‬دي‭ ‬بوفالا‭ ‬كامبانا‭ ‬بي‭ ‬دي‭ ‬أو ‭ ‬Mozzarella‭ ‬di‭ ‬Bufala‭ ‬Campana‭ ‬PDO، وهو‭ ‬جبن‭ ‬يجب‭ ‬إنتاجه‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬كامبانيا‭ ‬باستخدام‭ ‬وصفة‭ ‬محددة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬علامة‭ ‬”المنشأ‭ ‬المحمي“‭ ‬Protected‭ ‬designation‭ ‬of‭ ‬origin‭ ‬التي‭ ‬يحميها‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬لمدة‭ ‬30‭ ‬سنة. ‬لصنع‭ ‬الجبن‭ ‬المرغوب‭ ‬فيه،‭ ‬يسخّن‭ ‬صانعو‭ ‬الجبن‭ ‬حليب‭ ‬الجاموس‭ ‬الخام‭ ‬أو‭ ‬المبستر‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬حرارة‭ ‬تتراوح‭ ‬بين‭ ‬33‭ ‬و39°س،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬يضيفون‭ ‬إنزيمات‭ ‬من‭ ‬بطانة‭ ‬معدة‭ ‬العجل،‭ ‬المعروفة‭ ‬بالمنفحة ‬Rennet‬، والتي‭ ‬تحلل‭ ‬الحليب‭ ‬إلى‭ ‬خثارة‭ ‬Curds – أي‭ ‬المواد‭ ‬الصلبة‭ ‬المتكتلة‭ ‬للحليب‭ ‬- ‬ومصل (شرش) ‬اللبن Whey‬، وهو‭ ‬السائل‭ ‬المتبقي. ‬كما‭ ‬أنهم‭ ‬يضيفون‭ ‬مجموعة‭ ‬مهمة‭ ‬من‭ ‬البكتيريا،‭ ‬تسمى‭ ‬بادئة‭ ‬مصل‭ ‬اللبن‭ ‬الطبيعي ‬Natural‭ ‬whey‭ ‬starter‬، والتي‭ ‬تساعد‭ ‬على‭ ‬زيادة‭ ‬حمضية‭ ‬الخثارة‭ ‬الناتجة‭.‬

بعد‭ ‬تكتل‭ ‬الجبن‭ ‬إلى‭ ‬خثارة،‭ ‬يمكن‭ ‬بعدئذ‭ ‬نقل‭ ‬الجبن‭ ‬إلى‭ ‬الماء‭ ‬المغلي‭ ‬ليذوب‭ ‬ويكون‭ ‬قابلاً‭ ‬للتمدد. ‬بعدئذ‭ ‬يشكّل‭ ‬صانع‭ ‬الأجبان‭ ‬الجبن‭ ‬إلى‭ ‬الشكل‭ ‬المطلوب،‭ ‬ويضعه‭ ‬في‭ ‬الماء‭ ‬البارد‭ ‬حتى‭ ‬يتصلب،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يضعه‭ ‬أخيراً‭ ‬في‭ ‬محلول ‬ملحي‭‬Brine‭ ‬ قبل‭ ‬تعبئته. ‬كان‭ ‬مصنع‭ ‬الألبان‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬الدراسة‭ ‬أصغر‭ ‬حجماً‭ ‬واستخدم‭ ‬تقنيات‭ ‬معالجة‭ ‬أكثر‭ ‬تقليدية،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬استخدم‭ ‬المصنع‭ ‬الأكبر‭ ‬حجماً‭ ‬تقنيات‭ ‬أحدث. ‬أخذ‭ ‬الفريق‭ ‬19‭ ‬عينة‭ ‬من‭ ‬الجبن‭ ‬واستخدم‭ ‬السلسلة‭ ‬الجينية‭ ‬لدراسة‭ ‬البكتيريا‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬مراحل‭ ‬عملية‭ ‬التصنيع‭.‬

وجد‭ ‬الفريق‭ ‬أن‭ ‬الحليب‭ ‬المبستر‭ ‬الذي‭ ‬يستخدمه‭ ‬مصنع‭ ‬الألبان‭ ‬الحديث‭ ‬أضاف‭ ‬عموماً‭ ‬عدداً‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬الميكروبات‭ ‬وعدداً‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬أنواع‭ ‬البكتيريا‭ ‬إلى‭ ‬عملية‭ ‬الإنتاج‭ ‬مقارنة‭ ‬بالحليب‭ ‬الذي‭ ‬”يسخّن‭ ‬حرارياً“‭ ‬في‭ ‬مصنع‭ ‬الألبان‭ ‬التقليدي‭. ‬تشتمل‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬المعالجة‭ ‬الحرارية‭ ‬والبسترة‭ ‬على‭ ‬استخدام‭ ‬الحرارة‭ ‬لقتل‭ ‬البكتيريا‭ ‬الضارة‭ ‬في‭ ‬الحليب،‭ ‬لكن‭ ‬الأولى‭ ‬تستخدم‭ ‬درجات‭ ‬حرارة‭ ‬أقل‭ ‬تتراوح‭ ‬بين‭ ‬57‭ ‬إلى ‭‬68°س،‭ ‬مقارنة‭ ‬بـ‭‬72°س‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الأخيرة. ‬ولكن‭ ‬المحاليل‭ ‬الملحية‭ ‬في‭ ‬كلا‭ ‬المصنعين‭ ‬كانت‭ ‬غنية‭ ‬بالقدر‭ ‬نفسه‭ ‬من‭ ‬الأنواع‭ ‬الميكروبية،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬جميع‭ ‬هذه‭ ‬الأنواع‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬لم‭ ‬تنتقل‭ ‬من‭ ‬المحلول‭ ‬الملحي‭ ‬إلى‭ ‬الجبن‭ ‬نفسه‭.‬

هيمنت‭ ‬بكتيريا‭ ‬العصيات‭ ‬اللبنية‭ ‬والمكورات‭ ‬العقدية‭ ‬على‭ ‬بادئات‭ ‬مصل‭ ‬اللبن‭ ‬الطبيعية‭ ‬في‭ ‬كلا‭ ‬مصنعي‭ ‬الألبان،‭ ‬وأثناء‭ ‬عملية‭ ‬التخثر‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬الجنسان‭ ‬هما‭ ‬السائدان‭ ‬في‭ ‬الجبن. ‬بعد‭ ‬التخثر،‭ ‬زادت‭ ‬كمية‭ ‬العصيات‭ ‬اللبنية‭ ‬وانخفضت‭ ‬كمية‭ ‬المكورات‭ ‬العقدية‭ ‬في‭ ‬عينات‭ ‬المصنعين،‭ ‬مما‭ ‬يرجع‭ ‬على‭ ‬الأرجح‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬البكتيريا‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬معرضة‭ ‬للإجهاد‭ ‬الحراري‭ ‬الذي‭ ‬رافق‭ ‬عملية‭ ‬التمدد‭.‬

بقلم: ‬إميلي‭ ‬كوك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى