الفيلة تقول ”مرحباً“ بهزّ آذانها وإصدار أصوات صاخبة
بقلم: ميغ داف
”تصمم الفيلة تحياتها حسبما تفعله الفيلة الأخرى“
عندما تجتمع الفيلة بأصدقائها، فإنها تحيي بعضها بعضاً عن طريق الرفرفة بالأذنين، والقعقعة وغيرها من الأصوات والإيماءات المتعمدة. تشير دراسة جديدة إلى أن الفيلة تتواصل عن عمد، وأنها تصمم تحياتها اعتماداً على ما تفعله الفيلة الأخرى. فمثلاً، عندما يكون فيل آخر منتبهاً بالفعل، يرجّح أن تستخدم الفيلة الإيماءات البصرية، وإلا لكانت أقرب احتمالاً لاستخدام اللمس. وقالت فيستا إليوتري Vesta Eleuteri، طالبة الدراسات العليا بجامعة فيينا: ”بالنسبة إلي، كان من المثير حقاً أن أتفهم أخيراً كيف تستخدم الفيلة أجسادها للتواصل. من المذهل أنها تعتمد عليها كثيراً، لكنه أمر يُغفل عنه كثيراً“.
كان العلماء يعرفون بالفعل أن الفيلة تتواصل من مسافة تصل إلى أميال باستخدام دمدمة عميقة من الانخفاض بحيث لا يستطيع البشر سماعها، لكن الأذنين الضخمتين لنوعها تلتقطها بسهولة. وتتمتع خراطيمها الطويلة بحاسة شم ممتازة: تستطيع الفيلة شمّ العمر والقرابة وحتى الفئات الاجتماعية بين الفيلة والبشر. ولكن بصر الفيلة ضعيف نسبياً مقارنة بالبشر. نزعت الأبحاث السابقة المتعلقة بتواصل الفيلة إلى التركيز بشكل منفصل على الصوت والرائحة، لا على كيفية عمل هاتين الحاستين وغيرهما معاً.
اتبعت إليوتري وفريقها نهجاً مختلفاً، فأخذوا باعتبارهم الإيماءات البصرية، مثل الرفرفة بالأذنين ومدّ الخرطوم، إضافة إلى إصدار الأصوات، واللمسات والسلوكيات المرتبطة بالرائحة. تتبّعت الفيلة الإيماءات والأصوات التي تحدث معاً، مما يشير إلى أن الضوضاء المنخفضة كثيراً ما تترافق مع الرفرفة بالأذنين. وكان هذا المزيج هو التحية الأكثر شيوعاً التي وثقها الباحثون. قالت إليوتري إن هذه التوليفة المتكررة تشير إلى أن الفيلة تود التواصل. عادة ما تنظر الفيلة إلى بعضها بعضاً قبل إصدار إيماءاتها، مما يعزز هذه الفكرة.
لسنوات، وثّق الباحثون مجموعة متنافرة من سلوكيات التحية عندما تلتقي جماعات من الفيلة معاً. ولم يكن واضحاً ماهية السلوكيات، إن وجدت، التي يُقصد بها التواصل، وأيها غير مقصودة. للإجابة عن هذا السؤال، درس باحثو الدراسة الجديدة جماعة مؤلفة من 9 فيلة شبه برية في زيمبابوي، حيث فصلوا بينها لمدة 10 دقائق في كل مرة ثم جمعوا بينها مرة أخرى معاً لرصد تحياتها.
تميل الفيلة إلى إلقاء التحية على الفيلة الأخرى التي تعرفها وتحبها فقط، لذا كانت الخطوة الأولى المهمة هي معرفة أي الفيلة في المجموعة كانت قريبة بالفعل. وكان لدى القائمين على رعاية الفيلة بالفعل بعض الشعور بالديناميكيات الاجتماعية للفيلة. ولقياسها، استخدموا مؤشراً لصداقة الفيلة: ”مؤشر أقرب الجيران“ Nearest neighbour index. تحقق القائمون على رعاية الفيلة مرتين في الشهر لمعرفة الفيلة التي تقف بالقرب من بعضها بعضاً. وفي نهاية المطاف، قرروا دراسة 6 فيلة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً.
تؤكد الدراسة أن الفيلة تعيش ضمن عوالم اجتماعية معقدة، حيث تنفصل المجموعات العائلية وتجتمع وتستأنف علاقاتها المعقدة بمرور الوقت. قالت إليوتيري: ”تعيش الفيلة حياة طويلة مثل البشر، قد تصل إلى 70 سنة، كما تتبع مساراً مماثلاً“، مما يشير إلى أن وجود العديد من الشركاء الاجتماعيين قد يدفع تلك الحيوانات إلى تطوير طرق معقدة للتواصل.