الطيران الهيبرسونيك
(داخل الطائرات التي ستحطم الأرقام القياسية للطيران النفاث (الأسرع من الصوت
إذا طرفت عينك فستفوتك رؤيتها، لكنك ستسمع صوتها بالتأكيد. قد تبدو الطائرات الهايبرسونيك Hypersonic aircraft شبيهة بالطائرات النفاثة Jet planes المألوفة لنا، لكن هذه العجائب الهندسية هي وحوش مختلفة تماما. ولأنها تستطيع بلوغ سرعات تمزق طائرات الركاب التقليدية إرباً، تمتلك الطائرات الهايبرسونيك محركات فريدة من نوعها، والمبنية من مواد متقدمة، وتمتلئ بالتكنولوجيا الذكية.
ما أقصى سرعة لها، إذن؟ بحكم التعريف، يمكن للطائرة السوبرسونيك Supersonic أن تتحرك بسرعة تزيد على سرعة الصوت – أو ماخ -1 وهي 1235 كيلومترا في الساعة، أو 343 مترا في الثانية. ولكن لكي تصنّف باعتبارها سوبرسونيك Hypersonic، يجب أن تطير الطائرة بخمسة أضعاف هذه السرعة على الأقل– أي 6175 كيلومترا في الساعة، أو 1715 مترا في الثانية الواحدة. كما أن سرعتها لا تقتصر على ماخ 5؛ فما هذه إلا البداية. لقد صنعنا بالفعل طائرات يمكنها الوصول إلى سرعة ماخ 20 –أي نحو سبعة كيلومترات في الثانية الواحدة! ومادامت هذه المركبات تمكنت من تحمّل ضغط الغلاف الجوي، فسيمكنها الطيران بوتيرة أسرع وأسرع.
طوال أكثر من 30 عاما، استخدمنا طائرات الكونكورد Concorde للطيران بسرعات تفوق سرعة الصوت. فقد كسرت حاجز الصوت وأحدثت ثورة في السفر الجوي. لكن الهدف الآن هو الطيران بسرعات أعلى من أي وقت مضى، فيمكن للطائرات النفاثة وطائرات الركاب تحقيق سرعات أكبر. لكن هذا ليس بالمهمة السهلة، ولكن بعد أكثر بقليل من قرن بعد تحليق «الأخوين رايت» لأول مرة في السماء، مازلنا نواصل صنع طائرات جديدة ومبتكرة.
تكشف هذه التكنولوجيا عن عوالم جديدة من الإمكانيات تجعل السفر الجوي أكثر كفاءة وملاءمة من أي وقت مضى.
تخيل أن تسافر إلى الجانب الآخر من العالم في غضون بضع ساعات، أو مشاهدة مركبة فضائية وهي تصعد إلى الغلاف الجوي العلوي من دون صاروخ عملاق.
والأكثر إثارة هو أن هذه ليست أمورا من الخيال العلمي – فقد نجحنا بالفعل في تشغيل مركبات بسرعة سوبرسونيك، ويعكف الباحثون حاليا على تطوير طائرات سوبرسونيك مناسبة لاستخدام الجمهور. تابع القراءة لمزيد من المعلومات حول هذه المفاخر الهندسية المذهلة والعالَم الفائق السرعة الذي ينتظرنا.
الهايبرسونيك مقابل السوبرسونيك
على مدى سنوات عديدة، ظن الخبراء أنه يستحيل ببساطة أن نطير بسرعة تفوق سرعة الصوت. لكن كل ذلك تغيّر في الأربعينات، عندما تمكن طيار الاختبار الأمريكي تشاك ييغر Yeager من تجاوز سرعة ماخ 1 – أي سرعة الصوت – لأول مرة في تاريخ البشرية.
سمع المتفرجون دويا صوتيا عندما أفسح الهواء المضغوط الطريق أمام الطائرة الصاروخية بيل X-1، وحينها أدركوا أن الطائرات الأسرع من الصوت تتعامل مع نوع جديد من الظواهر القصوى.
