كشف أسرار الخلايا الجذعية
إن تغيير النهج الذي وصف منذ فترة طويلة بأنه التطور الكبير التالي في العلاجات الطبية قد يفتح الإمكانات اللامحدودة للخلايا الجذعية
بقلم: لورا ووكر
الخلايا الجذعية Stem Cells هي الخلايا ”الأم“ التي تنشأ منها جميع الخلايا الأخرى في أجسادنا. إنها لبنات بناء الطبيعة، فهي قادرة على أن تكون أي نوع من الخلايا- من الجلد الموجود على باطن أقدامنا إلى المستقبلات الضوئية في أعيننا. على الرغم من أن العلماء توقعوا وجودها منذ عام 1908، إلا أنها لم تُكتشف في دم الحبل السري حتى عام 1978. وسرعان ما صارت الخلايا الجذعية محور جنون علمي وإعلامي. طُرح الكثير من التكهنات حول قدرتها على حل جميع أنواع المشكلات الطبية- من علاج أمراض مثل مرض ألزهايمر (تنطق آلزايمر) Alzheimer’s إلى تكوين أعضاء جديدة كاملة – وذلك بفضل قدرتها على التحول إلى أي نوع من الخلايا، ومن ثمَّ استبدال تلك المتضررة أو المفقودة.
لكن هذه الإثارة سرعان ما أعقبها نقاش وجدل، تركز معظمه على مصدر الخلايا الجذعية. الأكثر إثارة للجدل هي الخلايا الجذعية الجنينية Embryonic Stem Cells. تُجنى هذه الخلايا بعد 5 إلى 7 أيام من إخصاب الجنين البشري، في حين لا يزال كرة صغيرة من الخلايا. لا يُسمح بأبحاث الخلايا الجذعية الجنينية إلا في بعض الولايات الأمريكية، كما يُسمح بها في المملكة المتحدة، مع مراعاة ضوابط مشددة. لكن الباحثين حولوا اهتمامهم أيضاً إلى أبحاث الخلايا الجذعية البالغة.
”الخلايا الجذعية الموجودة لدى البالغين هي بقايا من النمو الجنيني“
الخلايا الجذعية الموجودة لدى البالغين هي بقايا من النمو الجنيني. تظل هذه الخلايا في أنسجة معينة، مثل نخاع العظم والأنسجة الدهنية، وتستبدل الخلايا القديمة الميتة. وعلى الرغم من عدم قدرتها على التحول إلى عدد أنواع الخلايا نفسه مثل الخلايا الجذعية الجنينية، إلا أنها لا تزال تحمل الكثير من الإمكانات العلاجية وهي في طليعة أبحاث الخلايا الجذعية. في عام 2006، اكتشف العلماء أن بإمكانهم إعادة برمجة الخلايا الطبيعية البالغة، مثل الخلايا الجلدية، إلى حالة تشبه الخلايا الجذعية. لقد بلغت الخلايا الجلدية هدفها النهائي بالفعل، لكن يمكن ”إعادتها إلى الوراء في الزمن“ لتشبه بالخلايا الجذعية بمعالجتها ببروتينات معينة. أطلق على هذه الخلايا اسم الخلايا الجذعية الكثيرة القدرة المستحثة Induced Pluripotent Stem Cells، أو Ips اختصاراً. لكن الخلايا الجذعية الكثيرة القدرة المستحثة لا تخلو من المشكلات. تنظّم جيناتها بطريقة مختلفة عن تنظيم الخلايا الجذعية المشتقة طبيعيا، ولم يتأكد الباحثون بعد من كيفية تأثير ذلك على سلوكها. لكن أبحاث الخلايا الجذعية الكثيرة القدرة المستحثة شهدت تزايداً كبيراً في العقدين الماضيين.
لدى الإناث عدد أقل من الخلايا
في أجسادهن مقارنة بالذكور.
ستعمل القدرات العلاجية للخلايا الجذعية في جميع أنحاء الجسم
علاجات الخلايا الجذعية قيد التطوير لمجموعة واسعة من الأمراض
1 مرض ألزهايمر Alzheimer’s Disease
توجد الخلايا الجذعية البالغة التي تعمل على إصلاح واستبدال العصبونات (الخلايا العصبية) Neuron القديمة في منطقة من الدماغ تسمى الحصين Hippocampus. في مرضى ألزهايمر، يثبطها بروتين يسمى النشواني بيتا 42. يعكف العلماء على تطوير أدوية جديدة لتقليل النشواني بيتا 42 Amyloid Beta 42، مما يمكّن هذه الخلايا الجذعية من القيام بعملها مرة أخرى.
2 داء السكري من النوع الأول (البنكرياس) Type 1 Diabetes (Pancreas)
يحدث داء السكري من النوع الأول Type 1 Diabetes بسبب فقدان الخلايا في البنكرياس التي تنتج الإنسولين، وهي الخلايا الجزيرية Islet Cells. زرعت خلايا جذعية بالغة من نخاع العظم في فئران مصابة بداء السكري، حيث دمجت في البنكرياس وحوّلت إلى خلايا جزيرية. وقد أجري ذلك أيضاً باستخدام الخلايا الجذعية البالغة من الأنسجة الدهنية مع تحقيق نتائج أفضل.
