كيف تنام الحيوانات البحرية
كيف تحصل الحيتان وأسماك القرش والمخلوقات البحرية الأخرى على نوم جيد ليلاً
يختلف عالم الإغفاء تحت الماء عما نراه على السطح. بالنسبة للثدييات، فالنوم الليلي الجيد يُدخل الحيوان في حالة من فقدان الوعي خلال ساعات من النوم المنشّط الذي يساعد على تعافي الجسم وترسيخ الذكريات بقوة في الذهن. لكن بالنسبة إلى الأسماك، فإن ”النوم“ ليس عملية محددة جيداً. بدلاً من ذلك، يقضي العديد من أنواع الأسماك فترات قصيرة في حالة من انخفاض النشاط أو الراحة مع إبقاء أعينها مفتوحة لمراقبة المياه بحثاً عن المفترسات المحتملة. فخلال هذه الفترات من النشاط المنخفض، تتباطأ عمليات التمثيل الغذائي لدى الأسماك وينخفض مستوى يقظتها.
إن اتساع نطاق حيوانات المحيطات التي تُظهر هذا النوع من النشاط المنخفض أمر مدهش. من بين مئات الآلاف المخلوقات التي تعيش في البحر، يكتفي البعض بالطفو مع التيار، مثل قنديل البحر Jellyfish. يجد البعض الآخر غرفاً صخرية للنوم ليلاً، في حين تدفن أخرى مثل أسماك الرقيطة Stingrays نفسها في الرمال طلباً للراحة. لابد أنه من الصعوبة بمكان أن تحصل على نوم ليلي هانئ عندما تكون مخلوقاً يتنفس الهواء ولكنك تعيش في الماء، لكن هذا هو ما يتعين على الثدييات البحرية في العالم مواجهته.
لحماية أنفسها من الغرق أثناء نومها، طورت الثدييات البحرية مثل الدلافين Dolphins وخراف البحر Manatees القدرة على ”إيقاف تشغيل“ أحد نصفي كرتها المخية للاستراحة، وهو ما يُعرف بالنوم نصف المخي Unihemispheric sleep. بينما ينام أحد نصفي الكرة المخية بسرعة، يحافظ النصف الآخر على عمل جميع الوظائف الحيوية لدى الحيوان، مثل التنفس. خراف البحر، مثلاً، تحب النوم، وتقضي ما يصل إلى 12 ساعة يومياً في إغفاءة عميقة. لكنها كحيوانات تتنفس الهواء، تحتاج إلى الصعود كل 20 دقيقة أو نحوها لاستنشاق لأكسجين. لتحقيق ذلك، يرسل نصف الدماغ الذي ظل مستيقظاً خروف البحر النائم إلى السطح للحصول على بعض الهواء.
ألحفة مخاطية
عندما تغرب الشمس ويحين الوقت لسمكة الببغاء Parrotfish (كلوروروس Chlorurus) للاستقرار ليلاً، تسبح إلى قاع البحر وتجد مكاناً لطيفاً بين الصخور للنوم. بعد أن تجد مكاناً للراحة، تفرز هذه الأسماك الاستوائية ذات الألوان النابضة بالحياة مخاطاً من الغدد الموجودة خلف خياشيمها، والذي يشكل شرنقة مريحة حول السمكة بكاملها. يستغرق صنع اللحاف المخاطي نحو 30 دقيقة، لكنه يحيط بسمكة الببغاء طوال الليل. بالطريقة نفسها التي تحميك بها الناموسية أثناء الليل، تحمي الشرنقة المخاطية سمكة الببغاء من الطفيليات الماصة للدم المعروفة بـ غناثيدي إيزوبودس Gnathiidae isopods. إلى جانب كونها حاجزاً مادياً، تحجب الشرنقة أيضاً رائحة السمكة، مما يمنع الحيوانات الأخرى من شم رائحتها وهي مستغرقة في النوم.
أحلام الأخطبوط
نظراً لأن معظم الأسماك لا تفقد وعيها تماماً خلال النوم، فمن الآمن افتراض أن الأحلام نادرة تحت الماء. ولكن الباحثين اكتشفوا نافذة قصيرة قد ينجرف فيها ذهن الأخطبوط إلى أرض الأحلام. أظهرت الأخطبوطات الخاضعة للدراسة دورات نوم تتضمن لحظات مطولة من الراحة الهادئة وفترات قصيرة من النشاط. وبالنسبة إلى البشر، قد تمثل هذه الهبّات القصيرة التقلب في الفراش، لكن جلد الأخطبوط يتغير لونه وتنقبض ممصات لوامسه. لمدة 40 ثانية تقريباً، غيّرت الأخطبوطات لون جلدها وملمسه، مما يشير إلى أنها ربما استشعرت أحلاماً قصيرة وبسيطة أدت إلى حدوث هذه التغييرات.
أن تنام ربما لمدة 30 دقيقة في المرة الواحدة
بقلم: سكوت داتفيلد