وعلى الرغم من أنه يتعين على الطائرات الأسرع من الصوت أن تتغلب على العديد من العقبات لكسر حاجز الصوت، فهذه العوامل تتفاقم عند الطيران بسرعة سوبرسونيك. عند سرعة ماخ 5 فما فوق، يصنع الهواء ما هو أكثر من مجرد تشكيل موجات صادمة. وعند مثل هذه السرعات العالية، يعمل الهواء على تسخين سطح الطائرة لدرجات حرارة شديدة الارتفاع – والتي تكفي لإذابة الفولاذ – وينبغي على المحركات تحمّل ضغوط هائلة.
بناء مركبة سوبرسونيك
تختلف الطائرات الأسرع من الصوت مثل الكونكورد كثيرا عن نظيراتها التي تطير بأقل من سرعة الصوت. فقد عُدلت تصاميم أجنحتها وزُوِّدت بمحركات متطورة. وسمحت هذه التغييرات للكونكورد بكسر حاجز الصوت، وهو أمر لم يكن في مقدور الطائرات التجارية دون سرعة الصوت أن تفعله.
أما الفرق بين الطائرة السوبرسونيك وتلك الأسرع من الصوت فهو أكثر إثارة للاهتمام، لأن القواعد تتغير تماما عند السرعات السوبرسونيك. يبدأ الهواء اللطيف سابقا في التحوّل إلى مشكلة خطيرة، إذ إن انطلاق الطائرة بسرعة سوبرسونيك يولّد قدرا هائلا من الاحتكاك. وهذا يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة بحيث تكفي لصهر هيكل الطائرة التقليدية، ومن ثم يتعين بناء الطائرات السوبرسونيك من مواد قوية ومقاومة للحرارة مثل السيراميك. ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، لأنه حتى إذا كان في مقدورها تحمّل الحرارة، فإن الضغط على ارتفاعات منخفضة يكون أكبر بكثير مما يسمح بالطيران بسرعة سوبرسونيك. تحتاج الطائرات السوبرسونيك إلى الصعود عاليا في الجو، حيث يكون الهواء أرق بكثير، من أجل تخفيف الضغط على الطائرة.
ولعل أكبر نتيجة للتدفق الشديد للهواء هي أن الطائرات السوبرسونيك لا يمكنها حتى استخدام محركات الطائرات دون سرعة الصوت نفسها. إن الهواء المتدفق عبر محركات الطائرة الأسرع من الصوت يفعل ذلك بسرعة دون سرعة الصوت (يتباطأ تدفق الهواء الأسرع من الصوت بفعل مدخل المحرك (، ولكن إذا حاولنا استخدام إعدادات مماثلة عند الطيران بسرعة سوبرسونيك، فستنصهر الطائرة أو تنفجر أمام أعيننا. ولكن بدلا من الاعتماد على محركات الصواريخ – وهي النظم الوحيدة المُستخدمة في تشغيل الطائرات السوبرسونيك- طرح المهندسون على أنفسهم سؤالا أكثر طموحا: هل يمكننا الاستفادة مما تعلمناه عن المحرك النفاث وتصميم مقابل له يعمل عند أعلى السرعات الأسرع من الصوت، وحتى مستوى السوبرسونيك؟
أدى ذلك إلى اختراع المحرك النفاث التضاغطي ramjet، أو المحرك النفاث الفائق scramjet. يسمح استخدام مبادئ المحركات النفاثة وإزالة جميع المكونات غير الضرورية للسفر السوبرسونيك- مثل التوربينات وضاغط الهواء – بالانطلاق بسرعة أكبر بكثير. مع قليل من الأجزاء المتحركة، تنتج هذه المحركات التي تبدو بسيطة، ما يكفي من القوة لدفع الطائرة والتحليق بسرعات مذهلة؛ وبذلك، بدأ مستقبل السفر الجوي يتكشف للعيان.
جعل الطيران السوبرسونيك حقيقة واقعة
لقاء مع رئيس علماء السوبرسونيك في شركة بوينغ، الدكتور كيفن بوكوت Bowcutt، حول مستقبل الطيران العالي السرعة
الدكتور كيفن بوكوت هو زميل تقني أول وكبير علماء السوبرسونيك لدى شركة بوينغ. وهو زميل المعهد الأمريكي للملاحة الجوية والفضائية AIAA، وزميل الجمعية الملكية للطيران، إضافة إلى عضويته في الأكاديمية الوطنية للهندسة. وهو حاصل على درجة البكالوريوس، والماجستير والدكتوراه في هندسة الطيران من جامعة ميريلاند في الولايات المتحدة.
