أسرار الماس
ما هذه الأحجار الكريمة المتلألئة الأشد صلابة من الصخور؟ من أين أتت ولماذا هي شديدة التميّز؟
الماس Diamonds هو أكثر الأحجار الكريمة طلباً وإثارة للإعجاب، مع تألق لامع يميزها عن الأحجار الكريمة الأخرى. ينطبق هذا اليوم، مع استخراج الماس بكميات صناعية، كما كان منذ آلاف السنين عندما كان نادراً جداً. كما كتب المؤرخ الروماني بليني Pliny في القرن الأول الميلادي: ”الماس هو الأثمن، ليس فقط بين الأحجار الكريمة، ولكن بين معظم الأشياء في هذا العالم“.
اكتشفت هذه الأحجار الكريمة لأول مرة منذ نحو 2,500 سنة في الهند، حيث ثمّنت كأشياء إلهية. لم يُستخرج هذا الماس بالمعنى الحديث- بل كان يُجمع ببساطة من الرواسب في الأنهار والجداول. وهي مرغوب فيها جدا بسبب مظهرها المذهل، وبحلول القرن الرابع قبل الميلاد، قايض الهنود الماس مع الأجزاء الأخرى من العالم. كانت ندرته الشديدة تعني أن الأثرياء فقط هم من يستطيعون تحمل تكلفته، فصار الماس رمزاً مطلقاً للمكانة بين أفراد النخبة في العصور الوسطى. فقط في القرن التاسع عشر، عندما عثر على رواسب الماس الأكبر في جنوب إفريقيا، صار متاحاً للجميع.
تتألف بلورات الماس من عنصر كيميائي واحد فقط: الكربون. وينطبق الشيء نفسه على الغرافيت ،Graphite وهو معدن أكثر شيوعاً لكنه يختلف عن الماس كلياً في المظهر والخصائص. الغرافيت هو ما يُصنع منه قلم الرصاص، وهو هش جداً لدرجة أنه يُفرك على الورق عند الكتابة به، تاركاً بصماته. أما الماس؛ فهو واحد من أشد المواد المعروفة صلادة- لذا لا يمكن خدشه إلا بماسة أخرى. يكمن الاختلاف بينهما في ترتيب ذرات الكربون. في الغرافيت، تشكل الذرات صفائح مستوية، والتي يمكن أن تنزلق بسهولة مقابل بعضها بعضا، في حين تشكل في الماس بنية صلبة ثلاثية الأبعاد. تعني صلادة الماس أن له استخدامات عملية أخرى إلى جانب صنع المجوهرات، لا سيما في التلميع والقطع والحفر.
بينما يوجد الكربون عادة في صورة غرافيت على سطح الأرض، فإنه يمكن أن يشكل الماس عند أعماق أكبر بكثير، حيث تكون درجات الحرارة والضغط أعلى بكثير. في أماكن قليلة على الأرض، نقلت المواد الحاملة للماس من هذه الأعماق إلى السطح بفعل الانفجارات البركانية، وبعد ذلك جُرفت بعض هذه المواد في مجاري الأنهار حيث اكتُشف الماس لأول مرة. أما حالياً، فيأتي معظم الماس من تعدين الصخور الحاملة للماس مباشرة، والتي تسمى الكيمبرلايت -Kimberlite على اسم مدينة كيمبرلي Kimberley للتعدين في جنوب إفريقيا حيث عُثر عليها لأول مرة.
الماس المثالي الخالي
من الشوائب يسمى
المثل الأعلى Paragon
في وقت ما، كان الماس باهظ الثمن بسبب ندرته، لكنه في الواقع أقل ندرة حالياً من الياقوت أو الزمرد. لكن إنتاج الماس ينطوي على سلسلة مُكلفة للمعالجة من التعدين إلى الصقل. وكذلك هناك طلب عالمي كبير على الماس، ويرجع ذلك في الغالب إلى استخدامه على نطاق واسع في خواتم الخطبة- وهو ”تقليد“ أنشأته حملة تسويقية ذكية في ثلاثينات القرن العشرين.
عندما أصدر مبتكر شخصية جيمس بوند، إيان فليمنغ، رواية ”الماس يعيش للأبد“ Diamonds Are Forever في عام ،1956 ربما كان يقتبس مثلاً قديماً. لكن اتضح أن هذا أيضاً كان شعاراً تسويقياً صيغ قبل أقل من عقد من الزمن. وهذا ليس صحيحاً، لأن الماس شكل غير مستقر من الكربون الذي يتحلل في النهاية إلى الغرافيت- على الرغم من أنه يحتاج إلى ملايين السنين لحدوث ذلك.
”اكتشفت هذه الأحجار الكريمة قبل 2,500 سنة في الهند، وصنفت كأشياء إلهية“
