اكتشاف ضريح روماني وسط أنقاض أحد مواقع البناء في لندن
يعد الضريح Mausoleum الروماني الفريد من نوعه الذي يعود تاريخه إلى ألفي سنة، والذي ظهر من بين أنقاض موقع للبناء في وسط لندن أكثر ضريح ظل على حاله يُكتشف في المملكة المتحدة على الإطلاق. فالقبر الضخم الذي بقيت منه جدران منخفضة ودرجات وأرضيات داخلية مرصع بفسيفساء مكونة من قطع صغيرة حمراء اللون، كل منها مزينة بزهرة محاطة بدوائر متحدة المركز، كما تناثرت على أرضية المقبرة أكثر من 100 قطعة نقدية. لم يعثر علماء الآثار على الفسيفساء الثانية إلا عندما حفروا تحت الأولى، مما يشير إلى أن أرضية الضريح قد رُفعت مرة واحدة على الأقل عندما كانت لا تزال تستخدم للدفن.
قالت أنطونييتا ليرز ،Antonietta Lerz كبيرة علماء الآثار في متحف آثار لندن Museum of London Archeology (اختصاراً: المتحف MOLA)، إن هذا الاكتشاف، الذي يقع داخل منطقة ساوثوارك Southwark بوسط المدينة، ”يزودنا بإطلالة رائعة على ظروف المعيشة وأسلوب الحياة في هذا الجزء من المدينة في العصر الروماني“.
في عهد الإمبراطور كلاوديوس ،Emperor Claudius أسس الغزاة الرومان لندن، أو لوندينيوم ،Londiniumفي عام 47 للميلاد تقريباً، وحكموا المدينة حتى أوائل القرن الخامس، عندما أجبرهم تضاؤل الموارد العسكرية والتوغلات عبر بقية أجزاء الإمبراطورية على الانسحاب من بريطانيا. يحمل الكشف الأثري الأخير علامات هذا الانحسار. قالت ليرز: ”هذا الموقع الصغير نسبياً في ساوثوارك هو مثال مصغر على تغير ثروات لندن الرومانية – من المرحلة الأولى للموقع حيث توسعت لندن واحتوت المنطقة على مبانٍ رومانية زيّنت ببذخ، وصولاً إلى الفترة الرومانية اللاحقة عندما تقلصت المستوطنة وصارت مساحة هادئة يتذكر فيها الناس موتاهم“.
كان من المفترض أن يحتوي الضريح في الأصل على توابيت وقطع أثرية أخرى متعلقة بالدفن، ولكن لم يُعثر على أي منها في الهيكل نفسه. لكن التنقيب في الموقع المحيط بالنصب التذكاري كشف عن عناصر من العصر الروماني تنتمي إلى أكثر من 80 مقبرة، بما في ذلك أساور نحاسية وخرز زجاجي وآنية من الفخار ومشط من العظم. سيفحص علماء الآثار هذه القطع الأثرية المستخرجة من أجل التوصل إلى فهم أفضل للماضي الروماني في وسط لندن.
لم يكن الضريح متاحاً سوى لأفراد المجتمع الأثرياء فقط، والذين ربما استخدموه كمقبرة عائلية أو انضموا إلى ”ناد للدفن“، الذي تطلب دفع رسوم شهرية لتأمين قبر في المستقبل. يشير ما تبقى من الهيكل إلى أنه كان مبنى من طابقين وبه دعامات كبيرة في الزوايا لتوفير الدعم. وربما فكّكت جدرانه العالية لإعادة استخدامها في مكان آخر خلال فترة العصور الوسطى. وبالداخل، توجد منصة مرتفعة مثبتة بملاط وردي وتحتوي على كسر من الفخار والطوب، وهي مادة بناء رومانية واسعة الاستخدام تُعرف بـ”الملاط المدكوك“ ،Opus signinumوالتي تشير إلى مواقع الدفن حول 3 جوانب من الضريح.
بقلم: ساشا بير