لماذا تهتم بوينغ إلى هذه الدرجة بتكنولوجيا السوبرسونيك؟
تهتم بوينغ بتكنولوجيا السوبرسونيك لعدة أسباب، تشتمل تطبيقها على الصواريخ والطائرات والمركبات الفضائية. قد يمكن للطائرات السوبرسونيك في يوم من الأيام نقل الركاب والبضائع عبر المحيطات خلال ساعة أو ساعتين، مما يسمح بالرحلات الدولية اليومية. ولعل الأكثر إثارة من ذلك كله أن المركبات الفضائية السوبرسونيك التي يمكن إعادة استخدامها قد تجعل الانتقال إلى مدار الأرض أقرب إلى التحليق في طائرة منه إلى السفر على متن صاروخ، ومن ثم تنخفض أسعارها كثيراً- فستكون أرخص بنحو مئة مرة.
ما التقنيات السوبرسونيك التي تعكف حاليا على تطويرها؟
تشمل العوامل الرئيسية المساعدة على جعل الطيران السوبرسونيك، حقيقة، واقعة استخدام مواد أخف وزنا وأكثر متانة وتحملا لدرجات الحرارة العالية، وزيادة كفاءة المحركات السوبرسونيك ، واستخدام تقنيات متقدمة للاستشعار من بعد وتحليل البيانات. وعلى الجبهة التكنولوجية، نعكف على تطوير مواد وهياكل متقدمة من مركبات السيراميك التي تتحمل درجات الحرارة العالية، وأنظمة للحماية الحرارية. ونعمل أيضا لتطوير، وطبقنا بالفعل، أساليب متقدمة لتصميم طائرة سوبرسونيك تعتمد على تحليل وتحسين التصميم المتعدد التخصصات ) اختصارا: التصميم MDAO (. لقد صمَّمنا، ومازلنا نواصل دراسة، مركبات سوبرسونيك مفاهيمية مثل الصواريخ وطائرات الاستطلاع وطائرات الركاب، ومركبات الإطلاق التي يمكن إعادة استخدامها ) طائرات الفضاء (. وقد بنينا وطيّرنا بنجاح مركبتين تجريبيتين تعمل كل منهما بمحرك نفاث فائق، وهما طائرة ناسا X-43A والطائرة X-51A التابعة للقوات الجوية الأمريكية/وكالة مشاريع البحوث الدفاعية المتطورة.
ما التحديات الرئيسية التي تواجهونها حاليا؟
إن العثور على مواد تتحمل درجات الحرارة الشديدة الارتفاع، وتتسم بكونها خفيفة الوزن وقوية الاحتمال، لا يزال يشكل تحديا، على الرغم من الاستمرار بإحراز تقدم جيد في تطويرها. وكذلك تمثِّل زيادة أحجام المحركات النفاثة الفائقة (بحيث تتجاوز حجم المحركات النفاثة الصغيرة من حيث معدل تدفق الهواء)، والوصول إلى سرعات أعلى من ماخ 7 صعوبةً أخرى بسبب قيود التجارب. وكذلك، فإن دمج أنظمة الدفع العالية السرعة والمنخفضة السرعة في المحركات ذات الدورة المركبة يمثل منطقة أخرى تحتاج إلى مزيد من التطوير؛ فالمحركات ذات الدورة المركبة ضرورية للتسارع من الصفر إلى سرعة سوبرسونيك . وتشمل التحديات الإضافية إدارة حرارة الطائرة ومراقبة السلامة الحرارية الهيكلية، فضلا عن تصميم نظم عالية التكامل مثل المركبات السوبرسونيك التي تزيد الحاجة إلى التصميم MDAO. وكذلك، فإن التمويل الكافي يمثل مشكلة دائمة، على الرغم من أن الوضع آخذ في التحسن.
ما الهدف العام لمشروعك؟
على الرغم من أن بوينغ لا تطوّر طائرة سوبرسونيك، ولا ترى طلباً قريباً على هذا المنتج، فمازلنا نبحث عن العديد من المفاهيم والتقنيات السوبرسونيك المتقدمة، بحيث نكون مستعدين إذا تطورت السوق لاستيعاب مثل هذه المركبات. وستتطلب زيادة استخدام الطائرات السوبرسونيك في المستقبل مزيدا من التقدم في عدة مجالات تكنولوجية، فضلا عن طلب السوق. في نهاية المطاف، نود أن نساعد على صنع مستقبل الطيران: وسائل نقل عالمية فائقة السرعة والوصول إلى الفضاء بسهولة وبأسعار معقولة.
