تعتبر علبة التروس Gearbox أحد المكونات الأساسية للسيارة الحديثة، ولا عجب أنها أحد أشد الأجهزة تعقيداً داخل أي مركبة. على الرغم من كل ذلك، يبقى المبدأ بسيطاً. ويتصل محرك السيارة بعمودها المرفقي Crankshaft الذي يدور آلاف المرات في الدقيقة، وهي سرعة عالية جداً بالنسبة إلى العجلات، لذلك تحوّل التروس المسننة Gears الطاقة إلى سرعات يمكن للعجلات تحملها. وهي تستخدم أسناناً متشابكة، وتربط سناً Cog صغيراً سريع الحركة بترس مسنن أكبر به عدد أكبر من الأسنان، ويدور هذا السن الأكبر بسرعة منخفضة. تحتوي التروس السفلية على أسنان أكبر، مما يسمح للمحرك بتوصيل قدر كبير من القوة دون أن تتحرك السيارة بسرعة، وهو مثالي عندما تقود سيارتك ببطء أو عند صعود المنحدرات. وتوفر التروس المسننة العلوية سرعة أكبر بدلاً من عزم الدوران، وهو مفيد جداً للقيادة السلسة على الطرق السريعة. أما التروس المسننة السفلية؛ فتوفر مزيداً من القوة، في حين توفر التروس المسننة العلوية مزيداً من السرعة- لكن عليك تبديل التروس المسننة لأعلى من أجل الوصول إلى تلك السرعات العالية. تحتوي معظم السيارات على خمسة تروس مسننة على الأقل، مما يمنح السائقين تحكماً أفضل في القوة والسرعة.
ظهرت علب التروس منذ فترة: فقد عُرض أول ناقل حركة يدوي حديث من قبل المخترعين الفرنسيين لويس فرانسوا رينيه بانهارد
Louis François Rene Panhard وإميل ليفاسور Emile Levassor في عام 1894، وحسّن لويس رينو Louis Renault تصميمه في عام 1898. وفي عام 1928 طرحت شركة كاديلاك Cadillac نظاماً متزامناً جعل تغيير التروس أكثر سلاسة. ظهرت علب التروس الأوتوماتيكية تجارياً في أربعينات القرن العشرين، وهي الآن في نفس شهرة علب التروس اليدوية. تحت كل هذا، تظل التروس المسننة مفهوماً قديماً. اكتُشف استخدامها في الصين في القرن الرابع وفي اليونان القديمة، واستخدمت أقدم ساعة تعمل في العالم تروساً مسننة لإظهار الوقت في كاتدرائية سالزبوري منذ عام 1386. وقد تكون التروس المسننة قديمة، لكن من الواضح أنها صمدت أمام اختبار الزمن، ولا تزال جزءاً لا يتجزأ من كل سيارة تراها على الطريق.
5 حقائق عن التروس المسننة
1 المراحل المبكرة
اخترع المهندس الكندي ألفريد هورنر Alfred Horner أول ناقل حركة أوتوماتيكي في عام 1923، لكنه استخدم الهواء المضغوط بدلاً من السائل الهيدروليكي، لذلك كان النظام يفتقر إلى الطاقة.
2 انتخاب طبيعي
توجد التروس المسننة في العالم الطبيعي أيضاً. تحتوي حشرة ضئيلة تسمى إيسوس كوليوبتراتوس Issus coleoptratus على بنى تشبه التروس المسننة على سيقانها وبها أسنان متشابكة، والتي تستخدمها لتمكينها من القفز في خطوط مستقيمة.
3 اختيار التروس
ما بين عامي 1930 و 1950، كان من الشائع جداً أن تجد سيارات ذات علب تروس “محددة الاختيار مسبقاً”. تعيّن على السائقين اختيار تروسهم المسننة قبل الضغط على دواسة القابض.
4 استخدام المحراك
تستخدم سيارات الفورمولا 1 علب تروس متتابعة نصف أوتوماتيكية بها ثمانية تروس مسننة أمامية وترس مسنن خلفي واحد داخل علب تروس مصنوعة من الكربون والتيتانيوم. وصارت الأنظمة الأوتوماتيكية بالكامل غير قانونية في سباقات الفورمولا 1 منذ عام 2004.
5 آلات ثقيلة
توجد واحدة من أكبر علب التروس في العالم داخل توربينات الرياح: فهي تنتج 10,000 كيلو نيوتن متر من عزم الدوران وتزن 86 طناً.
الاستعداد للمستقبل
لا تزال معظم السيارات تستخدم علب التروس اليدوية أو الأوتوماتيكية، لكن بعض المركبات الجديدة تحتوي على ناقل للحركة ذي تعشيق مستمر Continuously variable transmission (اختصاراً: الناقل CVT) أو أنظمة مزدوجة القابض. فناقل الحركة ذو التعشيق المستمر هو نوع من علب التروس الأوتوماتيكية، لكنه يختلف عن تلك التقليدية في خاصية رئيسية. بدلاً من استخدام التروس المسننة العادية، حيث يمكن للسائقين أن يشعروا بتبديل التروس، تتميز علب التروس في ناقل الحركة ذي التعشيق المستمر بتصميم مخروطي الشكل ومنظومة من البكرات لتحقيق انتقال سلس للتروس المسننة إلى أعلى وإلى أسفل ضمن نطاق طاقة السيارة. وهو نظام فعال يستخدم كثيراً في السيارات الهجينة. كثيراً ما توجد الأنظمة المزدوجة القابض في السيارات شبه الأوتوماتيكية- يعني تضمين قابضين اثنين أن السيارات يمكنها التحديد المسبق لحركة التروس المسننة، مما يعني حصولك على تبديل سريع بشكل مذهل للتروس المسننة. يوجد هذا النظام أيضاً في السيارات العالية الأداء والمركبات المزودة بمحراك Paddle لتبديل السرعة على عجلة القيادة. لكن علب التروس اليدوية ليست خالية من الابتكارات أيضاً. أنتجت شركة فولكس فاجن علبة تروس يدوية جديدة أسمتها MQ281، والتي تحسّن الكفاءة بصورة مذهلة وتقلل الانبعاثات.
“تحت كل هذا، تظل التروس المسننة مفهوماً قديماً”
سحر السيارات الأوتوماتيكية
تحظى علب التروس الأوتوماتيكية بنفس شعبية علب التروس اليدوية في العديد من البلدان، وهي أكثر انتشاراً في الولايات المتحدة. وهي مفضلة لأن السائقين لا يضطرون إلى العبث بدواسات القابض وعصي تبديل التروس المسننة. وتستخدم معظم السيارات الأوتوماتيكية نظاماً لتحويل عزم الدوران. وبدلاً من استخدام القابض Clutch لفصل المحرك عن علبة التروس لتغيير التروس المسننة، تعتمد السيارة على زيت علبة التروس لنقل الطاقة من عمود الإدخال إلى التروس المسننة، ومنها إلى العجلات. تحدد حواسيب متى يلزم تغيير التروس المسننة بدقة، مما يسمح بنقل التروس بسلاسة ويتيح قيادة أسهل، وكثيراً ما تكون علب التروس الأوتوماتيكية أعلى كفاءة من نظيراتها اليدوية.
بقلم: مايك جينينغز