أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
فضاء

كيف نرصد الفضاء السحيق

الظواهر الطبيعية والأساليب الملهمة التي تمكّن وكالة ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية من اكتشاف أبعد الأجرام في الكون

بقلم: لي كافنديش

من الطبيعي أن نتساءل عما هو أبعد من حدود فهمنا الحالي. بعد استكشاف الأرض جاء استكشاف الكون، وعلى الرغم من أننا لا نستطيع زيارة أجرام أبعد من مجموعتنا الشمسية، فقد أئظهرت لنا التكنولوجيا الحديثة ما يكمن في أبعد تخوم الكون.
فالأجرام البعيدة التي رصدها الفلكيون مؤخراً هي مجرات بعيدة، تنبعث منها كميات وفيرة من الضوء، توفر أفضل فرصة لمشاهدتها من بعيد. يتحرك الضوء بسرعة محدودة- نحو 300,000 كم/ثانية،
وهو أسرع بكثير من أن تلتقطه العين البشرية. ولكن بالنظر إلى أن الكون متسع جدّاً، فربما لا يصل الضوء الذي يغادر جرماً في الفضاء السحيق إلى الأرض لملايين أو حتى بلايين السنين. ويستخدم علماء الفلك مصطلح «سنة ضوئية» Light year، وهي المسافة التي يمكن للضوء أن يقطعها خلال سنة واحدة، وتبلغ نحو 10 تريليونات كم.
وأحد الأسباب التي أدت إلى إنشاء وكالة ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية لتلسكوب هابل الفضائي Hubble Space Telescope هو البحث عن أجرام بعيدة في الكون. فقد التقط هابل العديد من صور «المجال العميق»، التي يرصد فيها رقعة من السماء السوداء ظاهريّاً ويجمع منها أكبر قدر ممكن من الضوء. وبعد إجراء بعض المعالجة الحاسوبية، فإن الصورة النهائية تُظهر آلاف المجرات التي تمثل بعضها أبعد الأجرام في الكون المرصود.
يمكن للفلكيين أيضاً التعرف على الكون المبكر من خلال رصد هذه المجرات. وعندما اكتشف علماء الفلك الجرم حامل الرقم القياسي الحالي لأبعد المجرات عنا، واسمه GN-z11، الذي يُرى من الأرض كما كان منذ 13.4 بليون سنة ضوئية، فهذا يعني أن الكون كان عمره 400 مليون سنة فقط عندما انطلق ضوء GN-z11 في رحلته عبر الفضاء وصولا إلى عدسة تلسكوب هابل. والخدعة الأخرى التي يستخدمها هابل لرصد الأجرام التي يصعب رؤيتها وتلك البعيدة التي قد تختبئ خلف أجرام أخرى أكثر سطوعاً، هي الاستعانة بانحناء الضوء بفعل الجاذبية. ويمكن لجاذبية عناقيد المجرات الضخمة أن تحني الضوء حولها بالطريقة نفسها التي تعمل بها العدسة الزجاجية. ويمكن لهذا أن يُظهر للفلكيين ما يحدث وراء هذه الأجرام البعيدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى