رؤية زخّات الشهب
مع انطلاقها عبر الغلاف الجوي بسرعة آلاف الكيلومترات في الساعة، تمثل زخّات الشهب مشهدا مثيرا على الدوام
إذا كنت تستمتع بالتحديق في النجوم في ليلة صافية، ربما رأيت ما يبدو وكأنه نقطة مضيئة تلتمع في جميع أنحاء السماء. “هل رأيت ذلك؟ لقد رأيت شهابا لتوي”، ربما قلت لمراقب زميل. فمن الناحية الفنية، ليست هذه نجوما بالطبع، بل شهب، وكثيرا ما تكون سريعة جدا ومتفرقة لدرجة أنه يرجح ألا يكون رفيقك قد تمكن من رصدها.
تنتج الشُهُب عندما تحترق قطعة من الحطام الفضائي تسمى الجسيم الشهابي Meteoroid، أو الجسيم الشهابي الدقيق Micrometeoroid، أو الغبار الفضائي في الغلاف الجوي للأرض.
ويمكن رؤية شعاع من الضوء عند حدوث ذلك، بسبب توهج الجرم المتفتت والذيل المحترق من الجسيمات التي يخلفها وراءه.
ويمكن رؤية الشهب وهي تتسارع عبر سماء صافية خلال أي وقت من الليل ومن أي مكان. لا يمكن التنبؤ بسلوك شهاب منفرد، ومن ثمَّ فإن اكتشاف أحدها غالبا ما يخلق موجة من الإثارة. خلال أوقات معينة من السنة، يمكن أن تظهر الشهب في مجموعات ضخمة، وتمطر واحدا تلو الآخر عبر غلافنا الجوي بالمئات، فيما يعرف بزخّات الشهب. تقع هذه الأحداث في الوقت نفسه تقريبا من كل عام، إذ تتحرك الأرض دوريا عبر الدرب المترب الذي يخلفه مذنب نشط أو منقرض.
وتنشأ هذه الزخّة أيضا عن النقطة نفسها في السماء، وهي نقطة إشعاع توجد بداخل أو بالقرب من الكوكبة التي تمنح زخّات الشهب اسمها. يمكنك الخروج في إحدى ليالي نوفمبر الباردة لرؤية زخات شهب الأسديات Leonids وهي تنطلق من كوكبة الأسد، أو إذا كنت تفضل الليالي الدافئة، فإن شهب البرساويات Perseids تظهر بصورة جيدة في شهر أغسطس، انطلاقا من كوكبة برساوس Perseus.
ويهتم العديد من علماء الفلك كثيرا بتسجيل أعداد زخّات الشهب، لذا يمكنك الإبلاغ عن ملاحظاتك- بما في ذلك تفاصيل سطوعها وسرعتها ولونها- إلى الهيئات الرسمية مثل المنظمة الدولية للشهب والاتحاد الفلكي الدولي. وللحصول على الاستفادة القصوى من مراقبة الشهب، ستحتاج إلى رؤية متكيفة على الظلام، فضلا عن ليلة صافية غير مقمرة لتتمكن من رؤية حتى أشعة الضوء الخافتة. ومع ذلك، فهذا لا يعني أنك لن ترى أية شهب في وجود القمر.
هناك أيضا شهب شديدة السطوع، كثيرا ما تبلغ قدورا أكبر من قدور الكواكب. إذا كانت هذه الكرات النارية أكثر سطوعا من القدر -14، فإنها تُعرف بالكرات النارية Bolides أو الكرات النارية الفائقة Superbolides. عندما تلتقط صورة لزخّات الشهب، قد تفكر مخطئا في أنها مجموعة من الشهب التي تنفجر انطلاقا من نقطة واحدة. وتتطلب رؤية زخّات الشهب قدرا من الصبر، ومن ثمَّ فإن رصد تلك الأضواء الوامضة يتحول إلى لعبة للانتظار.
ويشير المعدل السمتي في الساعة ZHR إلى عدد الشهب التي ستظهر، حيث يتراوح عدد بعض الزخات بين 5 إلى 100 في الساعة. وعندما تصل الزخّة إلى ذروتها، قد تجد أن العدد الذي تراه يختلف- ومن ثمَّ فإن عدم معرفة ما ستجده حتى تبدأ بالبحث عن الشهب يمثل جزءا من المتعة.