الكواكب الصغيرة Minor Planet Center
التابع للاتحاد الفلكي الدولي أكثر
من 600,000 كويكب.
إنه أحد سيناريوهات الكوارث المفضلة في أفلام هوليوود: تندفع قطعة من الصخور عبر الفضاء في مسار تصادمي Collision course مع الأرض. لكن هذا السيناريو ليس مجرد خيال علمي- فهناك بالفعل صخور في الفضاء، على شكل ”كويكبات“ Asteroids، ولبعضها مدارات تتقاطع مع مدار الأرض. كما أنه لم يعد من الخيال العلمي الإشارة إلى أن بعثة فضائية مستقبلية قد يمكنها تجنب مثل هذه الكارثة. أطلقت وكالة ناسا اختبار إعادة توجيه الكويكب المزدوج ،Double Asteroid Redirection Testأو ”دارت“ DART اختصاراً، وهي بعثة تطير حالياً عبر الفضاء بهدف اختبار إحدى الطرق الممكنة للقيام بذلك. لكن قبل أن نتفحصها، يجدر بنا أن نتذكر ماهية الكويكبات Asteroids ولماذا يشكل بعضها خطراً على الحياة هنا على الأرض.
الكويكبات هي في الأساس مجرد قطع من الصخور التي تدور حول الشمس ككواكب ضئيلة. يتراوح حجمها من بضعة أمتار إلى مئات الأميال، وهناك الملايين منها في حزام الكويكبات الرئيسي بين المريخ والمشتري. ولكن الكويكبات توجد في جميع أنحاء المجموعة الشمسية بأعداد أصغر. تُعرف تلك التي لها مدارات تقترب من مدار الأرض حول الشمس بالكويكبات القريبة من الأرض Near-Earth asteroids، على الرغم من أن هذا مصطلح مضلل إلى حد ما لأنها في الواقع ليست قريبة منا طوال الوقت. أثناء تحركها حول مداراتها، فهي تقضي معظم الوقت على مسافات بعيدة – على الجانب البعيد من الشمس، مثلاً- لكن في أوقات أخرى يمكنها المرور بالقرب من الأرض.
إذا كانت مسافة أقرب اقتراب لكويكب من مدار الأرض تقل عن 4.6 مليون ميل، وكان حجمه أكثر من 140مترا، فإنه يُصنف على أنه كويكب محتمل الخطورة Potentially Hazardous Asteroid، أو PHA اختصاراً. لا يعني هذا بالضرورة أن الكويكب سيتصادم مع الأرض، لأنه حتى ولو تقاطع مداراهما، فسيتعين عليهما بلوغ نقطة التقاطع في الوقت نفسه بالضبط. لكن من الإجراءات الوقائية المعقولة أن نتتبع أكبر عدد ممكن من الكويكبات المحتملة الخطورة، حتى نعرف بالضبط أين هي وإلى أين تتوجه.
يرجّح أن يكون الحدث الأشهر هو ذلك الذي أدى إلى انقراض الديناصورات قبل 65 مليون سنة. ويُعتقد أنه نتج من كويكب تراوح قطره بين 6 إلى 9 أميال تقريباً، والذي ربما لا يبدو ضخماً بما يكفي لتسبب في انقراض كوكب يزيد قطره على 7,900 ميل، لكن السرعة التي اندفع بها الكويكب تعني أنه كان يحمل قدراً هائلاً من الطاقة- ما يكفي لصنع حفرة قطرها 93 ميلاً وقذف كميات هائلة من الحطام في الغلاف الجوي.
يمثل هذا الحد الأعلى لما يمكننا أن نتوقعه من الارتطام بكويكب. لكن حتى في الطرف الأدنى من مقياس الكويكبات المحتملة الخطورة، فإن كويكباً لا يزيد حجمه على 140 مترا يمكن أن يسبب حفرة يصل قطرها إلى عدة أميال، وفي أغلب الاحتمالات، سيكون عدد الوفيات الناجمة عنه أعلى من أي كارثة طبيعية في تاريخ البشرية. فهذه هي الأخبار السيئة، أما الخبر السار فهو أن اصطدام كويكب هو النوع الوحيد من الكوارث الطبيعية التي يمكننا أن نفعل شيئاً لمنعها، من حيث المبدأ. نظراً لأن الارتطام ينشأ من موقف يمكن التنبؤ به بدقة – وهو تقاطع جسمين دائريين – فإن الحيلولة دون وقوعه تعني ببساطة تغيير مدار الكويكب بحيث لا يصطدم بالأرض مرة أخرى. ولاختبار جدوى القيام بذلك، أطلقت وكالة ناسا بعثة دارت .DART
بعثة دارت
أطلقت المركبة الفضائية دارت DART التابعة لوكالة ناسا في 24 نوفمبر 2021 في طريقها إلى الكويكب ديديموس Didymos ورفيقه الأصغر ديمورفوس Dimorphos، الذي يدور حول الجرم الأكبر كقمر صغير. دارت DART هي أول بعثة فضائية مصممة لتجربة طريقة قد تكون ضرورية لحماية كوكبنا من ارتطام كارثي محتمل لكويكب ما في المستقبل. وسيتحقق ذلك عن طريق إجراء بسيط هو الاصطدام بديمورفوس على أمل أن يغير هذا مداره قليلاً حول ديديموس.
