ربط ”مرض الفايكنغ“ الغامض بالحمض النووي DNA للنياندرتال
تميز الفايكنغ بالمحافظة على مستوى
جيد من النظافة الشخصية
ربما كانت جينات النياندرتال Neanderthal أحد أسباب الاضطراب المعروف بــ”مرض الفايكنغ“ Viking disease، حيث تتجمد الأصابع في وضع منحنٍ. وجد بحث جديد متغيرات جينية موروثة من النياندرتال، والتي تزيد بشكل كبير من احتمالات الإصابة بهذه الحالة المرضية، المعروفة رسمياً بمرض دوبويتران Dupuytren’s disease.
مرض دوبويتران هو اضطراب في اليد، والذي سمّي على اسم جراح فرنسي. وفيه تصبح الأصابع، عادة البنصر والإصبع الصغير، مثبتة بشكل مستديم في وضع منحن. تشيع هذه الحالة في دول أوروبا الشمالية حيث استقر الفايكنغ، ومن هنا جاء لقبها. يصيب المرض عادة نحو %30 من الرجال فوق 60 عاماً في أوروبا الشمالية، ويبدو أنه يتوارث في العائلات. يعالج المرض جراحياً في الأساس، لكن تكرار الإصابة به أمر شائع. وعلى الرغم من أن التدخين وإدمان الكحول وداء السكري والأدوية المضادة الاختلاجات Anti-seizure medication قد تزيد من احتمال الإصابة به، فلا يزال السبب المحدد للمرض مجهولاً.
قادت ندرة مرض دوبويتران بين الأفارقة الدكتور هوغو زيبرغ Hugo Zeberg، عالم الوراثة التطورية في معهد كارولينسكا Karolinska Institute في ستوكهولم، إلى التساؤل عما إذا كانت الجينات المرتبطة بالمرض قد أتت من النياندرتال، بالنظر إلى أن الأصول الوراثية المشتركة بين الأفارقة والنياندرتال محدودة جداً. تضم البنوك الحيوية الكبيرة في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفنلندا 7,871 حالة و645,880 حالة مجموعة تحكم (ضابطة) Control من أشخاص منحدرين من أصل أوروبي في المقام الأول. وجد الباحثون 61 متغيراً جينياً مرتبطاً بخطر أعلى للإصابة بمرض دوبويتران، ثم قارنوا هذه المتغيرات الجينية بجينوم النياندرتال الذي سُلسل سابقاً. ولدهشتهم، اكتشفوا أن من بين هذه المتغيرات الـ ،61يرجع 3 إلى النياندرتال، اثنان منهما مرتبطان ارتباطاً وثيقاً بالمرض. يوجد جين النياندرتال الأكثر ارتباطاً بالمرض، المسمى ،EPDR1 على الكروموسوم 7.
ليست هذه هي المرة الأولى التي تُربط فيها جينات النياندرتال التي تركوها في الإنسان المعاصر بالمرض، فقد ربطت دراسة أجريت في عام 2014 بين العديد من الأمراض البشرية الحالية، مثل داء السكري ومرض كرون Crohn’s disease والذئبة Lupus وتليف الكبد، وبقايا الحمض النووي DNA للنياندرتال. والارتباط بين مرض دوبويتران وتلك المتغيرات الجينية للنياندرتال ارتباطٌ قوي بشكل خاص. كان اثنان من الطفرات الجينية هما ثاني وثالث أقرب ارتباط وثيق باحتمال الإصابة بالمرض. قال زبيرغ: ”هذا ارتباط قوي جداً“. وقالت سيرينا توتشي Serena Tucci، عالمة الأنثروبولوجيا وخبيرة الوراثيات التطورية بجامعة ييل Yale University، ”تلك دراسة مثيرة للاهتمام، والتي تلقي ضوءاً جديداً على الأصل الجيني لمرض دوبويتران“.
يمتلك الأشخاص الذين تعود أصولهم إلى خارج إفريقيا نحو %2 من الحمض النووي DNA للنياندرتال في جينومهم. ولذلك فمن الناحية الإحصائية، ووفقاً للصدفة المحضة، يمكنك أن تتوقع أن يمثل الحمض DNA للنياندرتال جماعياً نحو %2 من المخاطر الجينية للمرض. ”لكننا نجد في هذه الدراسة أن %8.4 يُعزى إلى تدفق جينات النياندرتال“، وهو أكثر بكثير مما يمكن توقعه بالصدفة وحدها، كما أشار زبيرغ. يُرمِّز هذا الجين للبروتين 1 المرتبط بالإبيديمين Ependymin، الذي يؤدي دوراً في انقباضية العضلات. يعزز البحث الجديد حجة أن النسخ الطافرة من البروتين EPDR1 تؤدي إلى الإصابة بمرض دوبويتران. وذكر زبيرغ إن للدراسة آثار على العلاجات المستهدفة في المستقبل، ويأمل بإجراء المزيد من الأبحاث الإكلينيكية حول هذا المرض كخطوة تالية.
بقلم: د. ألكاناندا داسغوبتا