أسرار تظهير الصور في الغرفة المعتمة
ادخل إلى غرفة معتمة واكتشف كيف يتحول الفيلم إلى صور فوتوغرافية
ترجع إلى عام 400 قبل الميلاد.
”يترك الضوء بصمة على الفيلم، والتي يمكن تفسيرها“
يعمل علم تظهير الأفلام الفوتوغرافية بشكل مشابه لكيفية رؤية أعيننا للصور ومعالجتها. تأتي قدرتنا على الرؤية من تفاعل أعيننا مع جزيئات صغيرة من الضوء تسمى الفوتونات Photons. عندما ينبعث الضوء، ترتد الفوتونات من الأشياء من حولنا، وتتجه إلى أعيننا وإلى الخلايا المستقبلة للضوء. ترسل هذه الخلايا إشارات إلى الدماغ، الذي يبني بعدئذ صورة لما رأيناه. يبدأ تطوير الفيلم الفوتوغرافي في لحظة التقاط الصورة. عندما يفتح ”جفن“ مصراع الكاميرا، يُسمح للضوء مؤقتاً بالدخول إلى الكاميرا عبر العدسة ويسقط على الفيلم الحساس للضوء. يترك الضوء بصمة على الفيلم يمكن للمصور تفسيرها وطباعتها في غرفة معتمة.
بدأ استخدام الأفلام الفوتوغرافية منذ أوائل القرن التاسع عشر، عندما ابتكر الرسام الفرنسي لويس داغير Louis Daguerre عملية تستخدم اليود السائل ولوحة نحاسية لالتقاط الصور الفوتوغرافية الأولى. منذ العصر الحديث للتصوير السينمائي، استُخدم مادة تسمى خلات السليلوز Cellulose acetate، وهي مشتقة من لب الخشب والحمض. لمنح خلات السليلوز قدراتها الحساسة للضوء، تغلف بمستحلب فوتوغرافي يحتوي على الفضة والجيلاتين. مثل رقائق الشوكولاتة المعلقة في عجينة البسكويت، تحتبس بلورات هاليد الفضة Silver halide المجهرية في عازل جيلاتيني. هذه الطبقة هي ما يمنح الفيلم صفاته الفوتوغرافية. عندما تتعرض البلورات لفوتونات الضوء، تتغير بنيتها عندما تحصل على الطاقة من الفوتونات. التغيرات في بنية البلورات هي ما تراه في الفيلم الفوتوغرافي.
عندما ترتد الفوتونات من جسم ما، مثل شجرة، عبر عدسة الكاميرا، يُلتقط انطباعه على الفيلم على شكل بلورات متأثرة. هذه هي الطريقة المعتادة لإنتاج الصور بالأبيض والأسود. يطبق الفيلم الملون المبادئ نفسها، لكنه يستخدم طبقات مختلفة من هاليدات الفضة الحساسة لأطوال موجية مختلفة من الضوء، مثل الأزرق والأخضر والأحمر.
قبل أن تتمكن لفة الفيلم من الكشف عن صورها، يجب أن تكون مستعدة للحياة في الضوء. عن طريق سلسلة من التفاعلات الكيميائية، يخضع الفيلم لعملية تثبيت الضوء. تمنع هذه العملية أياً من هاليدات الفضة الصغيرة من التفاعل مع الفوتونات وتغيير الصور الموجودة على الفيلم، إضافة إلى تثبيت الفضة التي تفاعلت بالفعل مع الضوء في مكانها. بمجرد ترويض هاليدات الفضة، يصبح الفيلم، الذي يشار إليه في هذه المرحلة بالفيلم السلبي Negative، جاهزاً لدخول الغرفة المعتمة لتظهير الصور الفوتوغرافية. الفيلم السلبي هو الأكثر شيوعاً في التصوير الفوتوغرافي الثابت. لكن هناك نوع آخر يعرف بفيلم الشرائح Slide أو الفيلم العكسي Reversal film. عند التقاط صورة باستخدام فيلم سلبي، تكون الصورة معكوسة، لكن فيلم الشرائح يلتقط الصور كما تراها في الحياة الحقيقية. بمجرد معالجتها، يكون لهذه الأفلام قاعدة شفافة، مما يعني أنه يمكن استخدامها في أجهزة عرض الشرائح.
بلغت مساحتها 325.44 م2.
منذ ظهور التصوير الفوتوغرافي بالأفلام، وجدت الغرف المعتمة أيضاً. كما يوحي الاسم، تكون أوكار التصوير الفوتوغرافي هذه خالية من الضوء الطبيعي أثناء الاستخدام، وتتوهج بلون قرمزي لمنع تظهير الورق الحساس للضوء قبل الأوان. يمكن أن يؤدي تسرب ضوء الشمس، أو حتى الضوء الأبيض الاصطناعي، إلى ظهور ورق فوتوغرافي غير معالج ومحو أي صور يحملها.
