الأسلحة المضادة للأقمار الاصطناعية
طورت الدول المتنافسة تقنية قوية يمكنها تدمير الأقمار الاصطناعية مع احتدام المعركة للسيطرة على الفضاء
”الأسلحة المضادة للأقمار الاصطناعية موجودة منذ ظهور الأقمار الاصطناعية نفسها تقريباً“
تدور حول رؤوسنا تقنيات غيرت كل جانب من جوانب حياتنا. من نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) على هاتفك، إلى الفعاليات الرياضية التي تشاهدها على التلفزيون، صارت الأقمار الاصطناعية حجر الزاوية للحياة العصرية. لكن، إضافة إلى استخداماتها المدنية، فهي أيضاً العمود الفقري لتأمين الاتصالات العسكرية والحكومية. من المنطقي أن أي دولة معادية ترغب في إحداث اضطراب ستستهدف هذه الأقمار الاصطناعية. ومن ثمَّ، فإن ما يُعرف بالأسلحة المضادة للأقمار الاصطناعية Anti-satellite weapons (اختصاراً: الأسلحة ASATs)، ظلت موجودة منذ ظهور الأقمار الاصطناعية نفسها تقريباً.
في عام 1957، عندما أطلق الاتحاد السوفيتيي أول قمر اصطناعي في العالم، سبوتنيك 1 (Sputnik 1)، خشيت الولايات المتحدة أن يطور منافسوها في الحرب الباردة شبكة مدارية من الأقمار الاصطناعية المسلحة نووياً. وردت بأول صاروخ مضاد للأقمار الاصطناعية، وهو صاروخ باليستي يطلق من الجو يسمى بولد أوريون .Bold Orion رد السوفييت بصنع نظامهم المضاد للأقمار الاصطناعية الذي عُرف بالأسلحة المدارية المشتركة Co-orbitals والتي كانت تحلق غالباً بجانب الأقمار الاصطناعية وتفجر نفسها، آخذة القمر الاصطناعي معها.
استمرت التكنولوجيا بالتطور، مع دخول الصين السباق في عام 2007 عندما دمرت قمراً اصطناعياً قديماً للطقس بصاروخ باليستي. أدت الاختبارات المستمرة إلى ارتفاع خطير في كمية الحطام الفضائي التي تدور حول الأرض، وفي أبريل 2022 أصبحت الولايات المتحدة أول دولة تعلن عن حظر استخدام الصواريخ المضادة للأقمار الاصطناعية.
تنقسم الأسلحة المضادة للأقمار الاصطناعية عموماً إلى نوعين: التي تستخدم القوة الغاشمة Brute force، وتلك التي لا تستخدمها. وتصطدم الأسلحة المضادة للأقمار الاصطناعية ذات الطاقة الحركية Kinetic-energy ASATs فعلياً بالأقمار الاصطناعية وهي أي شيء تقريباً يمكنه بلوغ هذا الارتفاع، من الصواريخ الباليستية إلى الدرونات والأقمار الاصطناعية الأخرى.
النوع الآخر من الأسلحة المضادة للأقمار الاصطناعية هو النوع غير الحركي .Non-kinetic تشن هذه الأسلحة هجمات غير مادية مثل الهجمات السيبرانية أو التشويش والتعمية على الأقمار الاصطناعية باستخدام الليزر. يمكن تنفيذ جميع هذه الهجمات من الجو أو من مدار منخفض أو حتى من منشآت أرضية.
سلام جديد؟
دمرت الولايات المتحدة والصين وروسيا والهند أقمارها الاصطناعية الخاصة خلال اختبارات الأسلحة المضادة للأقمار الاصطناعية، لكن هناك حراكا متزايدا نحو التخلص من تلك الأسلحة. اتخذت الولايات المتحدة الخطوة الأولى في عام 2022 عندما أعلنت أنها ستحظر التجارب على استخدام الصواريخ الباليستية ضد الأقمار الاصطناعية. وضعت الخطة قيد التنفيذ بعد أن أسقطت الحكومة الصينية أحد أقمارها الاصطناعية، مما نتج منه آلاف القطع من الحطام التي تدور حول الأرض، مما اضطر رواد الفضاء في محطة الفضاء الدولية International Space Station (اختصاراً: المحطة ISS) إلى المناورة أثناء مرورهم بحقل الشظايا.
من 3,236 قمراً اصطناعياً خلال السنوات القليلة المقبلة.
عندما يخرج الحطام الفضائي عن السيطرة
تخيّل ما يحدث عند تدمير الأقمار الاصطناعية وتحويلها إلى حطام يدور حول الأرض؛ ثم تخيل ما يحدث عندما تصطدم تلك النفايات بمركبات فضائية أخرى وتتحول بدورها إلى حطام. يُطلق على هذا السيناريو اسم متلازمة كيسلر Kessler syndrome، وهو ما يحدث عندما تصل كمية الحطام الفضائي في المدار إلى نقطة يُنشأ فيها المزيد والمزيد منه، مما قد يتسبب في فوضى لأي برنامج فضائي. سميت المتلازمة على اسم العالم السابق بوكالة ناسا، دونالد كيسلر Donald Kessler، الذي وصف الفكرة الأساسية في بحث نشره عام 1978 عن تواتر اصطدام الأقمار الاصطناعية: إنشاء حزام من الحطام Debris Belt. قال هو والمؤلف المشارك للبحث، بورتون كور- باليه Burton Cour-Palais، إن احتمال اصطدام الأقمار الاصطناعية ستزداد مع إطلاق المزيد والمزيد من المركبات الفضائية. تحاول مشروعات مثل برنامج الفضاء النظيف التابع لوكالة الفضاء الأوروبية European Space Agency حل المشكلة باتباع طرق مثل الاسترداد الروبوتي للأقمار الاصطناعية المهجورة. [/box]
