سور الصين العظيم متماسك بفضل ”القشور الحيوية“
بقلم: جينيفر نالوفسكي
تتماسك مساحات كبيرة من سور الصين العظيم Great Wall of China معاً بفضل ”القشور الحيوية“ Biocrusts، وهي طبقات رقيقة من المواد العضوية التي ساعدت على حماية تلك الأعجوبة المعمارية من التآكل. توصل العلماء إلى هذا الاكتشاف أثناء تحليل أجزاء من سور الصين العظيم، الذي يمتد إلى أكثر من 13,000 ميل، وشيّد على مدار قرون عديدة، بداية من عام 221 قبل الميلاد، كوسيلة لحماية الإمبراطوريات الصينية من العالم الخارجي. أثناء البناء، كثيراً ما استخدم العمال القدماء التربة المدكوكة Rammed earth، والتي تضمنت مزيجاً من المواد العضوية مثل التربة والحصى المضغوطة معاً، لبناء الجدار الضخم.
على الرغم من أن هذه المواد قد تكون أكثر عرضة للتآكل من المواد الأخرى، مثل الحجارة الصلبة، فكثيراً ما تساعد على تعزيز نمو القشور الحيوية. ويتكون هذا الجص الحي من ميكروبات قادرة على البناء (التمثيل) الضوئي تسمى بكتيريا الخضراء المزرقة Cyanobacteria، إضافة إلى الطحالب البرية Mosses والأشنات Lichens التي تساعد على تعزيز البناء، خاصة في الأجزاء القاحلة وشبه القاحلة من البلاد. قال بو شياو Bo Xiao، أستاذ علوم التربة بجامعة الصين الزراعية في بكين: ”لقد عرف البناؤون القدماء المواد التي يمكن أن تجعل الهيكل أكثر استقراراً. لتعزيز القوة الميكانيكية، أعدّ البناة القدماء التربة المدكوكة للسور دائماً بالطين والرمل ومواد لاصقة أخرى مثل الجير“. توفر هذه المكونات أرضاً خصبة للكائنات الحية التي تبني القشور الحيوية.
لاختبار قوة وسلامة سور الصين العظيم، جمع الباحثون عينات من 8 أقسام مختلفة بنيت ما بين عامي 1368 و1644 قبل الميلاد خلال عهد أسرة مينغ Ming Dynasty. وجدوا أن %67 من العينات تحتوي على ”قشور حيوية“، أطلق عليها شياو اسم ”مهندسي النظام الإيكولوجي“. باستخدام أدوات ميكانيكية محمولة، سواء في الموقع أو في المختبر، قاس الباحثون القوة الميكانيكية للعينات واستقرار التربة وقارنوا تلك البيانات بأجزاء السور التي تحتوي فقط على تربة مدكوكة عارية. فوجدوا أن عينات القشرة الحيوية كانت في بعض الأحيان أقوى بثلاث مرات من عينات التربة المدكوكة الصرفة. كانت العينات المحتوية على الطحالب دسمة بشكل خاص. يرجع ذلك إلى أن بكتيريا الخضراء المزرقة والكائنات الحية الأخرى داخل القشرة الحيوية تفرز موادَّ، مثل البوليمرات Polymers، والتي ”تلتحم“ بقوة مع جزيئات التربة المدكوكة، مما يساعد على ”تعزيز استقرارها الهيكلي“ عن طريق تكوين ما هو في مادة تشبه إسمنت، كما قال شياو. ”هذه المواد الإسمنتية والخيوط البيولوجية وتكتلات التربة داخل طبقة القشرة الحيوية شكلت في نهاية المطاف شبكة متماسكة ذات قوة ميكانيكية قوية وتتميز بالثبات ضد التآكل الخارجي“.