السيارات الكهربائية
قد لا تزال السيارات التي تعمل بالبنزين والديزل تهيمن على الطرق، لكن أيامها باتت معدودة. وجدت دراسة حديثة أجراها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT أنه يمكن استخدام السيارات الكهربائية الحالية بصورة مُجدية في 87 في المئة من الرحلات اليومية بالسيارات في الولايات المتحدة. ومن الممكن أن يرتفع هذا الرقم إلى 98 في المئة بحلول عام 2020.
ومن بين العقبات التي تعترض سبيل اعتماد السيارات الكهربائية على نطاق واسع، نجد “قلق المدى”- أي مخاوف السائقين من نفاد شحن البطارية أثناء الرحلة. ففي حين توجد محطات البنزين على مسافات ملائمة عبر شبكات الطرق الوطنية، فإن البنية التحتية لمحطات الشحن كهربائية لا تزال قيد التطوير. ومع ذلك، فقد صارت نقاط الشحن شائعة على نحو متزايد. وفي اليابان، على سبيل المثال، نجد أن عددها يفوق عدد محطات البنزين في الوقت الحالي.
لقد تغيرت المواقف تجاه المركبات الكهربائية بشكل كبير للغاية خلال السنوات القليلة الماضية. وقبل فترة ليست بالطويلة، كان يُنظر إلى السيارات الكهربائية بعين السخرية، كما كانت أسعارها الباهظة تُنفّر العملاء. وبفضل التحسينات التي أجريت على سعة البطارية، وأزمنة إعادة الشحن، والأداء والسعر، فقد بدأ الجيل الحالي من السيارات الكهربائية بتغيير رأي المنتقدين. وعما قريب، ستتمكن السيارات القابلة للشحن من مضاهاة الجدوى الاقتصادية للسيارات التي تعمل بمحركات الاحتراق الداخلي. وبحلول عام 2022، يتوقع الخبراء أن يكون امتلاك سيارة تعمل بالبطارية أرخص من امتلاك سيارة تقليدية.
وإضافة إلى ما تحقق من تقدم على الطرق، فقد بدأت العربات الكهربائية تنطلق أيضا إلى البحار والسماء. تُعد القوارب الكهربائية من بين أقدم طرق السفر بالطاقة الكهربائية، فقد حظيت بعدة عقود من الرواج من أواخر القرن التاسع عشر إلى أوائل القرن العشرين، قبل أن تحل محلها المحركات الخارجية التي تعمل بالبنزين. أما الآن، فإن التوجه العالمي نحو مصادر الطاقة المتجددة يُعيد القوارب الكهربائية إلى الساحة. وكذلك يتم اتخاذ خطوات نحو السفر الجوي بالطاقة الكهربائية، إذ تعمل شركة أيرباص ووكالة “ناسا” وغيرهما من المؤسسات على تطوير واختبار الطائرات التي تعمل بالبطارية. والدروس المستفادة من هذه النماذج الأولية، جنبا إلى جنب مع التقدم المتواصل في تكنولوجيا صناعة البطاريات، قد تجعل الطيران التجاري بالطائرات الكهربائية حقيقة واقعة عما قريب.
لا تُطلق السيارات الكهربائية أي انبعاث. وإذا عملت الولايات المتحدة وفقا لدراسة معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا واستبدلت 87 في المئة من سياراتها بسيارات كهربائية، فسيقل الطلب الوطني على البنزين بنسبة 61 في المئة. ولكن، فلا يمكن الادعاء بأن عمليات إنتاج تلك السيارات والقوارب والطائرات، وتوليد الطاقة الكهربائية اللازمة لشحنها، هي عمليات خالية من الانبعاثات. ومع ذلك، فمع تزايد استخدام العديد من البلدان لمصادر الطاقة المتجددة، فستصبح السيارات الكهربائية أقل تلويثا للبيئة.
تِسلا مقابل فاراداي فيوتشر
استمدت الشركة اسمها من الفيزيائي الشهير نيكولا تِسلا Nikola Tesla، فقد تأسست تِسلا موتورز Tesla Motors في عام 2003 وخرجت من وادي السليكون في مهمة تتمثل بالتسويق الشامل للسيارات الكهربائية المتقدمة. وكانت رودستر Roadster هي السيارة الأولى للشركة، والتي كانت أول سيارة تجارية تستخدم بطاريات أيونات الليثيوم، والتي أثبتت للمنتقدين أن السيارات الكهربائية قد تمثّل المستقبل. وفي عام 2012 ، ظهر طراز تِسلا الثاني، وهو الموديل S، والذي مثّل أول سيارة صالون كهربائية فاخرة، وسرعان ما تبعه الموديل X، وهو سيارة رياضية متعددة الأغراض. وتعكف شركة تِسلا حاليا على صنع الموديل 3، الذي سيخرج من خط الإنتاج في أواخر عام 2017. وتهدف الشركة إلى أن يكون الموديل 3 أرخص سيارات تِسلا حتى الآن، وسيستفيد من التقدم الذي أحرزته الطرازات السابقة.
