اكتشاف ميكروبات شديدة التحمل بداخل بلورات المحيط
بقلم: ميندي فايسبرغر
على عمق مئات الأقدام تحت قاع المحيط في بحر اليابان، حيث تعمل درجات الحرارة التي تقشعر لها الأبدان والضغط الهائل على تثبيط معظم أشكال الحياة، تعيش بعض الميكروبات الشديدة التحمل. فما سرّ عيشها في أعماق البحار؟ إنها تتجول في جيوب داخل حبيبات معدنية صغيرة تُوصد عليها بعد ذلك ضمن بلورات في أعماق البحار.
اكتشف العلماء تلك الميكروبات المغطاة بالبلورات خلال رحلة استكشافية إلى حوض جوتسو
Joetsu Basin لجلب عينات من الهيدرات الغازية، وهي المواد الصلبة البلورية للغاز والماء التي تتشكل في المحيط تحت ضغط عالٍ وبرودة قارسة. وعرضت نتائجهم في ديسمبر 2018 خلال المؤتمر السنوي للاتحاد الجيوفيزيائي الأمريكي American geophysical union (اختصارا الاتحاد AGU).
وبعد أن فحص الباحثون هيدرات ضخمة جُمعت من قاع المحيط في الساحل الغربي لليابان، وجدوا أن بعض هذه الهيدرات تحتوي على حبيبات صغيرة لمعدن يسمى الدولوميت Dolomite. وقال الباحث غلين سنايدر، الأستاذ من جامعة ميجي Meiji University في طوكيو باليابان، لـ«لايف ساينس» في المؤتمر، إن البقع الداكنة في الدولوميت إلى مفاجأة أخرى قادمة.
وبينما كانت الهيدرات ضخمة جدا، إذ بلغ طولها خمسة أمتار، كانت حبيبات الدولوميت بالغة الصغر- فلم يزد قطرها على نحو 30 ميكروناً، أو 0.001 بوصة، كما قال سنايدر. واكتشف الباحثون الدولوميت تشير في المخلفات المتبقية بعد أن فصلوا الهيدرات كيميائيّاً إلى غاز وماء.
كشف التلوين الفلورسنتي للأنوية الداكنة في الحبوب عن احتوائها على مواد وراثية توهجت تحت الضوء فوق البنفسجي. وذكر العلماء في اجتماع الاتحاد الجيوفيزيائي الأمريكي أنها تمثل «تركيزات عالية» من المواد الميكروبية.
ومن المعروف أن الميكروبات تعيش حول الهيدرات الغازية. ومع ذلك، فقد كان من غير المتوقع تماماً العثور على تلك الميكروبات ضمن الحبوب المعدنية الموجودة بداخل الهيدرات.
وعلى الرغم من أن هذا هو الدليل الوحيد المعروف على وجود كائنات حية مجهرية مغطاة ببلورات الدولوميت، فقد تكون هناك ميكروبات انتهازية أخرى في أماكن أخرى من المحيطات، وتنمو بداخل غرف ملحية في الهيدرات الغازية.
وذكر الباحثون أن ظروف الحرارة والضغط على الكواكب الأخرى مثل المريخ قد تكون مناسبة لتكوّن الهيدرات الغازية التي قد تؤوي الميكروبات المريخية.
لا يختلف الدولوميت المحتوي على الميكروبات الذي اكتُشف في بحر اليابان كثيراً عن المعادن الموجودة في الأحجار النيزكية المريخية. ويشير هذا إلى أن الكوكب الأحمر قد يمنح الحياة الميكروبية فرصاً للبقاء كما تفعل بداخل الدولوميت على الأرض.