ترايسيراتوبس
باعتباره واحدا من أشهر الديناصورات، كان التريسيراتوبس عملاقا عاشبا على الرغم من كونه مجهزا تماما للقتال
التريسيراتوبس هو جنس من الديناصورات العاشبة التي تضم نوعين مؤكدين- التريسيراتوبس هوريدوس والتريسيراتوبس برورسوس، وكلاهما جاب الأرض خلال العصر الطباشيري المتأخر (قبل 65-68 مليون سنة) قبل إبادتها في حدث الانقراض الجماعي K-T الذي محا جميع الديناصورات من الوجود.
كان الترايسيراتوبس حيوانا ضخما يشبه وحيد القرن، وكان يزن العديد من الأطنان- يتوقع أن وزن الحيوان البالغ كان أكثر من 7 أطنان. وكان مدججا بالدروع مع قرون من العظم المقوّى، والتي تجاوز طولها 70 سم، مع هدب من العظم الصلب، كما كان بالغ القوة بفضل هيكله المتين. وجعلت هذه الصفات مجتمعة كلا من نوعي الترايسيراتوبس خصما مخيفا للمفترسات المحتملة، فكان بوسعه اختراق لحومها وتحطيم عظامها بقرونه الحادة عند الانقضاض عليها.
ومن حيث التشريح (لمزيد من التفاصيل، انظر إطار “تشريح التريسيراتوبس”)، فإن جنس الترايسيراتوبس مثير للاهتمام بشكل مذهل، لأسباب ليس أقلها أن العديد من وظائف أجزائه لا تزال حتى اليوم محلا للنقاش في أوساط علم الأحافير. ومن الأمثلة الجيدة على ذلك تحليل جمجمة نموذجية للتريسيراتوبس، والتي تميزت- بخلاف حجمها الهائل البالغ مترين- بثلاثة قرون إضافة إلى هدب خلفي ضخم تحفره الأخاديد.
وقد أثبت علماء الأحافير أن القرون، التي تحدد اسم الجنس، والهدب، قد استخدمت للدفاع عن النفس ضد المفترسات، حيث كشف الفحص الدقيق للعينات عن وجود ندوب وجروح، وثقوب، وكسور ناجمة عن القتال. ولكن، يفترض العلماء المعاصرون أيضا أن سمات الجمجمة هذه، جنبا إلى جنب مع الطبيعة الممدودة للجمجمة نفسها، يرجّح أيضا أنها تطورت كوسائل مساعدة للغزل، حيث اختير الزوج المحتمل بناء على حجم وشكل هذه السمات. وقد اقترح أيضا أن الأهداب قد ساعدت الترايسيراتوبس على تنظيم درجة حرارة جسمه بطريقة مماثلة للستيغوسورس المثقل بالألواح المدرعة (الذي يعني اسمه “سحلية السقف”، أو “السحلية المغطاة”).
ومن المناطق التشريحية المهمة الأخرى أن ديناصورا ضخما كهذا كان له منقار ووركين تشبه مثيلاتها في الطيور. وبسبب هذه السمات الخاصة، فقد استخدم الباحثون هذا الجنس كنقطة مرجعية لتعريف جميع الديناصورات- أي أن جميع الديناصورات هي أحفاد السلف المشترك الأخير للترايسيراتوبس، وعلى هذا النحو، فهذا السلف المشترك هو أيضا جد الطيور السائدة في جميع أنحاء العالم اليوم. ومن المهم هنا ملاحظة أن الطيور الحديثة لم تنحدر من الترايسيراتوبس مباشرة، بل من سلف مشترك مع جميع الديناصورات الأخرى؛ فقد نشأت الطيور الحديثة في الواقع من نوع من الديناصورات هو سحليات الورك.
لقد تحدد الغذاء الأساسي للترايسيراتوبس إلى حد كبير- كما تطوّر على الأرجح بالترافق مع- وضعيته المنخفضة ورأسه المتدلي على مقربة من الأرض. ونتيجة لهذه العوامل، فضلا عن منقاره العميق والضيق وأطقمه من الأسنان الحادة، يرجّح أن كلا من نوعي الترايسيراتوبس كان يلتهم كميات كبيرة من السراخس المحدودة النمو والنخيل وأشجار السيكاسية، حيث كانت تقطف النباتات بمناقيرها وتمزق المواد الليفية بأسنانها. وكانت المفترسات المحتملة الرئيسية للترايسيراتوبس هي الديناصورات الثيروبودية الآكلة للحوم مثل التيرانوصورس ريكس. فعلى الرغم من أن الصور الحديثة لهذين الجبارين من عصور ما قبل التاريخ غالبا ما تتسم بالمبالغة، فقد اكتُشفت عينات للتريسيراتوبس تحمل علامات لعضات التيرانوصورس ريكس ومنها عينة قُطع فيها أحد قرني الحاجبين بالكامل.