أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
الطب وصحةعلم الإنسان

التدخين مـقــابـل السجائر الإلكترونية

لماذا قد يكون التدخين الإلكتروني ضاراً بصحتك مثل تدخين السجائر تماماً

بقلم: سكوت داتفيلد

اختُرع التدخين الإلكتروني Vaping كوسيلة للحد من تدخين السجائر، وسرعان ما صار الاتجاه كبديل للتدخين وآفة جديدة تماماً. زحفت أولى السجائر الإلكترونية إلى السوق التجاري في أوائل عام 2000، عندما اخترعها الصيدلي الصيني هون ليك Hon Lik بعد وفاة والده، وهو مدخن شره، بسرطان الرئة. لأنها سُوِّقت كطريقة للتخلص من عادة التدخين السيئة وطريقة «صحية» للحصول على النيكوتين، قفز عدد المدخنين الإلكترونيين إلى 41 مليون شخص على مستوى العالم في عام 2018، كما يتوقع الباحثون زيادتهم إلى 55 مليون مدخن بحلول عام 2021.

التدخين
ما مدى ضرر سيجارة واحدة؟

في عام 2017 عزت دائرة الصحة الوطنية (البريطانية) NHS أن 77,800 حالة وفاة إلى التدخين، مع دخول 489,300 شخصٍ بسببه إلى المستشفى. كنظام فعال لتوصيل العقاقير، صمّمت السجائر لتسهيل نقل المواد الكيميائية المسببة للإدمان والمحفّزة للدوبامين مثل النيكوتين Nicotine إلى مجرى دم المدخن. فمثلاً، يستنشق المدخن المتوسط ما بين 1 إلى 2 مغم من النيكوتين من كل سيجارة. والنيكوتين هو القوة الدافعة لإدمان التدخين، إذ يسعى المدخنون إلى الحصول على جرعة من الدوبامين Dopamine لتخفيف التوتر على ما يبدو. ومع استنشاق الشخص العادي 10 نفثات من السيجارة قبل أن تحترق، فإن علبة واحدة بها 20 سيجارة تزود المدخن بنحو 200 جرعة من النيكوتين.
بخلاف طبيعة النيكوتين المسببة للإدمان، تحتوي السيجارة الواحدة على أكثر من 7,000 مادة كيميائية، منها 69 مادة على الأقل معروفة بأنها تسبب السرطان. وأحد السموم المدمرة بشكل خاص هو بقايا تسمى القطران Tar. وعند استنشاق دخان التبغ المحترق، تدخل هذه الحمأة البنية إلى الرئتين، وتغطي بطانتها وكذلك جدران القصبة الهوائية. وبطول هذه الجدران الداخلية، فإنه توجد خلايا صغيرة تشبه الشعر تسمى الأهداب Cilia، والمسؤولة عن احتجاز الملوثات والغبار قبل أن يمتصها الجسم. ومع تراكم القطران يصاب هؤلاء الحراس الخلويون بالشلل فيعجزون عاجزين عن صد أي مخترق غير مرغوب فيه، مما يعرض الجسم لخطر العدوى ويفتح بوابة لمجموعة من المركبات الكيميائية السامة.
مع استمرار تراكم القطران، تصبح الرئة الوردية التي كانت صحية في نهاية المطاف رمادية أو سوداء.
كواحد من مئات السموم المرتبطة بالدخان والتي قد تدخل الجسم، فإن الضرر المحتمل الذي قد يسببه هذا المزيج القاتل هائل. ويتسبب التدخين في %84 من الوفيات الناجمة عن سرطان الرئة وفي %83 من الوفيات الناجمة عن مرض الانسداد الرئوي المزمن. لكن الرئتين ليستا العضو الوحيد الذي يتأثر بالتدخين. في الواقع، يمكن أن يتأثر كافة أجزاء جسم الإنسان سلباً بالتدخين. من ارتفاع ضغط الدم وتلوّن الجلد بالرمادي إلى التسبب في السكتة الدماغية والعقم، يكفي تدخين سيجارة واحدة يومياً لزيادة خطر إصابة شخص بأمراض القلب بنسبة %48، وبزيادة خطر الإصابة بالسكتة الدماغية بنسبة %25.

