أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
عين على العالمفضاءفلك وعلم الكونيات

الصدفة القديمة تكشف عن أيام أقصر زمن الديناصورات

بقلم: ياسمين سابلاك أوغلو

عندما تركت الديناصورات آثار أقدام جديدة على الوحل، كانت وتيرة دوران كوكبنا أسرع مما هي عليه اليوم. ففي حلقات ساعة قديمة لتسجيل الوقت سجلت الأرض قصة أيام أقصر بنصف ساعة وأعوام أطول بأسبوع مما هي عليه حاليا. ومسجلة الوقت القديمة تلك هي بطلينوس رودست Rudist clam المنقرض، وهو واحد من مجموعة من الرخويات التي هيمنت في يوم ما على الدور الذي يؤديه المرجان حاليا في بناء الشعاب المرجانية. والبطلينوس توريتس سانشيزي Torreites sanchezi عاش قبل 70 مليون سنة في قاع البحر الاستوائي الضحل الذي صار الآن أرضاً جافة في جبال عُمان في الشرق الأوسط.
في موطنها، كانت هذه الصدفيات القديمة تنمو بسرعة كبيرة في شعاب كثيفة، مما أضاف حلقة نمو على صدفتها في كل يوم من أيام السنوات التسع من حياتها. وقد حلل فريق من الباحثين صدفة البطلينوس للحصول على لمحة مما كان عليه الزمن والحياة في العصر الطباشيري المتأخر Late Cretaceous period، قبل نحو خمسة ملايين سنة من نهاية قصة كل من الديناصورات وهذه الصدفة. واستخدم العلماء الليزر لحفر ثقوب مجهرية في الصدفة، ثم فحصوها بحثاً عن العناصر الأثرية Trace elements، مما زودهم بمعلومات عن درجة حرارة وكيميائية المياه التي عاشت فيها هذه الرخويات. وقال المؤلف الرئيسي نيلز دي وينتر Niels de Winter «لدينا نحو 4 إلى 5 نقاط بيانات من اليوم الواحد، وهذا شيء من النادر أن تحصل عليه في التاريخ الجيولوجي؛ فبإمكاننا أن ننظر إلى يوم مضى قبل 70 مليون سنة».
كشف تحليل الصدفة التي تتكون من جزأين (مصراعين) متصلين بمفصل لذا تعرف بـ‘ذات المصراعين’ Bivalve، أن درجات حرارة المحيط كانت أعلى خلال تلك الفترة مما كان يعتقد سابقاً، بلغت 40˚س في الصيف وأكثر من 30˚س في الشتاء.
ووجدوا أيضاً أن الصدفة نمت بوتيرة أسرع خلال النهار مما فعلت خلال الليل، مما يشير إلى أن هذا البطلينوس قد تكون له علاقة بأنواع أخرى تتغذى بضوء الشمس وتحفّز بناء الشعاب. ويسمى هذا النوع من العلاقة أحادية الاتجاه أو ثنائية الاتجاه التي تساعد فيها الكائنات الحية بعضها البعض على التكافل Symbiosis، ويوجد أيضاً بين بعض أنواع المحار العملاق والطحالب.
لأن هذه الرخويات القديمة أظهرت أيضاً اختلافات موسمية كبيرة، أو تغيرات في الصدفة حسب المواسم المختلفة، فقد تمكن الباحثون من تحديد المواسم وحساب السنين. ووجدوا أن السنوات التي مرت خلال تلك الفترة كان طولها 372 يوماً، وأن طول الأيام بلغ 23 ساعة ونصف. وكان من المعروف سابقاً أن الأيام كانت أقصر في الماضي، لكن هذا هو أدق رقم محسوب للعصر الطباشيري المتأخر. وعلى الرغم من أن عدد الأيام في السنة قد تغير، إلا أن طول السنة ظل ثابتاً بمرور الزمن، لأن مدار الأرض حول الشمس لا يتغير في الواقع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى