رؤية كوكبة الدب الأكبر
سنلقي نظرة فاحصة على أسهل أنماط النجوم التي يمكن التعرف عليها في نصف الكرة الشمالي
لكوكبة الدب الكبير عدة أسماء، بما في ذلك “المحراث” و”الطنجرة”. وعلى الرغم من ذلك، فمن السهل التعرف عليها بنمطها الذي يشبه شكل وعاء مؤلف من أربعة نجوم، والذي يتصل “بمقبض” يتألف من ثلاثة أخرى. وهي مجموعة من النجوم التي عرفت منذ زمن سحيق، ومن قبل معظم الحضارات في جميع أنحاء العالم. وهي ليست كوكبة في حد ذاتها، بل مجرد نمط يسهل اكتشافه من النجوم التي تشكل جزءا من كوكبة أكبر هي الدب الأكبر.
وتُعرف أنماط النجوم هذه، التي ليست سوى جزء من كوكبة واحدة أو أكثر، بـ”الكويكبات” Asterisms. وهي كوكبة مفيدة حقا لعدة أسباب، من أهمها أنها تساعدنا على العثور على النجم القطبي أو “نجم القطب”، الذي يساعدنا بدوره على فهم موقع الشمال الحقيقي True North، ومن ثمَّ فمن المفيد جدا أن يعرف الملاحون كيفية استخدام كوكبة الدب الكبير لمساعدتهم في العثور عليه. ويطلق على النجمين النهائيين المقابلين للمقبض، “الدليلان” Pointers، لأنك إذا رسمت خطا وهميا عبر هذين النجمين مبتعدا عن ‘السلطانية’، فإن أول نجم ساطع ستصل إليه سيكون النجم القطبي. وبالمصادفة المحضة، يقع النجم القطبي فوق القطب السماوي الشمالي تقريبا. وإذا أسقطت خطا وهميا من هذه النقطة مباشرة إلى الأفق، فستعلم موقع الشمال الحقيقي. وبالنسبة إلى أي شخص يعيش شمال خط عرض جنوب إسبانيا، تكون كوكبة الدب الكبير أبدية الظهور Circumpolar. وهذا يعني أنه من خطوط العرض هذه، لا يبدو أنها تغيب أو تختفي تحت خط الأفق، بل تدور حول القطب السماوي الشمالي كما تفعل كل النجوم والكوكبات الأخرى، ولكن لأنها توجد بالقرب من القطب، فمن الممكن دائما أن تظهر في سماء الليل. ويعتبر النجم الموجود في المقبض، الذي يوجد أعلى من النجوم الأخرى، مثيرا للاهتمام؛ فلو دققت النظر فيه سترى أنه مؤلف من نجمين اثنين. وهو نجم ثنائي يُرى بالعين المجردة، وبصورة غير معتادة في النجوم الثنائية فلكل من نجميه اسمه الخاص، وهما المئزر Mizar وسها Alcor. إذا كان بصرك حادا، فستتمكن من تمييز كلا النجمين. والأمر المثير للاهتمام بشكل خاص حول هذا النجم الثنائي أو المزدوج هو أن كلا من مكونيه هذين هو أيضا منظومة متعددة النجوم. ويمتلك المئزر نفسه أربعة نجوم تدور حول مركز مشترك للثقل، ومن ثمَّ فهذا النجم الثنائي هو في الواقع منظومة سداسية النجوم، على الرغم من أن معظم هذه النجوم لا يمكن التمييز بينها باستخدام حتى أكبر تلسكوبات الأرض. نحن نعلم بوجودها بواسطة التحليل الطيفي Spectroscopy، إذ يتحلل الضوء المنبعث من النجم بواسطة منشور إلى الألوان المكونة له. لجميع النجوم السبعة في كوكبة الدب الكبير أسماء محددة. ويطلق على النجمين الدليلين اسم المراق Merak (وهو الأصغر من بين الاثنين)، وفي الجزء العلوي من “السلطانية”، يعرف الآخر باسم الدبة Dubhe، وهو أسطع نجم في المجموعة. وتؤوي كوكبة الدب الأكبر الكثير من أجرام السماء العميقة، بما في ذلك العديد من المجرات. ويمكنك استخدام نجوم كوكبة الدب الكبير للعثور على بعضها. فإذا رسمت خطا وهميا من النجم الأيسر السفلي في السلطانية مرورا بالنجم الأيمن العلوي (الدبة) وواصلت بالمسافة نفسها تقريبا مرة أخرى، فستصادفك مجرتان جميلتان هما M81 و M82.
وإذا رسمت مثلثا متساوي الأضلاع باستخدام نجمي نهاية المقبض، المئزر/ سها والقائد Alkaid كقاعدة، فعند الطرف الآخر من المثلث ستجد المجرة M101. وكذلك تمثل كوكبة الدب الكبير معلما رائعا للكوكبات الأخرى. إذا استخدمت نجمي السلطانية القريبين من المقبض، المغرز Megrez والفخذة Phad، كدليلين لكنك اتجهت بعيدا عن نجم القطب، فسيمكنك العثور على نجم المليك Regulus الساطع في كوكبة الأسد. أما إذا استخدمت المقبض كعلامة، فإن أول نجم ساطع سيصادفك هو السماك الرامح Arcturus في كوكبة العوّاء Bootes. ويعني كل هذا أنك تستطيع الآن أن تعرف مدى كون نجوم كوكبة الدب الكبير مذهلة ومفيدة حقا.