إذا سبق لك أن حدقت في نموذج للمجموعة الشمسية، فمن المرجح أنك لاحظت أن الشمس والكواكب والأقمار والكويكبات توجد تقريباً على المستوى نفسه. لكن لماذا؟ للإجابة عن هذا السؤال علينا العودة إلى البدايات الأولى للمجموعة الشمسية، منذ نحو 4.5 بليون سنة. في ذلك الوقت، كانت المجموعة الشمسية مجرد سحابة ضخمة من الغبار والغازات. بلغ عرض تلك السحابة الضخمة 12,000 وحدة فلكية Astronomical units (اختصاراً: الوحدةAU ). الوحدة AU الواحدة هي متوسط المسافة بين الأرض والشمس، أو نحو 93 مليون ميل. أصبحت السحابة من الضخامة بحيث إنها -على الرغم من امتلائها بالغبار وجزيئات الغاز- بدأت تنهار وتنكمش تحت وطأة كتلتها.
الجاذبية على المشتري أكبر بمرتين ونصف المرة من الجاذبية على الأرض.
عندما بدأت السحابة الدوارة المتكونة من الغبار والغازات في الانهيار، فقد تسطحت أيضاً. تخيل طاهياً للبيتزا وهو يلقي بقطعة من العجين في الهواء. في أثناء دورانها، تتمدد العجينة، لكنها تصبح رفيعة ومسطحة بنحو متزايد. هذا ما حدث للمجموعة الشمسية المبكرة جداً. في هذه الأثناء، في وسط هذه السحابة التي تزداد تسطحاً باستمرار، تكدست كل جزيئات الغاز معاً إلى درجة أنها سخُنت.
في ظل الحرارة والضغط الهائلين، اندمجت ذرات الهيدروجين والهيليوم، وبدأت تفاعلاً نووياً في صورة نجم صغير: الشمس. على مدى الخمسين مليون سنة التالية، استمرت الشمس في التنامي، فجمعت الغازات والغبار من محيطها وأطلقت موجات من الحرارة الشديدة والإشعاع. ببطءٍ أزالت الشمس المتنامية ما يشبه كعكة الدونات من الفضاء الفارغ حولها.
كوكب زحل خفيف جداً إلى درجة أنه يمكن أن يطفو على الماء.
مع تنامي الشمس، استمرت السحابة في الانهيار، مكونة قرصاً حول النجم الذي صار أكثر تسطحاً واستمر في التوسع، مع وجود الشمس في المنتصف. في نهاية المطاف أصبحت السحابة هيكلاً مسطحاً يسمى قرصاً كوكبياً أولياً Protoplanetary disc يدور حول النجم الفتيِّ. امتد القرص عبر مئات الوحدات الفلكية وبلغت سماكته عُشر تلك المسافة. طوال عشرات الملايين من السنين اللاحقة، ظلت جزيئات الغبار في القرص الكوكبي الأولي تدور برفق حوله، ويصطدم بعضها ببعض أحياناً، بل إن بعضها التصق ببعضها الآخر. على مدى تلك الملايين من السنين تحولت الجسيمات إلى حبيبات بلغ طولها عدة ملليمترات، وأصبحت تلك الحبيبات حصيات يقاس حجمها بالسنتيمتر واستمرت الحصيات في الاصطدام والالتصاق بعضها ببعض.
في النهاية التصقت معظم المواد الموجودة في القرص الكوكبي الأولي معاً لتشكيل أجرام ضخمة. نمت بعض هذه الأجرام بقدرٍ كبير إلى درجة أن الجاذبية شكَّلتها إلى كواكب كروية وكواكب قزمة وأقمار. أصبحت الأجرام الأخرى غير منتظمة الشكل، مثل الكويكبات والمذنبات وبعض الأقمار الأصغر حجماً. وعلى الرغم من التباين في أحجام تلك الأجرام، فقد ظلت بنحو أو بآخر على المستوى نفسه الذي نشأت فيه اللبنات التي تكونت منها. ولهذا السبب تدور كواكب المجموعة الشمسية الثمانية والأجرام السماوية الأخرى عند المستوى نفسه تقريباً.
أنظمة مشابهة
ليست مجموعتُنا الشمسية فريدة من نوعها. هناك أكثر من 3,200 نجم في مجرة درب التبانة Milky Way معروفة بوجود كواكب تدور حولها. أحد الأمثلة ”الأقرب“ يبعد أكثر من 2,000 سنة ضوئية عن الأرض :النظام الكوكبي كيبلر-11 (Kepler-11). وكيبلر-11 هو النجم المركزي للنظام- وهو نجم قزم أصفر يناهز في حجمه العملاقين الجليديين أورانوس ونبتون. هناك 6 كواكب معروفة في هذا النظام، وكلها تدور حول نجمها على مسافة أقرب بكثير من معظم الكواكب في مجموعتنا الشمسية. الأقرب من بينها هو كيبلر-،11b وهو أقرب إلى كيبلر 11-بنحو 10 أضعاف المسافة من الأرض إلى الشمس. الكوكب الأبعد هو كيبلر11g-، والذي يدور حول نجمه على مسافة 43 مليون ميل تقريباً، مما يضعه بين عطارد والزهرة في مجموعتنا الشمسية.