درجة حرارة عطارد الحارقة قد تسمح بتكون جليد
بقلم: إليزابيث هاول
هل يمكن لمدار عطارد القريب حول الشمس أن يساعد هذا الكوكب على توليد الجليد؟ يبدو الأمر متناقضا، لكن تحليلا حديثا لكيميائية سطح الكوكب يشير إلى أن الجليد المولد بالحرارة قد يكون أمرا ممكنا بالفعل.
على الرغم من ارتفاع درجات الحرارة خلال النهار على كوكب عطارد إلى 430˚س، يمكن أن يتشكل الجليد في الفوهات المحمية من الشمس. وهناك يتعرض السطح للفضاء البارد -حرارته نحو 200˚س تحت الصفر.
لقد علمنا بهذا الجليد قبل نحو عشر سنوات بفضل مشاهدات المركبة الفضائية ميسنجر MESSENGER (اختصار: سطح عطارد، وبيئة الفضاء، والكيمياء الجيولوجية وتعيين المدى Mercury Surface, Space Environment, Geochemistry and Ranging) التي توقفت عن العمل حاليا. ولكن تفسير كيفية وصول بعض الجليد إلى هناك، من الناحية الكيميائية، لا يزال قيد البحث. وأظهرت دراسة جديدة كيف يمكن أن يتجمع الماء على السطح حتى في ظل درجات الحرارة شديدة الارتفاع.
قال المؤلف الرئيسي، برانت جونز Brant Jones: «ليست هذه فكرة غريبة غير متوقعة. لقد لوحظت الآلية الكيميائية الأساسية عشرات المرات في الدراسات منذ أواخر ستينات القرن العشرين، لكن ذلك كان على أسطح محدودة. إلا أن تطبيق هذه الكيمياء على الأسطح المعقدة مثل تلك الموجودة على كوكب هو بحث ثوري».
تحتوي المعادن الموجودة على سطح عطارد على مجموعات من ذرات الأكسجين والهيدروجين المرتبطة والمعروفة بالهيدروكسيلات Hydroxyls. أما البروتونات من الرياح الشمسية- أي التدفق المستمر للجسيمات المشحونة من الشمس؛ فشائعة على سطح الكوكب، إذ لا يوجد مجال مغناطيسي كافٍ لصد هذه الجزيئات.
تشير النمذجة الحاسوبية Model لهذه الدراسة إلى أن المجال المغناطيسي قد يدفع البروتونات- وهي جسيمات تحت (دون) ذرية موجبة الشحنة- إلى الهجرة عبر عطارد، ومن ثمّ يمكن للبروتونات أن تزرع نفسها في التربة ومجموعات الهيدروكسيل. وتعمل حرارة الشمس الحارقة على تنشيط مجموعات الهيدروكسيل، مما يجعلها تتصادم مع بعضها البعض. وينتج الماء من هذه الارتطامات، وهو مؤلف أيضاً من الهيدروجين والأكسجين، ولكن بنسب مختلفة، إضافة إلى تحرير الهيدروجين الإضافي الذي يغادر السطح ويهب فوق عطارد.
أما جزيئات الماء؛ فبعضها يتحلل بفعل أشعة الشمس ويتفكك إلى مكوناته الأولية. وتتسرب جزيئات الماء الأخرى من السطح وتطير إلى الفضاء. ومع ذلك، فإن بعض جزيئات الماء تفلت من هذه المصائر وتهبط بدلاً من ذلك على قطبي عطارد، فتصب في فوهات مظللة على الدوام.
وهناك، يمكن للجزيئات أن تبقى، إذ ليس لعطارد غلاف جوي سميك يمكنه أن يؤثر بشكل أكبر في جزيئات الماء عن طريق توصيل الحرارة، مثلاً. في حين يبدو هذا كله وكأنه عملية خفية، إلا أن الجليد المائي سيتراكم بمرور الزمن.
وتقترح النمذجة الحاسوبية إلى أنه خلال ثلاثة ملايين سنة، سيجمع عطارد ما يقرب من 10 تريليونات كغم من جليد الماء، وهو ما يقرب من %10 من الجليد المرصود على هذا الكوكب. وقد يكون الجليد المتبقي قد وصل من عوالم صغيرة مثل الكويكبات والمذنبات والنيازك.