كان ستيفن هوكينغ Stephen Hawking أحد أعظم علماء الفيزياء النظرية في العصر الحديث .وعلى الرغم من أنه اشتهر بظهوره في وسائل الإعلام الرائجة وبمعركته المستمرة طوال حياته ضد مرض عضال، فإن تأثيره الحقيقي يأتي من حياته المهنية الرائعة التي امتدت خمسة عقود في مجال العلوم. بدءاً من أطروحة الدكتوراه في العام ،1966 استمر عمله الرائد بلا توقف حتى ورقته البحثية الأخيرة في العام ،2018 والتي اكتملت قبل أيام فقط من وفاته عن عمر ناهز 76 سنة.
عمل هوكينغ في طليعة علوم الفيزياء الفكرية، وكثيراً ما بدت نظرياته بعيدة على نحو غريب في الوقت الذي صاغها فيه. لكنها التيار العلمي السائد تقبّلها ببطء مع ظهور أدلة داعمة جديدة باستمرار. من آرائه المذهلة عن الثقوب السوداء إلى تفسيره للبدايات المتواضعة للكون، نستعرض بعض نظرياته التي ثبتت صحتها، وأخرى لا تزال قيدَ البحث والتمحيص.
ما إشعاعُ هوكينغ؟
بتطبيق نظرية الكم أدرك هوكينغ الانبعاث التلقائي للإشعاع الحراري من الثقوب السوداء
بدأ هوكينغ بداية رائعة بأطروحة الدكتوراه، التي كتبها في وقت حرج دار فيه جدال حاد بين نظريتين متنافستين في علم الكوزمولوجيا: الانفجار الكبير والحالة المستقرة. تقبل كلتا النظريتين توسُّع الكون، لكنه في الأولى يتوسع من حالة شديدة الترابط والكثافة الفائقة في وقت محدود في الماضي، في حين تفترض الثانية أن الكون ظل يتوسع منذ الأزل، مع تشكُّل مادة جديدة دائماً، للحفاظ على كثافة ثابتة. أظهر هوكينغ في أطروحته أن نظرية الحالة المستقرة تتناقض مع ذاتها رياضياً، فجادل بأن الكون بدأ كنقطة صغيرة بلا حدود وكثافة لانهائية تُسمى التفرُّد Singularity. وحالياً يحظى وصف هوكينغ بقبول شبه كامل بين العلماء.
هل كنت تعلم؟
ألَّف هوكينغ كتباً تشرح نظرياته بعبارات مبسطة بحيث لا تكون كتاباته للعلماء فقط.
الثقوب السوداء حقيقية
أكثر من أي شيء آخر، يرتبط اسم هوكينغ بالثقوب السوداء- وهي نوع آخر من التفرد، والتي تتشكل عندما ينهار نجم ضخم بكامله تحت وطأة جاذبيته. نشأت هذه الغرائب الرياضية من نظرية النسبية العامة لآينشتاين، وقد نُوقشت على مدى عقود عندما ركَّز هوكينغ انتباهه عليها في أوائل سبعينات القرن العشرين. تمثلت عبقريته في دمج معادلات آينشتاين في معادلات ميكانيكا الكم، وتحويل ما كان سابقاً تجريداً نظرياً إلى شيء يبدو أنه قد يوجد بالفعل في الكون. جاء الدليل النهائي على صحة نظرية هوكينغ في العام 2019، عندما التقط تلسكوب أفق الحدث Event Horizon Telescope صورة مباشرة للثقب الأسود الهائل الكامن في وسط المجرة العملاقة ميسييه .Messier 87 87
1 مفارقة المعلومات
اعتقد هوكينغ أن المعلومات المتعلقة بالخصائص الأساسية للمادة التي صنعت ثقباً أسود تخزَّن في سحابة من الجسيمات العديمة الطاقة المحيطة به. هذه إحدى الفرضيات العديدة التي طُرحت حول المادة المفقودة في الثقوب السوداء.
2 الثقوب السوداء البدائية والمادة المعتمة
كان هوكينغ أول من درس بتعمقٍ النظرية الكامنة وراء الثقوب السوداء التي نشأت بعد الانفجار الكبير. وقال إن هذه الثقوب السوداء ربما شكَّلت المادة المعتمة الغامضة التي يعتقد الفلكيون أنها تتخلل الكون.
3 الأكوان المتعددة
لم يكن هوكينغ سعيداً باقتراح بعض العلماء أن أي موقف يمكن أن تتخيله يجب أن يحدث الآن في مكان ما في واحد من عدد لا حصر له من الأكوان. بدلاً من ذلك اقترح إطاراً رياضياً جديداً يجعل الكون محدوداً.
4 فرضية الحماية الزمنية
أزعجت هوكينغ حقيقة أن معادلات آينشتاين تسمح بالسفر إلى الوراء عبر الزمن؛ لأنه شعر بأنها تثير بذلك مفارقات منطقية ينبغي ألا تكون ممكنة. اقترحَ أن بعض قوانين الفيزياء غير المعروفة حالياً تمنع حدوث هذه “المنحنيات الشبيهة بالزمن”- أو ما عُرف باسم ”فرضية الحماية الزمنية“.
5 نبوءات نهاية الزمن
في سنواته الأخيرة طرح هوكينغ سلسلة من التكهنات القاتمة بشأن مستقبل البشرية، التي ربما كان أو لم يكن جاداً بشأنها تماماً. تتراوح هذه التكهنات من الاقتراح القائل بأن بوزون هيغز Higgs boson المراوغ قد يؤدي إلى فقاعة فراغية ستلتهم الكون بفعل غزوات معادية لمخلوقات فضائية وعمليات استيلاء من قبل الذكاء الاصطناعي Artificial intelligence (AI).
عمل هوكينغ في طليعة علوم الفيزياء الفكرية