التدخين الإلكتروني
هل تدخين السجائر الإلكترونية هو الحل للإقلاع عن التدخين، أم أنه يسبب مشكلات أكثر مما يحل؟

على الرغم من أنه صُنع كوسيلة للمساعدة في منع الآثار المدمرة للتدخين، على مدى السنوات القليلة الماضية، وجد أن التدخين الإلكتروني يسبب مجموعته الخاصة من الأمراض.
قد يكون الإقلاع عن التدخين، إلى جانب أي إدمان، تحدياً كبيراً بسبب اعتماد الجسم على المركب الكيميائي، النيكوتين.
تقدم المنتجات البديلة مثل لصقات وأقراص الاستحلاب Lazengens وعلكة النيكوتين طريقة بديلة للحصول على جرعة من النيكوتين دون استنشاق آلاف المركبات الكيميائية التي تأتي مع كل سيجارة مشتعلة. ومع ذلك، يتمثل قصور هذه المنتجات بعدم قدرتها على معالجة الجانب السلوكي للتدخين.
هنا ظهرت “السيجارة الإلكترونية” Vape: واعدة بإفراز الدوبامين نفسه الناجم عن سيجارة التبغ ومحاكاة عادة التدخين بالفم، صارت السجائر الإلكترونية بسرعة الحل الرقمي لعلاج الإدمان… لكن بأي ثمن؟
إن السحب المتصاعدة من الدخان الكاذب التي تتدفق من أفواه مدخني السجائر الإلكترونية هي نتيجة لتبخير Vaporization السوائل أو تحويلها إلى رذاذ Atomization. أثناء استنشاق السيجارة الإلكترونية عبر المبسم، تسخّن قطرة من السائل الغني بالنيكوتين، المعروف بـ“السائل الإلكتروني” E-liquid، وتحوّل بسرعة إلى بخار. ويحمل البخار كل النيكوتين الذي يتوق إليه المدخن، ويوصله بطريقة دخان السجائر نفسها عندما يدخل إلى الرئتين وينتشر في تجاويف شبيهة في شكلها بالقرنبيط تسمى الحويصلات الهوائية (الأسناخ) Alveoli. وعلى الرغم من استمرار مخاطر استنشاق النيكوتين، فقد اكتُشفت مجموعة أخرى من الحالات المرضية المرتبطة بالتدخين الإلكتروني.
وبعد زيادة المشكلات التنفسية غير المبررة التي بدأت تتراكم في المرضى في السنوات الأخيرة، تحول الاهتمام الطبي إلى التدخين الإلكتروني. وبمرور الوقت، فقد نُقل عدد متزايد من الأفراد الأصحاء الذين دخنوا السجائر الإلكترونية إلى المستشفى بأعراض مثل ضيق التنفس والحمى والسعال وألم الصدر. وتُعرف الحالة الآن بـ“إصابات الرئة المرتبطة باستخدام السجائر الإلكترونية أو منتجات التدخين الإلكتروني” E-Cigarette Or Vaping Product Use-Associated Lung Injury’ (اختصاراً: EVALI)، ويُعتقد أن الضرر الذي يلحق بالرئتين نتيجة للتدخين الإلكتروني يشير إلى مادة THC المضافة (وهي كانابينويد Cannabinoid يستخرج من نبات الماريجوانا). ومع ذلك، فإن البحث في أسباب الحالة EVALI لا يزال في مهده، وهناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث لفهم الحالة بشكل كامل. وبحلول 18 فبراير 2020 أكدت مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها 68 حالة وفاة في مرضى الحالات EVALI.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى