يعني التهاب السحايا Meningitis التهاب الأغشية السحائية، وهي الأنسجة التي تغطي الدماغ والحبل الشوكي. عادة ما تُبعِد درع تُسمى الحاجز الدموي الدماغي Blood-brain barrier (اختصاراً: الحاجز BBB) البكتيريا والفيروسات والفطريات عن هذه البنية الحساسة، لكنها تتمكن في بعض الأحيان من المرور عبره. عندما يحدث هذا يمكن أن يبدأ تنامي العدوى في السائل المحيط بالدماغ. خلال محاولة الجهاز المناعي لمكافحة العدوى، تلتهب السحايا. يسبب هذا 3 أعراض تقليدية: صداع شديد وحمى وتيبس في الرقبة.
يكون خطر الإصابة بالتهاب السحايا أعلى عند الصغار جداً وكبار السن والأشخاص المصابين بضعف في الجهاز المناعي، لكن هذا المرض يمكن أن يصيب أي شخص. تزداد خطورة التهاب السحايا عندما ينتج عن البكتيريا. إذا دخلت هذه الجراثيم إلى مجرى الدم، فإنها لا تسبب تورماً في الدماغ فحسب، بل قد تؤدي أيضاً إلى تسمم الدم، والذي يُعرف أحياناً بانسمام الدم Septicaemia. تسبب البكتيريا تلف جدران الأوعية الدموية، مما يؤدي إلى تسرب الدم. يؤدي هذا إلى ظهور طفح جلدي مميز يشبه وخز الدبابيس الوردي أو الأحمر أو الأرجواني تحت الجلد. لا يتلاشى هذا الطفح الجلدي عند الضغط عليه بكوب زجاجي.
عادة ما يكون التهاب السحايا الفيروسي أقل خطورة، ونادراً ما يؤدي إلى انسمام الدم، ولكن قد يصعب في المراحل المبكرة تحديد نوع الميكروب الذي سبب إصابة الشخص بالمرض. لهذا السبب يُعد التهاب السحايا المشتبه فيه دائماً حالة طبية طارئة. إن فحص الدم أو عينة من السائل المحيط بالعمود الفقري يمكن أن يكشف بالتحديد نوع الميكروب المسبب لالتهاب السحايا. لكن الحصول على نتائج هذه الاختبارات يستغرق وقتاً. إذا كان هناك أي احتمال لأن تكون البكتيريا هي المسؤولة، يتعين على الأطباء الاستجابة بسرعة، وحقن المضادات الحيوية مباشرة في دم المصاب عبر الوريد.
هل كنت تعلم؟
تحدُث نحو 3 ملايين حالة إصابة بالتهاب السحايا في معظم أنحاء العالم سنوياً، مما يسبب وفاة أكثر من 300,000 شخص.
تاريخ التهاب السحايا
لم يدرك الأطباء أن البكتيريا تسبب التهاب السحايا إلا في أواخر القرن التاسع عشر. وفي الوقت نفسه تقريباً، طوّروا أول علاج
ناجح. يُعرف العلاج باسم المصل المضاد Antiserum، واحتوى على جزيئات مناعية تسمى الأجسام المضادة Antibodies. كان الأطباء يجمعونه من الخيول أو المرضى المتعافين بالفعل من التهاب السحايا. عملت الأجسام المضادة كصواريخ موجهة لتعقب البكتيريا والقضاء عليها. لكن هذا العلاج كان محفوفاً بالمخاطر. جاء حل أكثر أماناً عندما اكتشف ألكسندر فليمنغ Alexander Fleming أول مضاد حيوي، وهو البنسلين Penicillin، والذي لا يزال يستخدم لعلاج التهاب السحايا البكتيري حتى اليوم.
الوقاية من التهاب السحايا
التطعيم Vaccination هو أفضل طريقة لحماية البشر من التهاب السحايا. ولكن نظراً إلى أن التهاب السحايا قد تكون له أسباب عديدة، فلا يوجد حل واحد لمعظم الحالات. بدلاً من ذلك طور الباحثون مجموعة كبيرة من اللقاحات للوقاية من أكبر عدد ممكن من البكتيريا والفيروسات.
يستهدف عدد من هذه اللقاحات بكتيريا المكورات السحائية. وتشمل لقاح MenB ولقاح ACWY لالتهاب السحايا. تشير هذه الحروف إلى سلالات بكتيريا المكورات السحائية التي تقي اللقاحاتُ منها.
تُعلِّم مجموعة أخرى من لقاحات التهاب السحايا الجهاز المناعي محاربة بكتيريا المستدمية النزلية هيموفيلوس انفلونزي Haemophilus influenzae من النوع ب، أو Hib اختصاراً. كانت المستدمية النزلية هي السبب الرئيس لالتهاب السحايا لدى الأطفال دون سن الخامسة قبل ظهور هذه اللقاحات. يتلقى الأطفال حاليّاً لقاحاً سداسياً يقيهم من هذه العدوى الخطيرة. يتوافر أيضاً لقاح مشترك، هو Hib/MenC.
هناك أيضاً لقاح ضد المكورات الرئوية، الذي يقي من بكتيريا المكورات الرئوية، واللقاح الثلاثي MMR الذي يقي من التهاب السحايا الفيروسي الناجم عن الحصبة Measles والنكاف Mumps والحصبة الألمانية Rubella.
“يُعَد التهاب السحايا المشتبه فيه حالة طبية طارئة ”