دروع الحيوانات
اكتشف الكيفة التي تحمي بها هذه الأنواع ذات الجلد السميك نفسها في البرية
بقلم: سكوت داتفيلد
محاولة البقاء على قيد الحياة في البرية مهمةٌ صعبة، ولا تعرف الحيوانات دائماً متى قد ينقض الخطر عليها من الغابة أو من الهواء، لذلك فقد يفيدها ارتداء بذلة طبيعية من الدروع.
وهناك مجموعة من الحيوانات المعروفة بمظهرها المدرع. مفصليات الأرجل Arthropods، وهي اللافقاريات التي تضم الحشرات والسرطانات والعقارب، تعيش بداخل بذلة صلبة تسمى الهيكل الخارجي Exoskeleton بغرض الحماية. ولأنها مصنوعة من مادة بروتينية كيتينية Chitin-protein صلبة – أو كربونات الكالسيوم في حالة القشريات – لا تتوسع هذه الدرع الشاملة مع نمو الحيوان بداخله، ولذلك يتعين عليه ارتداء بذلة جديدة في كل مرة تضيق عليه الدرع، فيُستبدل في عملية تُعرف بـ«الانسلاخ» Moulting. وعندما يتجاوز حجم حيوان مثل السلطعون هيكله الخارجي، فإنه يمتص بعض كربونات الكالسيوم من القشرة القديمة ليشكل قشرة ناعمة جديدة تحتها. وبعد إطلاق إنزيم خاص لفصل بذلته القديمة، ينفصل السلطعون بقشرته الجديدة وينتظر حتى تتصلب، على أمل ألا تلتهمه المفترسات في تلك الأثناء.
لا يقتصر وجود بذلة طبيعية محصنة على عالَم مفصليات الأرجل، فهو يمتد إلى الزواحف مثل التماسيح والسلاحف وأنواع من الأسماك مثل سمكة الرمح القاطورية Alligator gar والعديد من الثدييات أيضاً. ويعد المُدَرَّع Armadillo واحداً من أشهر الثدييات المدرعة. وتغطي غالبية هذا المخلوق الصغير نحو 2,000 حرشفة صغيرة، يُطلق عليها أيضاً اسم التروس Scutes، التي نتأت من جلده لتشكل بنية خارجية تشبه الصدفة. ويُعرف بالدرقة Carapace، وهو مصطلح يشمل أيضاً صدفة السلاحف، يتكون هذا الجزء الخارجي الصلب من بروتين قوي يُعرف بالكيراتين Keratin. ومع ذلك، لم تُصمم هذه البذلة المدرَّعة كحاجز صلب للحماية المادية، بل تطورت بطريقة تمكن المُدَرَّع من التكوّر على نفسه مكوناً كرة واقية. ولأنه ينمو في ثلاثة أقسام متميزة، تضم الدرع الواقية في المقدمة والدرع الحوضية في الخلف بينهما صفوفاً من الدروع المنزلقة في المنتصف. وهذا التصميم التلسكوبي الذي يشبه تصميم قمل الخشب Woodlice، يمنح المُدَرَّع قدرته على التكوّر. ولا يمكن لجميع أنواع المُدَرَّع تشكيل درع كروية كاملة. فمثلاً، يفتقر المُدَرَّع ذو الأشرطة السبعة Seven-banded armadillo إلى المساحة الكافية تحت حراشفه لضم كل أطرافه ورأسه بداخلها. ومن ناحية أخرى، يمتلك المُدَرَّع الثلاثي الأشرطة Three-banded armadillo بذلة من الحراشف تحوله إلى كرة بيولوجية بفضل وجود مساحة إضافية للحراشف ولوجود دروع على رأسه وذيله.
وليست حيوانات المُدَرَّع وحدها التي تفضّل تكوير أجسامها في كرة واقية؛ فحيوانات البنغولين Pangolins أيضاً تشكّل كرة من الحراشف لأغراض السلامة. ويوجد البنغولين في جميع أنحاء آسيا وأجزاء من إفريقيا، ويدافع عن نفسه ضد آكلات اللحوم الكبيرة، مثل الأسود والنمور، بمعطف من الدروع التي تغطي جسده كله تقريباً. وتُصنع هذه الحراشف الكيراتينية من المادة نفسها التي تتكون منها حراشف المُدَرَّع، ولا تعمل كدفاع صلب فحسب، ولكنها مصممة أيضاً لتغيير اتجاه أي إصابة ومنعها من الوصول إلى الجسم الرخو أسفلها. نظراً للبيئة الرطبة التي تفضلها هذه الحيوانات، تظل الدرع الكيراتينية رطبة وصلبة، في حين تكون حراشفها في المناخات الجافة أكثر هشاشة وعرضة للتشققات. وعلى الرغم من أن البنغولين ربما كان محميّاً من الحيوانات الأخرى، فإن البشر يشكلون أكبر خطر في بقاءه. يُعتقد أنه من أكثر الحيوانات التي يُتاجر بها في العالم، فقد أُخذ أكثر من مليونٍ منها من البرّيّة وبيعت من أجل حراشفها ولحومها منذ عام 2000.
ارتداء معطف من الدروع لا يحمي الحيوان من الهجمات المادية للمفترسات فحسب، بل يساعد أيضاً على منع غزو الطفيليات. وعن طريق تغطية الأجزاء الرخوة المملوءة بالدم من الجسم، تَحدُّ الحيوانات مثل البنغولين والمُدَرَّع من تعرضها للطفيليات والآفات الماصة للدم. ومن ثَمَّ، يقل خطر الإصابة بالأمراض التي ينقلها الطفيلي أو العدوى الناجمة عن اللدغات.
كونها محمية بطبقة واقية من الجلد السميك، يمكن لقشرة صلبة أو سلسلة من الحراشف أن تساعد على منع هجمات المفترس. ومع ذلك، فإن بعض الأنواع تستخدم دروعها الجسدية للشروع في الهجوم. وتكون ثدييات -مثل القنفذ وحيوان النضناض (قنفذ النمل) Echidna الذي يَبيض- مسلحةً بآلاف الأشواك لدرء أي زائر غير مرغوب فيه. ولكن ملك الحماية الشائكة هو القنفذ Porcupine الذي يستوطن إفريقيا. ولكونه مسلحاً بأشواك حادة يتراوح طولها بين 2.5 و30.5 سم، فليس القنفذ بالفريسة السهلة. وعادةً ما تُرى القنافذ وهي تندفع عبر الأراضي الحرجية والنتوءات الصخرية، وهي تحرك أشواكها لتشكيل ذيل شائك. وعند مواجهته لحيوان مفترس، يرفع القنفذ أشواكه لإظهار أنه مستعد للمواجهة.
وتنمو هذه الأشواك أساساً بالطريقة نفسها التي ينمو بها شعرنا، في دورة تنتهي بأشواك جوفاء صلبة. وكثيراً ما توجد الأشواك مدفونة في ذقون الحيوانات التي دخلت في مواجهة مع القنفذ؛ مما أدى إلى الاعتقاد الخاطئ الشائع أن القنفذ يمكنه إطلاق أشواكه لاختراق أجسام المفترسات. وليس هذا صحيحا: فالقنفذ يكتفي بفصل الأشواك عن جسده بمجرد أن تثقب جلد حيوان آخر. وعند طرف كل شوكة تغطي السطح صفوف من الشوكات المعقوفة Hooked barbs؛ مما يجعل دخولها إلى الجلد سهلاً ولكن يصعب خروجها منه.