وحش بحري طوله 5 متر ساد محيطاً قديماً في كانساس
قبل نحو 80 مليون سنة، عندما كانت الديناصورات لا تزال تدب على الأرض، سبح وحش بحري بلغ ارتفاعه 5م، يُدعى الموساصور Mosasaur، في مياه محيط قديم غطى ذات يوم غرب كانساس، ممسكاً بفرائسه بخطمه النحيف المبطن بالأسنان. اكتشف علماء الأحافير أحفورة لهذا الوحش في سبعينات القرن العشرين، لكنهم وجدوا صعوبة في تصنيفها، لذلك انتهى بهم الأمر إلى تخزينها مع عينات أخرى للموساصور من جنس البلاتيكاربوس Platecarpus genus في متحف ستيرنبرغ للتاريخ الطبيعي بجامعة ولاية كانساس في فورت هايز Fort Hays State University’s Sternberg Museum of Natural History (اختصاراً: المتحف FHSM).
أعاد الباحثون أخيراً دراسة الأحفورة الغامضة- وهي قطع من الجمجمة والفك وبعض العظام من خلف الرأس- فوجدوا أن هذا الزاحف لا ينتمي إلى جنس البلاتيكاربوس، بل كان قريباً من نوع نادر من الموساصور لم تُكتشَف منه سوى عينة واحدة فقط. النوع الموصوف حديثاً، والمعروف سابقاً باسم العينة FHSM VP-5515 والذي يسمَّى الآن إكتينوصورس أيفرهارتورم Ectenosaurus everhartorum، هو النوع الثاني المعروف من جنس الإكتينوصور. النوع الوحيد الآخر المعروف هو إكتينوصورس كليداستويديس Ectenosaurus clidastoides، الذي وصف في العام 1967.
بلغ طول رأس إكتينوصورس أيفرهارتورم نحو 0.6م، ومِثل إكتينوصورس كليداستويديس، يتسم إكتينوصورس أيفرهارتورم بخطم ضيق وممدود مقارنة بمثيله في أنواع الموساصور الأخرى. قال تاكويا كونيشي Takuya Konishi، عالم الأحافير الفقارية والأستاذ المساعد في جامعة سينسيناتي: “إنه نوع من الخطم النحيف للالتقاط السريع والرشيق للأسماك، بدلاً من قضم شيء صلب مثل أصداف السلاحف”. يلمّح ضِيق الفك والعظم في الجزء العلوي من الرأس إلى أن الأحفورة VP-5515 تنتمي إلى جنس الإكتينوصور، على الرغم من أن الأحفورة كانت أصغر نحو 500,000 إلى مليون سنة من عينة إكتينوصورس كليداستويديس، على حد قول كونيشي. لكن من بعض النواحي، لم تكن الجمجمة شبيهة بالإكتينوصور على الإطلاق. فمثلاً افتقر الزاحف إلى نتوء عظمي في نهاية أنفه. كان الخطم الموجود على الأحفورة VP-5515 أقصر أيضاً من الخطم الموجود على إكتينوصورس كليداستويديس. قال كونيشي: “كنا نعلم أنه كان نوعاً جديداً، لكننا لم نكن نعرف ما إذا كان إكتينوصوراً أم لا. لحل هذا اللغز تمكنا في النهاية من اكتشاف صفة أخرى حيث كان مفصل الفك، في النهاية الخلفية للفك السفلي”. اكتشف الباحثون هناك شقاً صغيراً لم يظهر في أي نوع من أنواع الموساصور- باستثناء نوع واحد.
قال كونيشي: “تبيَّن أن هذا الانخفاض الضئيل هو سمة مميزة اكتُشفت حديثاً لجنس الإكتينوصوروس. ما يوحد الإكتينوصورات هو الشق الصغير عند نهاية الفك السفلي، لكنها بعد ذلك تختلف باستمرار على مستوى الأنواع عن النوع العام- أي النوع الأول المخصص لهذا الجنس”.
أحد الأسئلة التي لا تزال قائمة تدور حول الإكتينوصور هو سبب ضعف تمثيل هذا الجنس بين أحافير الموساصور المستخرجة من غرب كانساس. حتى الآن، اكتشف علماء الأحافير أكثر من 1,800 عينة للموساصور في موقع البحر الداخلي السابق. لكن في الوقت الحالي لا يمثَّل جنس الإكتينوصور بكامله إلا بأحفورتين فقط، واحدة لكل نوع. قال كونيشي: “هذا غريب جداً. فما سبب كونه نادراً جداً مقارنة بالموساصور، حيث اكتشفنا المئات من البلاتيكاربوس من المنطقة نفسها؟ هل يعني هذا أنها عاشت بالقرب من الشاطئ، أو أنها عاشت في أقصى الجنوب أو أقصى الشمال؟ نحن لا نعلم بعد”.