ومن بين المنافسين الجدد لشركة تِسلا في سوق السيارات الكهربائية، نجد شركة فاراداي فيوتشر Faraday Future، والتي تستمد اسمها من رائد الكهرومغناطيسية، مايكل فاراداي Michael Faraday. ولكونها تأسست في عام 2014، لا تزال هذه الشركة الفتية في المراحل الأولى من إنتاج سيارتها الافتتاحية، وهي السيارة الفائقة FFZero1 العالية التقنية، والتي تعمل بالكهرباء بالكامل. وفي الوقت الحاضر، لا تتوفر سوى نماذج أولية، لكنها أبهرت النقاد بالفعل بمظهرها المستقبلي وبمواصفات الأداء التي تُعد الأعلى في فئتها. وقد اجتذب الطراز اهتمام مجتمع سباقات السيارات، فتم تسجيل سيارات فاراداي فيوتشر للمشاركة في سباقات الفورمولا E في موسم 2016/ 2017.http://howitworks.aspdkw.com/wp-content/uploads/2017/05/PR_Credit-Tesla_Supercharger-station.jpg
قد لا يكون لدى الشركة أي سيارة على حلبة السباق حتى الآن، لكنها تعدُ بتصميم مبتكر سيثبت جدارته بالبقاء. وتعمل البنية المعمارية ذات المنصة المتغيرة Variable Platform Architecture (اختصارا: VPA) كمنصة أساسية للسيارة FFZero1. وتتسم البنية VPA بقدرتها العالية على التكيّف، كما يمكن إضافة البطاريات أو نزعها لتغيير الوزن، والقدرة، والمدى. ولتحويل الرؤية إلى نتيجة عملية، يتم استخدام تكنولوجيا الواقع الافتراضي لرؤية السيارة خلال مراحل تطويرها، في حين تمكّن الطباعة الثلاثية الأبعاد من نقل الأفكار من مرحلة الفكرة إلى الرسم التخطيطي إلى الطراز الأولي في أسرع وقت ممكن. وسوف تستخدم هذه التقنيات عبر كامل أسطول سيارات فاراداي فيوتشر، والتي ستظهر على الطرق في عام 2018 وفقا للتقديرات الحالية.
بناء بطاريات أفضل
كيف سيتمكن إنتاج وحدات توليد الطاقة من مواكبة الطلب المتزايد على السيارات الكهربائية؟
على مدى العقود القليلة الماضية، تحقق تحسّن مستمر في كفاءة وقدرة البطاريات. ومن بين المشكلات التي لا تزال قائمة، نجد أنه من أجل تزويد السيارة بما يكفي من القوة، تكون وحدات البطارية ضخمة وثقيلة الوزن. وتزوّد بطاريات أيونات الليثيوم معظم السيارات الكهربائية الحالية بالطاقة ، لكن التقنيات الجديدة سيمكنها تقديم بدائل أفضل. فلا تزال بطاريات الليثيوم-الهواء في مرحلة الأبحاث، لكن بوسعها تخزين عشرة أضعاف الطاقة التي يمكن أن تخزنها خلايا أيونات الليثيوم بالحجم نفسه؛ مما يجعلها مشابهة للبنزين أو الديزل من حيث كثافة الطاقة. جارٍ تطوير بطاريات أسلاك الذهب النانوية لمواجهة عمليات إعادة الشحن المنتظمة، بحيث يمكن استخدامها لفترة تزيد بأكثر من 400 ضعف على نظيراتها من بطاريات أيونات الليثيوم.
والشركة الرائدة في هذا المجال هي تِسلا. ففي عام 2014 بدأت الشركة إنشاء مصنعها العملاق غيغافاكتوري Gigafactory، وهو مجمع جديد لإنتاج البطاريات بالشراكة مع باناسونيك. ويقع المصنع في شارع “الجادة الكهربائية” Electric Avenue، وهو اسم على مسمى، في سباركس بنيفادا، وسيعمل بكامل طاقته الإنتاجية بحلول عام 2020. وعند الوصول إلى هذه المرحلة، سيتمثل الهدف بأن يُنتج المصنع العملاق عددا أكبر من بطاريات أيونات الليثيوم مما أنتجه العالم بأسره في عام 2013. وفي الوقت الحالي، لم تكتمل سوى 14 في المئة من منشآت المصنع الذي تبلغ تكلفته خمسة بلايين دولار، وتهدف تِسلا إلى إكمال وتشغيل أجزاء من المصنع في عام 2017 بحيث يمكن استخدام البطاريات في طرازها القادم، الموديل
3 (Model 3).