اكتشف العلماءُ فيروساتٍ ضخمةً تلتهم البكتيريا
بقلم: ياسمين سابلاكوغلو
تكمن فيروسات ضخمة قاتلة للبكتيريا في النظم الإيكولوجية حول العالم، من الينابيع الحارة إلى بحيرات وأنهار المياه العذبة. مؤخراً، اكتشفت مجموعة من الباحثين بعض هذه المخلوقات المعروفة بالبكتريوفاجات (لاقمات البكتيريا) Bacteriophages والتي هي من الضخامة والتعقيد بحيث تطمس الخط الفاصل بين الأحياء وغير الأحياء، وفقاً لنتائج جديدة.
البكتريوفاجات، هي فيروسات تصيب بعدواها البكتيريا على وجه التحديد. ولا تعتبر البكتيريوفاجات والفيروسات الأخرى كائنات حية؛ لأنها لا تستطيع تنفيذ العمليات البيولوجية من دون مساعدة وآلية خلوية لكائن حي آخر.
هذا لا يعني أنها غير ضارة: فالبكتيريوفاجات هي المحرك لتغيير النظام الإيكولوجي لأنها تفترس مجموعات من البكتيريا، وتغير خصائصها الأيضية، وتنشر مقاومة المضادات الحيوية وتحمل عوامل تسبب المرض في الحيوانات والبشر، وفقاً لعلماء من جامعة كاليفورنيا.
لمعرفة المزيد عن تلك المخلوقات الغازية المخادعة، بحث العلماء في قاعدة بيانات الحمض النووي DNA التي أنشؤوها من العينات التي جمعوها هم وزملاؤهم من نحو 30 بيئة مختلفة حول العالم، بدءاً من أحشاء البشر وحيوان الموظ Moose في ألاسكا إلى مفاعل حيوي في جنوب إفريقيا وينبوع حار في التبت.
ومن هذا الحمض النووي اكتشفوا 351 بكتيريوفاج ضخمة تحتوي على جينومات أكبر بأربعة أضعاف أو أكثر من جينوم البكتيريوفاجات المتوسطة. ومن بين تلك كان لأكبر بكتيريوفاج عُثر عليها حتى الآن جينوم مكون من 735,000 زوج قاعدي Base pairs- وهي أزواج النوكليوتيدات التي تشكل درجات البنية “الشبيهة بالسلم” لجزيء الحمض النووي- أو أكبر بنحو 15 ضعف من البكتيريوفاج المتوسط. فعلى سبيل المقارنة، فإن الجينوم البشري يحتوي على نحو ثلاثة بلايين زوج قاعدي.
قالت جيل بانفيلد Jill Banfield، أستاذة علوم الأرض والكواكب من جامعة كاليفورنيا، إن هذه البكتيريوفاجات “هجينة بين ما نعتقد أنه فيروسات تقليدية وكائنات حية تقليدية” مثل البكتيريا والعتائق Archaea. ويتسم جينوم هذه البكتيريوفاجات الضخمة بكونه أكبر بكثير من جينومات العديد من البكتيريا.
وجد الباحثون أن العديد من الجينات المُرَمِّزة للبروتينات غير معروفة لنا حتى الآن، ووجدوا أن البكتيريوفاجات تحتوي على عدد من الجينات غير النموذجية للفيروسات لكنها نموذجية للبكتيريا. وبعض هذه الجينات هي جزء من منظومة تستخدمها البكتيريا لمحاربة الفيروسات، والتي حوّرها البشر لاحقاً لتحرير الجينات- وهي تقنية تسمى كريسبر-كاس 9 CRISPR-Cas9.
لا يعرف العلماء على وجه اليقين، لكنهم يعتقدون أنه بمجرد حقن هذه البكتيريوفاجات لحمضها النووي في البكتيريا، فإن نظام كريسبر CRISPR في البكتيريوفاجات يقوي نظام كريسبر لدى البكتيريا. وبهذه الطريقة، فإنه يمكن لنظام كريسبر المدمج أن يساعد على استهداف البكتيريوفاجات الأخرى- أي التخلص من المنافسة.