الأميبات آكلة الدماغ تتحرك
بقلم: راشيل ريتنر
حدثت عدوى الأميبا المميتة “الآكلة للدماغ” تاريخياً في جنوب الولايات المتحدة، لكن خلال السنوات الأخيرة ظهرت حالات في أقصى الشمال، ويرجّح أن يكون ذلك بسبب التغير المناخي. فعلى مدى 40 سنة عكف باحثون من مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها Centers for Disease Control and Prevention (اختصارا: المراكز CDC) على فحص حالات هذه الأميبا الآكلة للدماغ، والمعروفة باسم نيغليريا فاوليري (النيغلرية الفولرية) Naegleria fowleri، في الولايات المتحدة. فقد وجدوا أنه على الرغم من أن عدد الحالات التي تحدث كل عام ظل كما هو تقريباً، إلا أن النطاق الجغرافي لهذه الحالات كان يتحول شمالاً، مع ظهور المزيد من الحالات في ولايات الغرب الأوسط أكثر من ذي قبل.
نيغليريا فاوليري هي كائن وحيد الخلية يوجد طبيعياً في المياه العذبة الدافئة، مثل البحيرات والأنهار، لكنه يسبب عدوى دماغية مدمرة تُعرف بالتهاب السحايا والدماغ الأميبي الأولي Primary amoebic meningoencephalitis (اختصارا: الالتهاب PAM)، وهي مميتة في معظم أنحاء العالم تقريباً. وتحدث العدوى عندما تدخل المياه الملوثة عبر أنف الشخص، مما يسمح للكائن الحي بدخول الدماغ عبر الأعصاب الشمية Olfactory nerves- المسؤولة عن حاسة الشم- وتدمير أنسجة الدماغ. فالعدوى لا تنتج من ابتلاع المياه الملوثة.
نظراً لأن نيغليريا فاوليري تزدهر في المياه الدافئة- حتى °45س – فمن المحتمل أن ارتفاع درجات الحرارة العالمية قد يؤثر في النطاق الجغرافي لهذه المخلوقات. فقد حلل الباحثون حالات أمريكية لــنيغليريا فاوليري مرتبطة بالتعرض الترفيهي للمياه، مثل السباحة في البحيرات أو البرك أو الأنهار أو الخزانات، ما بين عامي 1978 و2018، فتعرفوا على ما مجموعه 85 حالة من نيغليريا فاوليري التي تفي بمعايير دراستهم- كالحالات التي ربطت بالتعرض للمياه الترفيهية وتضمنت بيانات الموقع، مثلاً.
خلال هذه الفترة، ظل عدد الحالات المُبلَّغ عنها سنوياً ثابتاً إلى حد ما، إذ تراوح بين 0 إلى 6 حالات سنوياً. وحدثت الغالبية العظمى من الحالات، 74 حالة، في الولايات الجنوبية، لكنه أبلغ عن ست حالات في الغرب الأوسط، بما في ذلك ولايات مينيسوتا وكانساس وإنديانا. ومن هذه الحالات الست حدثت خمس حالات بعد عام 2010.
وإضافة إلى ذلك، فقد وجد الباحثون الذين استخدموا نموذجاً لفحص الاتجاهات في أقصى خط عرض للحالات سنوياً أن خط العرض الأقصى قد تغير بنحو 8.2 ميلاً شمالاً سنوياً خلال فترة دراستهم. وحلّل الباحثون أيضاً بيانات الطقس من تاريخ حدوث كل حالة تقريباً، فوجدوا أنه في المتوسط كانت درجات الحرارة اليومية في الأسبوعين السابقين لكل حالة أعلى من المتوسط التاريخي لكل موقع. وذكر الباحثون أنه “يحتمل أن يساهم ارتفاع درجات الحرارة وما يترتب عليه من زيادة في الاستخدام الترفيهية للمياه، مثل السباحة والرياضات المائية، في تغيير وبائيات التهاب السحايا والدماغ الأميبي الأولي”.
و الجهود المبذولة لتوصيف حالات التهاب السحايا والدماغ الأميبي الأولي، مثل معرفة متى وأين تحدث هذه الحالات والوعي بالتغيرات في نطاقها الجغرافي، قد تساعد على التنبؤ بمتى تكون زيارة مواقع السباحة الطبيعية أكثر خطورة. ونظراً لعدم وجود اختبار سريع للنيغليريا فاوليري في الماء، فإن الطريقة الوحيدة المؤكدة لمنع هذه العدوى هي تجنب السباحة في المياه العذبة الدافئة. فإذا اخترتَ السباحة في المياه العذبة الدافئة، يمكنك محاولة تجنب دخول المياه إلى أنفك عن طريق إغلاق أنفك أو استخدام مشابك الأنف أو إبقاء رأسك فوق الماء.