اكتشاف الجزر البولينيزية
عن طريق الإبحار إلى المجهول على زوارق الكانو المصنوعة يدوياً، اكتسب الملاحون الماهرون وطنهم منذ آلاف السنين
بقلم: إيلسا هارفي
عندما اكتشف الأوروبيون الأوائل أخيراً جزر المحيط الهادي، اكتشفوا أنهم لم يكونوا أول من وجدها. في الواقع، فقد تأخروا مئات السنين. وكان الأشخاص الذين قابلوهم في هذه الجزر مشتتين عبر آلاف الكيلومترات، لكن لديهم معتقدات وعادات مماثلة. وكان هؤلاء هم سكان الجزر البولينيزية Polynesian islanders، وقد مكنتهم مهاراتهم الملاحية الممتازة من السفر لمسافات تزيد على 3,000 كم بين الجزر. وخلال رحلاتهم الشاسعة هذه اكتشفوا عدداً كبيراً من الجزر النائية، واحدة تلو الأخرى، وصاروا أول رجال يسيرون عليها.
عندما أنهت جماعات المتجولين عبر الجزر تجولها عبر البحار استقرت العائلات وشيدت منزلها في واحدة من 10,000 جزيرة بولينيزية. وبمرور الزمن في وجود مستوطنين دائمين في هذه الجزر، ظهرت ثقافات ومعتقدات وتنوعات لغوية جديدة أفرزت المجتمعات الحالية. ويُظهر تحليل الحمض النووي أن معظم المستوطنين البولينيزيين الأوائل ينحدرون من جنس واحد من البشر. فالدراسات التي أجريت على ماضيهم أدت إلى اعتقاد الغالبية أنهم نشؤوا في جنوب شرق آسيا، وغادروها في القوارب لتشكيل السكان الجدد. ويظهر طموح سكان هذه الجزر في الأدلة التي تتضح من المعدات التي جلبوها معهم وخبرتهم في الملاحة.
يستبعد الباحثون إمكانية اكتشاف ركاب قوارب الصيد الخفيفة Drifters للجزر بالمصادفة بسبب الموارد التي حملوها معهم لبدء حياة جديدة. فقد جلبوا الطعام والحيوانات على متن قواربهم، بما في ذلك ثلاثة حيوانات مستأنسة معروفة: الخنازير، والكلاب، والدجاج.
في وجود القوارب المزدحمة بالأشخاص والحيوانات والإمدادات، تعاملت المجموعات مع التقلبات الخطيرة للمحيط بصبر واحترام. وباعتبارها جزءا من الثقافة البولينيزية التي تعيش في منطقة تغمرها المياه من العالم، اعتمد هؤلاء الأفراد الشجعان والمثابرون الرحلات البحرية المفتوحة على الرغم من خطورتها، فكانوا يسافرون لعدة أسابيع في كل مرة. وعن طريق اتباع ونشر طرق الملاحة البحرية الناجحة تكيّف سكان الجزر على حركات المد والجزر بطريقة لا يمكن لمعظم البحارة المعاصرين إلا البدء في تخيلها. ففي غياب معظم التقنيات الموجودة حاليا، هل يمكن أن يعني ذلك أن أفراد هذا الشعب القديم هم أفضل الملاحين في معظم العصور؟