تلسكوبات كاسيغرين
تلسكوبات شميت-كاسيغرين هي واحدة من أكثر التلسكوبات رواجا بين الفلكيين الهواة والخبراء
تلسكوب شميدت-كاسيغرين، كما يوحي اسمه، هو تلسكوب هجين؛ فهو يدمج تصميم التلسكوب الذي ابتكره صانع العدسات الألماني (شميت) مع ذلك الذي ابتكره صانع البصريات الفرنسي (كاسيغرين). ولفهم كيفية عمل التلسكوب، يستحب إلقاء نظرة على التصاميم الأصلية التي تطور منها: صمم تلسكوب شميدت الذي يسمى أحيانا كاميرا شميت، في عام 1930 برنارد شميت لإنتاج مجال واسع ومسطح للرؤية. كان يوضع فيلم فوتوغرافي على المستوى البؤري للمرآة الكروية، لإن تصميم هذا التلسكوب لم يكن مخصصا للاستخدام البصري مطلقا. ولأن المرآة كروية، فهي تشوّه الصورة، ومن ثمَّ يجب تغيير الضوء الداخل إلى التلسكوب بطريقة تُضاد هذا التشويه الناتج من المرآة الكروية. ويعرف ذلك باللوحة المصحِّحة Corrector plate، وهي نافذة زجاجية ذات شكل خاص وتثبّت في الفتحة الأمامية للتلسكوب. أما تلسكوب كاسيغرين، على عكس التلسكوب النيوتوني، فلا يعكس الصورة إلى نقطة محورية عبر جانب الأنبوب، بل يُعيد عكسها باتجاه المرآة الرئيسية أو الأولية عبر ثقب صغير في وسط هذه المرآة بحيث تُركَّز وراء أنبوب التلسكوب.
اخترع تلسكوبَ شميدت كاسيغرين الهجين في عام 1940 جيمس غيلبرت بيكر، وهو يجمع بين البصريات الكروية واللوحة المصحّحة لكاميرا شميت مع ثقب كاسيغرين المركزي في المرآة الأولية وتأثيرات تسطيح المجال البصري للمرآة الثانوية لإنتاج نظام يمكن النظر من خلاله والتقاط الصور الفوتوغرافية، وهو يتسم بحجمه المدمج وتكلفة إنتاجه الزهيدة نسبيا. وقد حقق رواجا لدى الفلكيين الهواة لأنه يزودهم بتلسكوب ذي بُعد بؤري متوسط، وهو أمر جيد لرصد القمر والكواكب ولمشاهدة وتصوير السماء العميقة، وكل ذلك في “حزمة” مدمجة. وقد ساعدت شركة سيليسترون لصناعة التلسكوبات التجارية على تعزيز شعبيته في ستينات وسبعينات القرن العشرين من خلال تركيبه على قاعدة شوكية سهلة الاستخدام. كما أدركت شركة العدسات الأمريكية ميد بسرعة الإمكانات التصميمية لهذا التلسكوب، ومن ثم صنعت تلسكوباً منافساً لما تنتجه سيليسترون، لكن خصائصه مشابهة. وقد ثبت أن ذلك مفيد للمشترين المحتملين، إذ أدت المنافسة إلى انخفاض الأسعار، كما حفّزت الشركات على ابتكار أفكار لتعزيز تجربة المستخدم في استعمال تلسكوباتها. وشمل ذلك أنظمة “غوتو” المحوسبة والعديد من الإضافات البصرية والميكانيكية على كل من التلسكوب والقاعدة. وقد أنتجت فتحات متباينة الحجم من قبل كل من الشركتين، مع استخدام الفتحات الرائجة بقطر 8 بوصات كنقطة انطلاق، وصولا إلى فتحة كبيرة جدا تبلغ 16 بوصة في منتجات ميد. وبسبب أحجام الفتحات المختلفة، والعدسات البصرية ذات النوعية الجيدة والملحقات العديدة لهذه التلسكوبات فضلا عن سهولة تعديل التلسكوبات للاستخدام البصري والتصوير على حد سواء، أصبحت تلسكوبات شميت-كاسيغرين مرادفا في الدوائر الفلكية للهواة لتعدد الاستخدامات والتكلفة الميسورة. وقد التقطت أفضل الصور الفلكية للهواة باستخدام هذه الأدوات الشديدة الرواج.