تموجات “الزمكان” يمكن أن تفسر الكون
بقلم: ياسمين سابلاكوغلو
قد يكون أحد أكبر ألغاز الكون، أي سبب وجود مادة Matter أكثر من ضديد المادة Antimatter، قد اقترب خطوة من الإجابة. هذه الإجابة، بدورها، قد تفسر سبب وجود كل شيء من الذرات إلى الثقوب السوداء.
منذ بلايين السنين، بعد الانفجار الكبير بوقت قصير، وسَّع التضخم الكوني بذرة كوننا الصغيرة وحول الطاقة إلى مادة. ويعتقد الفيزيائيون أن التضخم خَلَقَ في البداية الكميةَ نفسَها من المادة وضديد المادة اللذين يفنيان بعضهما البعض عند التلامس. ولكن، بعد ذلك، حدث شيء أدى إلى قلب الموازين لصالح المادة، مما سمح لكل ما يمكننا رؤيته ولمسه بالظهور- وتشير دراسة جديدة إلى أن تفسير ذلك مخفي في تموجات طفيفة جداً في الزمكان.
قال جيف درور Jeff Dror، الباحث الرئيسي بجامعة كاليفورنيا في بيركلي: “إذا بدأت للتو بمكونات متساوية من المادة وضديد المادة، فسينتهي بك الأمر إلى عدم امتلاك أي شيء؛ لأن لكل من ضديد المادة والمادة شحنة متساوية لكن معاكسة. ومن ثمَّ، فكل شيء سيفنى”.
من الواضح أن كل شيء لم يفنى، لكن الباحثين غير متأكدين من السبب. وقد تتضمن الإجابة جسيمات أولية غريبة جداً تُعرف بالنيوترينوات Neutrinos، والتي ليس لها شحنة كهربائية، ومن ثمَّ يمكنها أن تعمل كمادة أو كضديد مادة.
تقول إحدى الأفكار إنه بعد نحو مليون سنة من الانفجار الكبير، تبرّد الكون وخضع لتحوُّل طوري، وهو حدث مشابه لكيفية تحويل الماء المغلي السائل إلى غاز. قال درور إن هذا التغير في الطور دفع النيوترينوات المتحللة إلى تكوين مادة أكثر من ضديد المادة بمقدار “ضئيل جداً”. لكن “لا توجد طرق بسيطة جدا- أو أي طرق تقريباً- لاختبار [هذه النظرية] وفهم ما إذا كانت قد حدثت بالفعل في الكون المبكر”.
ولكن درور وفريقه، من خلال النماذج النظرية والحسابات، توصلوا إلى طريقة يمكننا من خلالها رؤية هذا التحول في الطور. فقد اقترحوا أن هذا التغيير أنشأ خيوطاً طويلة جداً ورفيعة جدا من الطاقة تسمى “الأوتار الكونية” Cosmic strings والتي لا تزال تسود الكون. أدرك درور وفريقه أن هذه الأوتار الكونية أنشأت، على الأرجح، تموجات طفيفة جداً في الزمكان تسمى موجات الجاذبية Gravitational waves. وإذا اكتشفنا موجات الجاذبية هذه؛ فسيمكننا معرفة ما إذا كانت هذه النظرية صحيحة.
تحدُث أقوى موجات الجاذبية في كوننا عندما يحدث سوبرنوفا (مستعر أعظم) Supernova، أو انفجار نجمي؛ عندما يدور نجمان كبيران حول بعضهما البعض أو عندما يندمج ثقبان أسودان، وفقاً لوكالة ناسا. ولكن موجات الجاذبية المقترحة الناتجة من الأوتار الكونية ستكون أصغر بكثير من الموجات التي اكتشفتها أجهزتنا من قبل.
ومع ذلك، عندما طَبَّق الفريق نماذج هذا التحول الافتراضي للطور تحت ظروف درجات حرارة مختلفة قد تقع أثناء تحوّل الطور؛ توصلوا إلى اكتشاف مشجع. ففي معظم الحالات ستخلق السلاسل الكونية موجات جاذبية يمكن اكتشافها من قبل المراصد المستقبلية، مثل هوائي مقياس التداخل الليزري الفضائي Laser Interferometer Space Antenna (اختصاراً: LISA ) التابع لوكالة الفضاء الأوروبية، وراصد الانفجار الكبير Big Bang Observer المقترح، ومرصد ديسي-هيرتز لقياس التداخلي الليزري Deci-hertz Interferometer Gravitational wave Observatory (اختصاراً: DECIGO ) التابع لوكالة الفضاء اليابانية.