ربما مثلت مجموعة من 60 نجماً فائق الخفوت نوعاً جديداً من المجرات
بقلم: شارميل كوثونور
اكتشف علماء الفلك أوهى وأخفت مجرة تابعة على الإطلاق: وهي مجموعة صغيرة ومتماسكة من النجوم تتبع درب التبانة Milky Way. وقد يمثل هذا الاكتشاف الفريد فئة جديدة من الأنظمة النجمية الخافتة التي تهيمن عليها المادة المعتمة والتي استعصت على الاكتشاف حتى الآن. وعُرف النظام النجمي المكتشف حديثاً مبدئياً بالدب الأكبر 3/يونيونس 1 (UMa3/U1) ويقع في كوكبة الدب الأكبر Ursa Major، على بعد نحو 30,000 سنة ضوئية من الشمس. وتمثل هذه أحدث إضافة إلى تشكيلة مجرتنا التي تضم ما لا يقل عن 50 مجرة تابعة. حتى أصغر هذه المجرات تؤوي الآلاف إلى البلايين من النجوم.
على العكس من ذلك، فإن النظام المكتشف حديثاً يحتوي على 60 نجماً فقط. وعلى هذا النحو، تبلغ كتلته 16 ضعف كتلة الشمس فقط. وللمقارنة، تبلغ كتلة مجرة درب التبانة نحو 1.5 تريليون ضعف كتلة نجمنا. تتحدى UMa3/U1 أيضاً الصورة التقليدية للمجرة ذات الشكل المميز. قال سايمون سميث Simon Smith، وهو طالب دراسات عليا في جامعة فيكتوريا في كندا: ”قد يتحدى هذا الاكتشاف فهمنا لتكوين المجرة وربما حتى تعريف المجرة. فقد استعصت UMa3/U1 على الاكتشاف حتى الآن بسبب سطوعها المنخفض جداً“.
اكتشف العلماء UMa3/U1 لأول مرة كمجموعة من النجوم الساطعة الممتدة عبر 10 سنوات ضوئية في البيانات التي جمعها المسح الشمالي البصري للأشعة فوق البنفسجية القريبة من الأشعة تحت الحمراء Ultraviolet Near Infrared Optical Northern Survey (اختصاراً: المسح UNIONS)، وهو أحد مشروعات التلسكوب الكندي الفرنسي في هاواي Canada France Hawaii Telescope (اختصاراً: التلسكوب CFHT) الذي يمسح سماء الشمال باستخدام 3 تلسكوبات في هاواي. أكدت ملاحظات المتابعة باستخدام مرصد دبليو إم كيك WM Keck أن النجوم مرتبطة بالجاذبية ولها بنية كيميائية مماثلة. ويشعر علماء الفلك بالحيرة من كيفية بقاء UMa3/U1 الضئيلة متماسكة لمدة لا تقل عن 10 بلايين سنة، وهو العمر المقدر للنجوم المكوّنة لها وأكثر من ضعف عمر شمسنا البالغة 4.6 بليون سنة. من خلال مشاهدات النجوم الأخرى اللامركزية في درب التبانة، يعرف علماء الفلك أن قوة جاذبية مجرتنا، والتي تسمى أيضاً قوة المد والجزر Tidal force، قد أدت في السابق إلى تفتيت المجرات القزمة التي غامرت بالاقتراب منها أكثر من اللازم. لكن على الرغم من أن مدار UMa3/U1 يمر عبر المناطق الداخلية من درب التبانة، حيث تكون قوى المد والجزر في مجرتنا هي الأقوى، يبدو أن المجرة القزمة نجت من التدمير على مدى دهور.
قال ويل سيرني Will Cerny، وهو طالب دراسات عليا في قسم علم الفلك بجامعة ييل: ”هذا الجرم من الضآلة لدرجة أن بقائه على المدى الطويل أمر مثير للدهشة جداً. إما أن تكون UMa3/U1 مجرة صغيرة تستقر بفعل كميات هائلة من المادة المعتمة Dark matter، أو إنها عبارة عن عنقود نجمي رصدناه في وقت مميز جداً قبل زوالها الوشيك“. الاحتمال الأول مثير بشكل خاص لأنه في المجرات الواقعة في مناطق أخرى من الكون، لم ينجح علماء الفلك حتى الآن في اكتشاف المادة المعتمة، وهي المادة غير المرئية التي يُعتقد أنها تشكل معظم المادة في كوننا. إذا كانت المادة المعتمة مسؤولة بالفعل عن حفظ تماسك النظام النجمي المكتشف حديثاً، فإن المشاهدات المستقبلية قد تزودنا بأدلة قيمة حول بنية المادة المعتمة وسلوكها.