قبل نحو 10 أيام من الارتطام، نشرت دارت DART مركبة فضائية أصغر مصاحبة بنتها وكالة الفضاء الإيطالية، وهي ليسيا كيوب .LICIACube يؤمل بأن تلتقط ليسيا كيوب صوراً للارتطام، الإضافة إلى سحابة الغبار الناتجة وربما حتى فوهة الارتطام على سطح ديمورفوس. كانت تأثيرات الارتطام دراماتيكية جداً- على الرغم من أن المركبة دارت DART انطلقت بسرعة عالية تبلغ 15,000 ميل/ساعة – لأنها صغيرة جداً مقارنة بالكويكب المستهدف. وقد غير الارتطام مدار ديمورفوس حول ديديموس بنحو %1 -وهو فرق مازال يرصد بواسطة التلسكوبات على الأرض.
تتبع الكويكبات
أنيطت بمكتب تنسيق الدفاع الكوكبي Planetary Defense Coordination Office التابع لوكالة ناسا مهمة تتبّع الكويكبات المحتملة الخطورة. يستخدم المكتب شبكة من المراصد، على الأرض وفي الفضاء على حد سواء، لتمشيط السماء بحثاً عن كويكبات قد تشكل تهديداً لكوكبنا. ومن أهم هذه المرافق مرصد كيت بيك الوطني Kitt Peak National Observatory في ولاية أريزونا، وهو موطن مشروع سبيس واتش Spacewatch. أنشئ المشروع في الأصل في عام 1980 كدراسة علمية عامة للكويكبات – حيثما وجدت في المجموعة الشمسية – لكن تركيزه في الآونة الأخيرة انصب بشكل أساسي على الأجرام التي قد تشكل خطراً على الأرض. وباستخدام مجموعة من التلسكوبات المختلفة، رصد فريق سبيس واتش، جنباً إلى جنب مع باحثين متعاونين معهم، نحو 1,900 كويكب محتمل الخطورة- وهو أكثر بنحو 80% من جميع تلك التي اكتُشفت في معظم أنحاء العالم حتى الآن.
1 الأخ الأكبر BIG BROTHER
الأكبر من بين الكويكبين في النظام الثنائي.
2 الأخت الصغرى LITTLE SISTER
الهدف الفعلي للمركبة الفضائية دارت DART هو الكويكب الأصغر الذي يدور حول ديديموس.
3 الارتطام COLLISION
تتمثل المهمة الرئيسية للمركبة الفضائية بالاصطدام مباشرة بالكويكب ديمورفوس.
4 مراقب OBSERVER
نشرت هذه المركبة الفضائية الصغيرة بواسطة المركبة دارت DART لالتقاط صور الارتطام وتأثيراته.
5 المدار الأصلي ORIGINAL ORBIT
سيبقى مدار ديمورفوس حول ديديموس ثابتاً في حالة عدم حدوث ارتطام.
6 المدار الجديد NEW ORBIT
يتوقع أن يغير الارتطام مدار ديمورفوس، وربما يجعله أصغر قليلاً.
التعريف بديديموس
اكتُشف مشروع سبيس واتش في مرصد قمة كيت الوطني كويكب ديديموس في عام 1996، على الرغم من أن الصور الرادارية لم تُشر سوى لاحقاً إلى أنه كان في الواقع نظاماً ثنائياً. ومن المعروف الآن أن حجم ديديموس نفسه يبلغ نحو 800 متر، في حين لا يزيد عرض رفيقه الأصغر، ديمورفوس، على 160مترا فقط. ويعتبر هذا النوع من الكويكبات الثنائية مثالياً لتجربة مثل دارت DART لأنه من الأسهل بكثير اكتشاف التغيرات الطفيفة في مداره مقارنة بكويكب وحيد. أما ماهية هذه التغيرات، فلا يمكننا معرفتها إلا عن طريق اختبار عملي، لأنها تعتمد إلى حد كبير على البنية الداخلية غير المعروفة للكويكب.