كيف تتصور الرحلات الجوية السوبرسونيك في المستقبل؟
على الرغم من أن تحقيق ذلك قد يحتاج إلى عدة عقود، فإنني أتصور مستقبلا تعمل فيه الطائرات التي تطير بسرعة ماخ 5 على نقل الأفراد بين المدن العالمية خلال بضع ساعات، كما تستطيع طائرات الفضاء نقل الأفراد روتينيا إلى مركز في مدار الأرض لربط الرحلات إلى القمر أو المريخ. وفي نهاية المطاف، ستعمل هذه المركبات بالطاقة النظيفة العالية الكثافة، وربما باستخدام أحد أشكال الطاقة النووية الآمنة.
مستقبل الطيران السوبرسونيك
استكشف المفاهيم التي يمكنها أن تحل محل الطائرة النفاثة في يوم ما
إذا كان هناك درس تعلمناه عن الطيران السوبرسونيك حتى الآن، فهو أن الحرارة والوزن والقوة تمثل جميعها عقبات رئيسية. فإذا كان الوزن أثقل مما يجب، فلن نستطيع بلوغ السرعة المطلوبة. وإذا ارتفعت الحرارة بصورة مفرطة، فستنصهر الطائرة في منتصف الرحلة. وهناك مسألة كيفية تزويد طائراتنا بما يكفي من الوقود لكي تصل إلى سرعات سوبرسونيك وتواصل الانطلاق بها. ولحسن الحظ فقد اقتُرحت حلول لكل من هذه المشكلات الحرجة – وقد صُمِّمت بعض الطائرات الرائعة حقا.
وكان المهندسون المبدعون مثل شارل بومباردييه Bombardier في طليعة هذه المساعي. ويمكن للطائرة التي تخيلها، وأطلق عليها اسم سكريمر Skreemr، الانطلاق إلى السماء بمساعدة منظومة إطلاق كهربائية مثل ريلغان railgun – ومن ثم سيمكننا توديع مدرجات الإقلاع في يوم ما. والريلغان هو شريط كهرومغناطيسي يستخدم الكهرباء لإطلاق المقذوفات بسرعات مذهلة، ويمكن استخدامه لإطلاق طائرات سكريمر في الهواء. وسيلغي الحاجة إلى أطنان إضافية من وقود الصواريخ للإقلاع، مما يقلل وزن الطائرة إلى حد كبير.
ويمكن لتصميم آخر من بومباردييه، والمعروف باسم أنتيبود Antipode، أن يحل مشكلة الحرارة فضلا عن الدوي الصوتي المزعج. وباستخدام تدفقات عكسية الاتجاه من الهواء الذي يتحرك إلى الخارج أمام الطائرة، فإن درجة الحرارة الناتجة من الاحتكاك الأيرودينامي والصوت الناتج من الموجات الصادمة الصوتية سينخفضان بشكل ملحوظ. ومن شأن هذه الخصائص أن تساعد الأنتيبود على الطيران بسرعة ماخ 24، أي ما يعادل 29500 كم/الساعة! لا تزال هذه التصاميم في حاجة إلى بعض الوقت لكي تنفّذ، لكن شركتي أيرباص ورياكشن للمحركات أنتجتا أخيرا بإنتاج طائرتين تجريبيتين سيمكنهما الانطلاق بسرعة سوبرسونيك في وقت أقرب بكثير.
العطلات العالية السرعة
العطلات العالية السرعة قد يمكنك قريبا مشاهدة شروق الشمس في باريس وغروبها في طوكيو
يرى معظمنا السفر إلى الجانب الآخر من الكرة الأرضية بمنزلة رحلة العمر. وبصرف النظر عن النفقات، فهذه الرحلات تستغرق وقتا طويلا جدا في الواقع. وعندما تَعَيّن علينا مشاهدة ساعات وساعات من البرامج الترفيهية المعروضة على متن الطائرة في الرحلات الطويلة، يبدو الأمر وكأننا نتثاقل عبر الهواء.