3 تلف العين Eye Damage
يمكن تحويل الخلايا الجذعية الجنينية إلى خلايا مبكرة مستقبلة للضوء أو ”سلفية“ Precursor في المختبر. تتمثل الفكرة في أنه يمكن بعد ذلك زرعها في شبكية العين Retina لاستعادة البصر. حتى الآن، جُرّبت هذه التقنية على القوارض فقط، ولا يزال العلماء يطورون الأدوات والبروتوكولات اللازمة لتطبيق هذه الأبحاث على البشر. وهذا أمر مكلف، لكن النتائج المبكرة على الفئران واعدة.
4 القصبة الهوائية Trachea
لإنشاء قصبة هوائية بديلة، تُزرع الخلايا الجذعية لنخاع العظم من المريض نفسه لتكون خلايا غضروفية في المختبر ثم توضع على سقالة بروتينية مصنوعة إما من قصبة هوائية متبرع بها أو من مادة اصطناعية. زرعت أول قصبة هوائية مُهندسة في المختبر في مريض في عام 2008، وتلاها المزيد.
5 القلب Heart
بعد التعرض لنوبة قلبية، تموت عضلة القلب التي حُرمت من الأكسجين، ولا يوجد حالياً الكثير مما يمكن فعله لإصلاحها. تعمل التجارب السريرية الجارية حالياً على استخراج الخلايا الجذعية، القادرة على التحول إلى خلايا قلبية، من نخاع عظام المرضى. وبعد ذلك تُحقن هذه الخلايا مرة أخرى في قلب المريض للمساعدة على إصلاح الأنسجة التالفة.
6 الركبة Knee
استُخدمت الخلايا الجذعية البالغة من نخاع العظم أو الأنسجة الدهنية للمريض لإصلاح التهاب مفصل الركبة. تُجنى الخلايا أو تُزرع أو ”توسّع“ في المختبر ثم يعاد حقنها مرة أخرى في ركبة المريض المتضررة. أفادت العديد من الدراسات عن انخفاض الألم وزيادة مدى الحركة وتحسين جودة الغضروف.
إصلاح القلب بالخلايا الجذعية
قد تنتج أمراض القلب عن الأوعية الدموية المسدودة أو التالفة حول القلب، والتي ينبغي استبدالها أثناء جراحة القلب. يمكن استخدام الخلايا الجذعية المزروعة من جسدك لإصلاح الضرر.
1 التجميع Gathering
تُعزل الخلايا الجذعية وتُعالج بالبروتينات لحثها على التحوّل إلى أنواع الخلايا اللازمة لتكوين الأوعية الدموية. يقل احتمال أن تحفّز الخلايا الجذعية المأخوذة من المرضى أنفسهم الجهاز المناعي.
2 الحَضانة Incubating
تُختار مادة السقالة Scaffold المناسبة التي ستنمو عليها الخلايا. ويجب أن يمكنها تحمّل ضغط الدم المرتفع، وأن تكون مرنة بحيث تتمدد وتنكمش مع التغيرات في تدفق الدم وأن يكون لديها القدرة على التحلل بمرور الوقت.
3 الإنماء Growing
تُنمى الخلايا على سقالة أسطوانية داخل مفاعل حيوي Bioreactor – وهي حاضنة مصممة خصيصاً. يسمح المفاعل الحيوي للعلماء بزراعة نوع من الخلايا داخل السقالة ونوع آخر خارجها.
4 الزرع Implanting
بمجرد أن تغلّف السقالة بالخلايا، تُزرع في جسم المريض لتستبدل الأوعية الدموية التالفة. إذا كانت الخلايا من جسم المريض نفسه، فمن غير المرجّح أن يرفض الطُعم Gopdsxz90raft.
5 الشفاء Healing
مع تعافي المريض، يُدمج الوعاء المُهندس في الجسم. تحطم الخلايا السقالةَ وتبني خلاياها الخاصة، فيتشكل وعاءٌ بيولوجي بالكامل.
الخلايا الجذعية بالأرقام
200 العدد التقديري للخلايا المتخصصة بجسم الإنسان
%40 من عمليات زرع الخلايا الجذعية لغير الأقارب تكون دولية-
حيث يعيش المتبرع في بلد مختلف عن بلد المتلقي
مليون
عملية زرع للخلايا الجذعية المكونة للدم (نخاع العظم أو الدم)
أجريت في معظم أنحاء العالم بحلول ديسمبر 2012
1 مليون
أمريكي عولجوا بخلاياهم الجذعية في منتصف ثمانينات القرن العشرين
96 مليون
خلية ينتجها الذكر البالغ في الدقيقة
96 مليون
خلية يفقدها جسد الذكر البالغ في الدقيقة الواحدة
3.72 × 1013
خلية تشكّل جسد ذكر الإنسان المتوسط