بقلم: سكوت داتفيلد
عند التحديق في السماء عبر الغيوم، فمن الصعب تخيل حضارة كاملة من الأقمار الاصطناعية ومعظمها تتحدث إلى بعضها البعض فوق رؤوسنا. فالأقمار الاصطناعية التي تُعد بالآلاف، هي الجيران المداريون الذين نحتاج إليهم للبقاء متصلين هنا على الأرض. وعلى الرغم من اختلاف وظائفها، إلا أن الأقمار الاصطناعية تُستخدم عادة إما للاتصال أو التصوير أو الملاحة.
لإبقائنا جميعاً على اتصال تعمل أقمار الاتصالات بمثابة “مرايا فضائية”، فتنقل الإشارات من بعضها إلى بعض قبل إعادة بث الرسالة إلى الأرض. وتأخذ هذه الرسائل شكل موجات الراديو، والتي تُستقبل وتُضخّم وتُرسل في طريقها عن طريق أجهزة الإرسال والاستقبال على القمر الاصطناعي. فمثلاً، عند مشاهدة التلفزيون، تكون الصورة التي تراها نتيجة إشارة “اتصال صاعد” Uplink إلى قمر اصطناعي من قبل منتجي البرنامج، فتضخّم وتنقل إلى جهاز آخر قبل إرسال “اتصال هابط” Downlink للإشارة إلى جهاز الاستقبال بمنزلك، والذي يفك تشفيرها ويعرضها على الشاشة. ويسمح هذا النمط من الإرسال الصاعد والهابط بإرسال الإشارات إلى معظم أنحاء العالم بسرعة الضوء، أي نحو 300,000 كم في الثانية.
تعمل أنواع الأقمار الاصطناعية الأخرى بشكل مشابه في كيفية تواصلها مع الأرض ومع بعضها بعضا. وتحدد التقنيات الموجودة على متنها وظائفها في الفضاء الخارجي. فمثلاً، ترسل شبكة الأقمار الاصطناعية التي تشكل نظام تحديد المواقع العالمي Global Positioning System (GPS) المعلومات إلى بعضها البعض عبر إشارات الراديو لتحديد مواقع النقاط المختلفة على كوكبنا. ولتحقيق ذلك، فهي تستخدم المبدأ القائل إن الوقت الذي يستغرقه إرسال إشارة واستقبالها يساوي المسافة بين جسمين، في هذه الحالة القمر الاصطناعي والأرض. ويعني هذا أن ضبط الوقت يجب ألا تشوبه شائبة. وتخزن ساعات ذرية على متن الأقمار الاصطناعية لنظام تحديد المواقع العالمي. بداخل كل ساعة تُحتجز ذرات مستثارة، عادة لعنصر السيزيوم Caesium أو الروبيديوم Rubidium، والتي تدق فتحرك عقارب الساعة في الوقت المناسب. ولكونها أكثر موثوقية بكثير من مذبذبات Oscillators الكوارتز الموجودة في ساعات المعصم الأرضية، تظل الذرات الموجودة في الساعة الذرية غير متأثرة نسبياً بتأثيرات الجاذبية. وامتلاك تحكم ذري في الزمن يعني أنه يمكن حساب مسافات الأقمار الاصطناعية لنظام تحديد المواقع العالمي بدقة بالغة.
ولكن، ما الذي يمنع كل هذه الأقمار الاصطناعية من السقوط من السماء؟ يتعلق الأمر بالتوازن الدقيق بين سرعة الأقمار الاصطناعية وجاذبية الأرض. وتُطلق وتُرسل الأقمار الاصطناعية عبر الغلاف الجوي في صاروخ. ويندفع الصاروخ إلى الفضاء المفتوح ويُطلقها في المدار. والسرعة التي تطلق بها عالية بما يكفي لتحدي سَحْب الجاذبية، ولكنها ليست بالسرعة التي تمكنها من الاندفاع خارج مدار الأرض. وعندما يكون سَحْب الكوكب أقوى، كما هو الحال في المدار الأرضي المنخفض، تحتاج الأقمار الاصطناعية إلى سرعة أعلى لمنع سحبها إلى الأسفل. ففي مدار الأرض الخارجي المتزامن مع الأرض، تحتاج الأقمار الاصطناعية إلى إبطاء سرعتها للبقاء في مسارها مع الأرض. وهذا التوازن بين السرعة والجاذبية هو ما يمنع كل الأقمار الاصطناعية من السقوط على الأرض، ما لم يخرج أحدها من المدار بالطبع. فعلى الرغم من أن هذا الحدث نادر بسبب دقة مكان وضع الأقمار الاصطناعية في الفضاء، يمكن أن تتغير المدارات وتُدفع الأقمار الاصطناعية إلى مسارات ارتطامية.