منطقة اندساس نائمة يمكنها أن تبتلع المحيط الأطلسي
بقلم: ساشا باري
تزحف منطقة الاندساس Subduction zone الواقعة أسفل مضيق جبل طارق Gibraltar Strait غرباً لدرجة يمكن معها أن ”تغزو“ المحيط الأطلسي في يوم ما، مما يسبب إغلاق المحيط ببطء. في الوقت الحالي، تقع منطقة الاندساس، المعروفة أيضاً بقوس أو خندق جبل طارق، في ممر محيطي ضيق بين البرتغال والمغرب. فقد بدأت هجرتها غرباً قبل نحو 30 مليون سنة، عندما تشكّلت منطقة اندساس بطول الساحل الشمالي لما يعرف الآن بالبحر الأبيض المتوسط، لكنها توقفت في آخر خمسة ملايين سنة، مما دفع البعض إلى التساؤل عما إنْ كانت لا تزال نشطة حالياً.
يبدو أن القوس يمر بفترة هدوء فحسب. يرجح أن يستمر هذا الهدوء لمدة 20 مليون سنة أخرى، وبعدها قد يستأنف قوس جبل طارق تقدمه ويقتحم المحيط الأطلسي في عملية تعرف بـ”الغزو الاندساسي“ Subduction invasion. يضم المحيط الأطلسي منطقتي اندساس معروفتين للباحثين، وهما منطقة الاندساس في جزر الأنتيل الصغرى في منطقة البحر الكاريبي وقوس سكوتشا Scotia arc بالقرب من القارة القطبية الجنوبية. فقد قال جواو دوارتي João Duarte، الأستاذ المساعد من جامعة لشبونة: ”لقد غزت منطقتا الاندساس هاتين المحيط الأطلسي منذ عدة ملايين من السنين. تُعد دراسة جبل طارق فرصة لا تقدر بثمن لأنها تسمح بمراقبة العملية في مراحلها المبكرة عندما تحدث لتوها“.
ولاختبار ما إنْ كان قوس جبل طارق لا يزال نشطاً، أنشأ دوارتي وزملاؤه نموذجاً حاسوبياً يحاكي نشأة منطقة الاندساس في عصر الأوليغوسين Oligocene epoch وتطورها حتى يومنا هذا. لاحظ الباحثون انخفاضاً مفاجئاً في سرعة القوس منذ خمسة ملايين سنة عندما اقترب من حدود المحيط الأطلسي. بعد ذلك أجرى الفريق نمذجة لمصير القوس على مدى الأربعين مليون سنة المقبلة، فوجدوا أنه سيشق طريقه بصعوبة عبر مضيق جبل طارق الضيق من العصر الحالي وطوال العشرين مليون سنة المقبلة. كتب باحثو الدراسة: ”من المثير للدهشة أنه بعد هذه النقطة يتسارع تراجع الخندق ببطء وتتسع منطقة الاندساس وتنتشر باتجاه المحيط“.
إذا اجتاح قوس جبل طارق المحيط الأطلسي، فإنه قد يسهم في تشكيل نظام اندساس أطلسي مماثل لسلسلة من مناطق الاندساس التي تحيط بالمحيط الهادي، والمعروفة بحلقة النار Ring of Fire. وقد يؤدي تشكّل سلسلة مماثلة في المحيط الأطلسي إلى إعادة تدوير القشرة المحيطية في وشاح الأرض Mantle بالاندساس على جانبي المحيط الأطلسي، مما يؤدي إلى ابتلاع هذا المحيط وإغلاقه تدريجياً. وقد يفسر التقدم الطاحن لقوس جبل طارق على مدى الخمسة ملايين سنة الماضية الندرة النسبية للنشاط الزلزالي والبركاني في المنطقة، وهو ما استُخدم كحجج لرفض فكرة أن منطقة الاندساس ربما لا تزال نشطة. إن الصمت التكتوني للمنطقة هو نتيجة مباشرة لفترة طويلة من توقف الحركة.
كان آخر زلزال كبير هز المنطقة هو زلزال لشبونة الكبير لعام 1755، والذي بلغت شدته ما يتراوح بين 8.5 إلى 9.0 على مقياس درجة العزم Moment magnitude scale. أشار الخبراء أن حدوث زلزال بهذه القوة في أي وقت قريب أمر غير وارد تماماً، لأن آخر حدث من هذا القبيل وقع قبل 250 سنة فقط.