مثل الفيلم، يصنع ورق الصور الفوتوغرافية من طبقة أساسية، إما من الورق أو البلاستيك، تغلف بمستحلب الجيلاتين الفضي. لنقل الصورة من الفيلم إلى الورق، يستخدم جهاز يشبه جهاز العرض ويسمى المكبر Enlarger لتمرير الضوء عبر الفيلم السلبي إلى واحدة من الأوراق الفوتوغرافية. تُطبع الصورة وألوانها على الورق، ويمكن بعدئذ تظهيرها وتثبيتها بطريقة الفيلم الأصلي نفسها.
أول فيلم شريطي
في عام 1881، أسس رائد التصوير الفوتوغرافي جورج إيستمان George Eastman شركة إيستمان للألواح الجافة Eastman Dry Plate Company. تمخض هذا المشروع عن مجموعة من الابتكارات في كل من التصوير الفوتوغرافي والصور المتحركة. كان أحد التطورات هو اختراع الفيلم الشريطي Film roll الجاف المرن، المصنوع من بروميد الفضة وورق مطلي بمستحلب الجيلاتين. الأمر المثير للإعجاب في فيلم إيستمان هو أنه يسمح للمصور بالتقاط صورة تلو الأخرى. حتى تلك اللحظة، كانت الصور تُنتج فردياً. في مايو 1888، أصدر إيستمان أول كاميرا صندوقية، سُميت كوداك Kodak، والتي زودت بفيلم شريطي محمل مسبقاً، والذي كان طويلاً بما يكفي لـ 100 لقطة. كانت كوداك بداية التصوير الفوتوغرافي للهواة، وهي ممارسة كانت مقتصرة في السابق على المحترفين.
خلف الستار
ما المعدات المستخدمة داخل الغرفة المعتمة؟
1 أضواء حمراء RED LIGHTS
من دون الضوء الطبيعي، يحتاج المصورون إلى استخدام شيء ما لرؤية ما يفعلونه أثناء التظهير. يُستخدم الضوء الأحمر أو الأصفر لأنهما لا ينتجان أطوالاً موجية تؤثر على الورق الحساس. لكن بعض أنواع الورق تكون حساسة جداً لدرجة أنه يجب العمل عليها تحت الضوء فوق البنفسجي للحفاظ على سلامتها.
2 المكبر ENLARGER
توضع الصور الملتقطة على أفلام سلبية داخل مكبر، حيث يركز عليها لضبط التكبير المطلوب. يمرر بعدئذ شعاع من الضوء عبر الصورة السلبية، مما يسقط الصورة مباشرة على الورق الفوتوغرافي. كلما تعرضت الورقة للضوء لفترة أطول، ظهرت الصورة أكثر قتامة، لذا فمن الأهمية بمكان تحديد التوقيت المناسب.
3 مكتشف التركيز FOCUS FINDER
يعمل هذا الجهاز الأنيق جنباً إلى جنب مع المكبر ويساعد في الحفاظ على تركيز الصور. قبل استخدام الورق، تعرض الصورة أولاً على اللوحة القاعدية باستخدام المكبر. ثم يوضع مكتشف التركيز عليها. مثل المجهر، يُستخدم لتحديد الأماكن التي قد تكون فيها الصورة خارج نطاق التركيز. يمكن للمصور بعدئذ ضبط المكبر ليكون جاهزاً لاستخدام ورقة فوتوغرافية.
4 التظهير والتثبيت DEVELOPMENT AND FIXING
بمجرد أن تعرض الصورة على الورق الفوتوغرافي بواسطة المكبر، تُخضع الورقة لعملية التظهير والتثبيت، على غرار العملية التي تحول الفيلم إلى صور سلبية. تغمس الصورة عبر سلسلة من أدوات التظهير الكيميائي والمثبتات ومحاليل وقف التظهير من أجل تظهير الصورة ومنع تعرض الورق لمزيد من الضوء.
5 رفوف التجفيف DRYING RACKS
كثيراً ما تزود الغرف المعتمة بأرفف أو خطوط تجفيف تتدلى منها الصور الفوتوغرافية المظهرة حديثاً. بمجرد اكتمال عملية التظهير، تغسل الصور جيداً وتترك لتجف لعدة ساعات.
6 مساحة مقسمة DIVIDED SPACE
تنقسم الغرف المعتمة عادة إلى نصفين: جانب رطب وجانب جاف. يحتفظ بجميع المواد الكيميائية المستخدمة في تظهير الصور وغسلها على الجانب الرطب، في حين تحفظ المعدات الكهربائية، مثل المكبر، على الجانب الجاف.
بقلم: سكوت داتفيلد