إن الجهاز المناعي أكثر من قادر على قمع فيروس كورونا، لكنه يحتاج أولاً إلى بعض التدريب. وعندما يدخل الفيروس الجسم، فإن أول ما يحتاج إليه الجهاز المناعي هو معرفة هويته. للعمل بذلك، يرسل جنود مشاة، تُعرف بالماكروفاج (البلاعم) Macrophages، فتلتهم بقايا الخلايا المصابة وتقسمها إلى قطع تسمى المستضدات Antigens. وتأخذ البلاعم هذه المستضدات إلى أقرب عقدة ليمفاوية لتحليلها. فهناك، تتراكم الآلاف من الخلايا المناعية التي تسمى الخلايا التائية والخلايا البائية لإلقاء نظرة. فهناك نوعان من الخلايا التائية: القاتلة Killers، وهي مختصة بقتل الخلايا المصابة بعدوى الفيروس، والخلايا المساعدة Helpers التي تطلق مواد كيميائية لتعزيز الاستجابة المناعية. أما الخلايا البائية؛ فهي تنتج أجساما مضادة تستهدف جزيئات الفيروس كصواريخ موجهة. ولكن هناك مشكلة: هناك الملايين من الخلايا التائية والخلايا البائية في الجسم، وكل واحدة منها مختلفة قليلاً. قلة قليلة فقط هي القادرة على مكافحة عدوى فيروس كورونا. لمحاربة الفيروس بشكل فعال، يحتاج الجهاز المناعي إلى إيجاد تلك الخلايا المتخصصة واستنساخها لتكوين جيش. وتستغرق هذه العملية نحو سبعة أيام، وفي ذلك الوقت يكون بعض الأشخاص شديدي الاعتلال بالفعل.
تعطي اللقاحات الجسم فرصة لإطلاق هذه العملية التدريبية قبل أن يواجه الفيروس الحقيقي. وتزود لقاحات فيروس كورونا الجديدة الجسم بمستضد فيروسي- أو التعليمات الخاصة بصنعه، وليس بقية الفيروس. يعني هذا أن يتمكن الجهاز المناعي من الخلايا التائية والخلايا البائية الصحيحة، وتجهيزها، دون خوف من تكاثر الفيروس. يُطلق على المستضد الذي تركز عليه اللقاحات اسم “البروتين الشوكي” Spike protein، وهو البروتين الذي يستخدمه فيروس كورونا للوصول إلى الخلايا البشرية. وبمجرد أن يتعلم الجهاز المناعي استهداف هذا البروتين، يمكنه كبح جماح الفيروس.