شكل ”سحري مضاعف“ من الأكسجين قد يتحدى قوانين الفيزياء
للمرة الأولى، خلّق العلماء الأكسجين-28 (Oxygen-28)، وهو نظير نادر للأكسجين يحتوي على 12 نيوتروناً أكثر من الأكسجين16-، وهو الشكل الأكثر شيوعاً للأكسجين على الأرض. يحتوي هذا النظير ”الثقيل“ الجديد على أكبر عدد من النيوترونات في ذرة أكسجين على الإطلاق، وكان من المتوقع أن يكون فائق الاستقرار. ولكنه بدلاً من ذلك تحلل بسرعة، وهو اكتشاف يتحدى فهمنا للتآثر القوي Strong force، الذي يربط الجسيمات الأساسية للمادة، مثل البروتونات والنيوترونات، لتكوين جسيمات أكبر في نواة الذرة. قالت ريتوبارنا كانونجو Rituparna Kanungo، عالمة الفيزياء في جامعة سانت ماري في كندا: ”يطرح ذلك سؤالاً أساسياً مهماً جداً حول أقوى تفاعل في الطبيعة، وهو القوة النووية القوية“.
لتخليق الأكسجين28-، قذف فريق بقيادة باحثين في معهد طوكيو للتكنولوجيا شعاعاً من الفلور-29 Fluorine-29، وهو نظير يحتوي على 9 بروتونات، على هدف هيدروجيني سائل في مصنع رايكن آر آي للأشعة RIKEN RI Beam Factory في واكو باليابان. عند الاصطدام، فقد كل من الهيدروجين والفلور 29 بروتوناً، مما أدى إلى تكوين جزيء جديد تماماً من الأكسجين 28. بموجب النموذج المعياري Standard Model، وهو النظرية الرائدة في فيزياء الجسيمات، يجب أن تكون الجسيمات مستقرة إذا امتلأت الأغلفة الموجودة في نواة الذرة بأعداد معينة من البروتونات والنيوترونات، والمعروفة بالأرقام ”السحرية“. ويحتوي الأكسجين28- على 20 نيوتروناً و8 بروتونات، وكلاهما رقمان سحريان، مما يشير إلى أن الجزيء كان يجب أن يكون مستقراً جداً، أو ”سحرياً مضاعفاً“ Doubly magic . لكن هذا لم يكن الحال.
خلال التجربة، اضمحل جزيء الأكسجين 28 خلال زيبتوثانية Zeptosecond، أو جزء من تريليون من بليون من الثانية. في الواقع، لم يتأكد وجوده إلا عن طريق المخلفات التي تركها وراءه عند اضمحلاله: الأكسجين 24 و4 نيوترونات. على الرغم من أن نتائج التجربة لم تُكرر بعد من قبل تجربة أو فريق آخر، إلا أن نتائج هذه الدراسة تشير إلى أن القائمة الحالية للأرقام السحرية ربما لا تحكي القصة الكاملة حول ما إن كانت الجزيئات مستقرة أم لا. وفي حالة منفصلة في عام 2009، أظهر العلماء أن نظير الأكسجين 24 يتصرف كما لو كان سحرياً مضاعفاً، على الرغم من أنه لا يحتوي على عدد سحري من البروتونات والنيوترونات.
يمكن للدراسة الجديدة أن تمهد الطريق لأبحاث مستقبلية قد توفر المزيد من الأدلة حول القوى الغامضة التي تلصق الجسيمات معاً في نواة الذرة. قال مايكل ثونيسن Michael Thoennessen، أستاذ الفيزياء في جامعة ولاية ميشيغان: ”أعتقد أن نتائج التجارب تثبت أهمية دراسة هذه الأنوية الغريبة بطول حدود الوجود وخارجها. ما زلنا لا نفهم تماما ما يربط النيوترونات والبروتونات معاً لتكوين الأنوية. واستكشاف هذه الحدود المتطرفة سيختبر صحة أسس النماذج النووية“.
بقلم: كيلي برايس