منذ أن خسر العالم الكونكورد في عام 2003، ظللنا قانعين بالطيران ضمن حاجز الصوت. لكن حل المشكلات التي نتعرض لها في السفر قد يتمثل في مواجهتها، ومن ثم الانطلاق بأسرع مما فعلت أي طائرة ركاب من قبل. ومن خلال التحليق عند الحدود القصوى للسرعات الأعلى من الصوت وضمن المنطقة السوبرسونيك، سيمكننا خفض أوقات السفر كثيرا وتغيير الطريقة التي نستكشف بها العالم.
فقد أصبح التصميم الفريد للطائرات هو التحدي الرئيسي لإحداث ثورة في السفر الجوي. لن يشعر معظم الركاب بالارتياح لأن يُحشروا على متن صاروخ ينطلق بهم إلى الجانب الآخر من المعمورة. وكذلك، فإن استخدام صاروخ للسفر الدولي سيكون مكلفا بصورة غير مجدية، ومعقدا، وضارا بالبيئة. في الوضع الأمثل، يجب أن تعمل طائرات الركاب السوبرسونيك المستقبلية بطريقة تشبه كثيراً طائرات اليوم الأقل من سرعة الصوت. سيستطيع الركاب الجلوس في مقاعدهم في المقصورة مكيفة الضغط، كما ستتمكن الطائرة من الإقلاع والهبوط من دون مساعدة على مدرج الهبوط التقليدي.
لقد وجد المهندسون أن استخدام أنواع متعددة من المحركات هو الطريقة المثلى لتطبيق هذه التكنولوجيا عمليا. ويمكن استخدام المحركات النفاثة التقليدية في الإقلاع والهبوط؛ ويمكن حينئذ لمحرك صاروخي أن يدفعنا إلى ارتفاعات شاهقة وسرعات عالية؛ وبعد ذلك يتولى المهمة محرك أسرع من الصوت أو فرط صوتي. لكن هذه الرحلات قد تكون مثيرة للتوتر، إذ يعتقد بعض المصممين أن طائراتهم سيمكنها الإقلاع بصورة شبه عمودية! ومن ثم، فإن المصابين منا بالخوف من الطيران قد يجدون أنه من الأفضل الاكتفاء بالسرعة البطيئة نسبيا للطائرة الجامبو. ولكن بالنسبة إلى السياح ورجال الأعمال الذين يريدون قضاء أطول وقت ممكن في وجهات سفرهم، والمستعدين لتحمل الصعود الرأسي بشجاعة إلى الغلاف الجوي، فستمثل الرحلات السوبرسونيك اختيارهم المقبل.
كبت الدوي الصوتي
سواء أكنت تطير بأسرع من الصوت أم بسرعة سوبرسونيك، سيُحدث كسر حاجز الصوت دويا صاخبا. ومع تسارع الطائرة، فإن موجات الضغط الجوي المدفوعة جانبا بفعل هيكل الطائرة تندمج مكوّنة موجة صادمة واحدة. ويمكن لهذا الهواء أن يندفع بسرعة الصوت، ولكن مع تجاوز الطائرة لهذه السرعة يُحدث التغيير الكبير في الضغط دويّاً يصمّ الآذان – هو الدَّويّ الصوتي.
ويمثل الدويّ الصوتي عقبة رئيسية ينبغي لشركات الطيران أن تتغلب عليها إذا أريد للطيران السوبرسونيك أن يتاح بصورة تجارية. فقد انتُقدت الكونكورد بسبب حجمها – وهي وسيلة النقل التجارية الأولى والوحيدة التي تمكنت من كسر حاجز الصوت، ولم يكن يُسمح لها بكسر حاجز الصوت إلا فوق المحيط.
ومثل العديد من المشكلات المتعلقة بالفضاء، قد تكون وكالة «ناسا» هي المنقذ مرة أخرى. إذ تعمل وكالة الفضاء وشركاؤها في شركة لوكهيد مارتن على تصميم طائرة لها العديد من أسطح الرفع لمنع اندماج الموجات الهوائية. والنتيجة سلسلة من الطفرات الصغيرة بدلا من واحدة كبيرة – وصولا إلى خفض الصوت الناتج إلى ما يشبه صوت محادثة عادية.