قردة الليمور LEMURS
في مدغشقر، تلقح أشجار النخل المسافر Traveller’s palm trees (رافينالا مدغشكرينسيس Ravenala madagascariensis) غالباً بواسطة أكبر مُلقِح في العالم، الليمور المطوق بالأسود والأبيض Black-and-white ruffed lemur (فاريسيا فاريغاتا Varecia variegata). بفضل أيديها الذكية والماهرة، يمكن لقردة الليمور هذه فتح القنابة Bract الصلبة (الطبقة الواقية) لزهرة الشجرة. أثناء الحفر بداخل الأزهار المفتوحة لتجميع الرحيق السكري، يغطى وجه وخطم الليمور بحبوب اللقاح. بعد زيارة العديد من الأشجار، تنتج النباتات الملقحة بنجاح ثماراً مغذية يأكلها الليمور أيضاً.
اللوريس البطيء SLOW LORIS
اللوريس البطيء حيوان ثديي صغير يزن نحو 1.2 كغم ويعيش في جزيرة جاوة الإندونيسية. تقضي تلك الحيوانات المتسلقة للأشجار ليلاً وقتها في التنقل عبر الغطاء النباتي الكثيف لغابات جاوة الاستوائية المطيرة بحثاً عن عصارة الفاكهة والأشجار، وكذلك الحشرات والسحالي وحتى الثدييات الصغيرة الأخرى. في أسفاره الليلية، يلقّح اللوريس البطيء نباتات البن -سلبياً- ويأكل أي يرقات للحشرات الضارة التي تلحق الضرر بنباتات المحاصيل.
بوسوم العسل HONEY POSSUM
إضافة إلى كونه أصغر حيوان جرابي Marsupial في العالم، فإن بوسوم العسل Honey possum هو أيضاً أحد أصغر الملقحات من الثدييات. مثل العديد من الملقحات الحشرية، يستمتع بوسوم العسل بطعم الرحيق وحبوب اللقاح. على الرغم من افتقارها إلى أجنحة تمكنها من الطيران من زهرة إلى زهرة، فإنها تتسلق كل زهرة بحثاً عن الطعام، وتمد ألسنتها ذات الشعيرات الخشنة لاستخراج الرحيق.
الخفافيش BATS
تلقيح النباتات بالخفافيش Chiropterophily هو أحد أكثر أشكال التلقيح شيوعاً في العديد من البيومات Biomes الاستوائية والصحراوية، والتي تحتوي على أزهار تتفتح ليلاً. مثل الطيور الطنانة، طورت الخفافيش ألسنة طويلة رفيعة لتصل إلى الرحيق في النباتات الكبيرة ذات شكل الجرس. فمثلاً، يمتلك خفاش الرحيق الإكوادوري (أنورا فيستولاتا Anoura fistulata) لساناً يزيد بمرة ونصف عن طول جسده ليصل إلى الرحيق. في المكسيك، يعتبر الخفاش الطويل الأنف (ليبتونيكريتيس يربابوني Leptonycteris yerbabuenae) مسؤولاً عن تلقيح نباتات الصبار الأمريكي Agave المستخدمة في صنع مشروب التكيلا.
“طور البشر طرقاً للتلقيح اليدوي لزيادة غلة المحاصيل”
التلقيح بمساعدة البشر
ساعد البشر تاريخياً في تكاثر النباتات، لا سيما عن طريق الزراعة. منذ العصور القديمة، طور البشر طرقاً للتلقيح اليدوي لزيادة غلة المحاصيل. في نحو 3,500 قبل الميلاد في بلاد ما بين النهرين السفلى، هجّن البشر نخيل التمر لتحسين إنتاج الثمار وإنتاج غلة أكبر. تحقق ذلك في البداية عن طريق فرك حبوب اللقاح من الأجزاء الذكورية من الشجرة ونقلها إلى تلك الأنثوية. لكن بمرور الزمن تطور التلقيح البشري ميكانيكياً. يتمثل الشكل السائد للتلقيح الاصطناعي في هزازات ميكانيكية عملاقة تعمل على فصل حبوب اللقاح عن المحاصيل المزهرة بالقوة، ومن ثم إطلاقها في الريح للتلقيح أو جنيها للتلقيح اليدوي.
استُخدم رذاذ الماء المحتوي على حبوب اللقاح أيضاً لتوصيل حبوب اللقاح المحصودة. في السنوات الأخيرة، استخدمت إحدى طرق التلقيح الميكانيكي الدرونات Drones لمحاكاة قدرة الملقحات على نشر حبوب اللقاح. فمثلاً، يمكن للدروبكوبتر Dropcopter- وهو درون زراعي- أن يطير لمسافة تصل إلى 3 م في الهواء ويرش حبوب اللقاح المحصودة على نباتات المحاصيل لتلقيحها. يعكف العلماء أيضاً على تطوير وصنع روبوتات صغيرة تحاكي تلقيح النحل. مستلهمين تقنية التلقيح الطنان، يطور مهندسون من كل من المملكة المتحدة والولايات المتحدة روبوتات صغيرة تشبه النحل لتهز ميكانيكياً الأزهار الفردية لإطلاق حبوب اللقاح منها. ستطلق روبوتات ”الطنان الروبوتي“ Robo-buzzer هذه صوتاً عالي التردد ليهز ويطلق في النهاية حبوب اللقاح من سداة النبات. تناهز النماذج الأولية للطنان الروبوتي حجم ظفر الإصبع وتزن ربع وزن نحلة العسل. قد يصبح التلقيح الميكانيكي يوماً ما الطريقة السائدة لتخصيب المحاصيل في المستقبل. مع تزايد وضوح آثار التغير المناخي والاحترار العالمي، يبدو أن أعداد الملقحات الطبيعية مثل النحل والفراشات قد تضررت بشدة في عالم متغير. في البلدان الأوروبية وحدها، انخفض ما لا يقل عن %37 من إجمالي عدد النحل و%31 من تعداد الفراشات.